حماس تطالب بريطانيا بشطبها من قائمة الجماعات الإرهابية

قدمت حركة "حماس" طلبًا قانونيًا إلى الحكومة البريطانية تطلب فيه شطبها من قائمة الجماعات الإرهابية المحظورة. هذا الطلب يأتي في وقت حساس، بعد الهجمات التي نفذتها الحركة في 7 أكتوبر 2023 ضد جنوب إسرائيل، التي أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا.
وفي هذا السياق، تصر "حماس" على أنها ليست منظمة إرهابية بل "حركة تحرير فلسطينية" تسعى إلى تحرير فلسطين ومقاومة المشروع الصهيوني.
في الطلب الذي قدمته "حماس"، أكدت الحركة على موقفها الثابت بأن قرار الحكومة البريطانية بحظرها هو قرار جائر وغير مبرر. ووفقًا لما ورد في تقرير صحيفة "الغارديان"، فقد قدم موسى أبو مرزوق، رئيس العلاقات الدولية في الحركة، إفادة قانونية لوزيرة الداخلية البريطانية، إيفات كوبر، يشدد فيها على أن "حماس" تمثل حركة مقاومة شرعية، ولا تشكل تهديدًا مباشرًا لبريطانيا.
وأضاف أبو مرزوق أن تصنيف الحركة كإرهابية يعكس دعم بريطانيا للكيان الصهيوني وسياساته التي تتضمن الفصل العنصري، الاحتلال، والتطهير العرقي في فلسطين.
التصنيف البريطاني لحركة حماس
حركة "حماس" كانت قد تم حظر جناحها العسكري في المملكة المتحدة منذ عام 2001، وفي نفس العام تم حظر جناحها السياسي أيضًا. حيث اعتبرت الحكومة البريطانية أنه لا يمكن التمييز بين الجناحين السياسي والعسكري، فوصفت الحركة ككل بأنها "منظمة إرهابية معقدة"، إذ يتشارك الجناحان في الأهداف والوسائل. هذا التصنيف كان على خلفية أن "حماس" تمارس أعمالًا عنيفة ضد المدنيين الإسرائيليين، وهو ما يعتبره القانون الدولي إرهابًا، على الرغم من أن الحركة تعتبر هذه الأعمال جزءًا من نضالها ضد الاحتلال.
النظرة القانونية والتعريف بالإرهاب
من الناحية القانونية، يُعرف الإرهاب في المملكة المتحدة وفقًا لقانون الإرهاب لعام 2000 بأنه استخدام العنف أو التهديد به لأغراض سياسية أو دينية أو آيديولوجية. وتوضح "حماس" في بيانها أن أفعالها قد تندرج ضمن تعريف الإرهاب، ولكنها تؤكد على أن هذا التعريف يشمل أيضًا أعمال العنف التي ترتكبها دول أخرى، بما في ذلك إسرائيل والجيش الأوكراني، وهو ما يفتح مجالًا للتساؤل حول التفسير الانتقائي للتعريف القانوني.
وفي هذا السياق، يسلط المحامون الذين يمثّلون "حماس" الضوء على ما يعتبرونه تضييقًا على حرية التعبير في بريطانيا، حيث يشيرون إلى أن الحكومة البريطانية تسعى إلى قمع الآراء المؤيدة للحركة من خلال حملات ترهيب سياسي تستهدف الصحافيين، الأكاديميين، ونشطاء السلام.
الموقف الدولي وحقوق الإنسان
من خلال الدعوى القانونية، تُصِر "حماس" على أن الحظر المفروض عليها يتعارض مع التزامات المملكة المتحدة بموجب القانون الدولي، لا سيما في ما يتعلق بمنع الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، فضلاً عن دعمها لحقوق الشعوب في تقرير المصير. وتدّعي الحركة أن المقاومة التي تقودها هي "الوسيلة العسكرية الوحيدة الفعّالة" لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، وأنها تتصدى لعمليات الإبادة والتهجير الجماعي للفلسطينيين.
رد بريطاني
من جهتها، أكدت وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، في تصريح لها أن حركة "حماس" تمثل "تهديدًا مستمرًا" للأمن البريطاني وللسلام في الشرق الأوسط. ورأت أن الحركة، المدعومة من إيران، تمثل تهديدًا للمصالح البريطانية والأمن الدولي، مشيرة إلى أفعال "حماس" من خطف وتعذيب وقتل المواطنين، بما في ذلك بريطانيين. وأضافت أن الحركة تملك أسلحة ومرافق تدريب تشكل خطرًا حقيقيًا على الأرواح، ولا تُظهر احترامًا لحقوق الإنسان أو الحياة.
يُعد هذا الطلب من "حماس" بمثابة خطوة قانونية هامة في سياق النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ويعكس التباين الكبير في التفسيرات القانونية والسياسية حول ما إذا كانت "حماس" منظمة إرهابية أم حركة مقاومة مشروعة. بينما ترى الحركة أن تصنيفها كإرهابية هو جزء من الاستراتيجية الغربية لتبرير دعمها للاحتلال الإسرائيلي، تؤكد بريطانيا على أن أنشطتها تندرج ضمن أعمال الإرهاب التي تهدد الأمن الدولي.
هذه القضية تبرز التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع الدولي في تصنيف الحركات السياسية والمسلحة، وتثير تساؤلات حول كيفية التوفيق بين مفاهيم السيادة الوطنية، حقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب في النزاعات الطويلة الأمد والمعقدة.