هتلر بعد الحرب.. هل زوّر وفاته وهرب إلى الأرجنتين؟.. تحقيق جديد يعيد الجدل حول مصير زعيم الرايخ الثالث

عاد الجدل التاريخي حول مصير أدولف هتلر ليطفو على السطح من جديد، بعد تصريحات مثيرة أطلقها بوب باير، العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، حيث زعم أن هناك أدلة متزايدة تشير إلى أن هتلر لم ينتحر في برلين عام 1945 كما هو شائع، بل زور وفاته وفر إلى الأرجنتين بمساعدة شبكة نازية وعلاقات سياسية سرية في أمريكا اللاتينية.
السياق التاريخي والخلفية
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ظل مصير هتلر محل تكهنات ونظريات مؤامرة، رغم الرواية الرسمية التي تؤكد انتحاره مع زوجته إيفا براون في مخبأ تحت الأرض ببرلين، وقيام السوفيات بحرق جثتهما ودفنهما، قبل استخراج رفاتهم والتعرف عليهما عبر سجلات الأسنان. لاحقاً، قام جهاز الاستخبارات السوفياتي (KGB) بإتلاف الجثة والإبقاء فقط على أجزاء من الجمجمة والفك.
لكن في عام 2009، تزعزعت هذه الرواية بعد أن أظهرت تحاليل الحمض النووي أن الجمجمة المحفوظة في موسكو تعود لامرأة، مما زاد من زخم فرضية الهروب.
ادعاءات باير والأدلة الجديدة
يستند بوب باير، الذي خدم 21 عاماً في الاستخبارات، إلى أرشيفات سرية ووثائق من الأرجنتين يُتوقع الكشف عنها قريباً. ويشير إلى أن هذه الوثائق قد تتضمن تفاصيل دعم حكومي أرجنتيني لهتلر والنازيين الفارين، وتورط مسؤولين كبار في إخفائهم، وتسهيل اندماجهم في المجتمع من خلال عمليات غسيل أموال وبناء ملاذات آمنة.
من بين أبرز المواقع التي يُعتقد أن النازيين استقروا فيها، منطقة "ميسيونيس" في الأرجنتين، حيث تم اكتشاف مجمع أثري يُعتقد أنه مخبأ نازي. ويؤكد باير أن هذا الموقع احتوى على بنى تحتية متقدمة نسبياً (كهرباء وسباكة)، كما تم العثور على عملات نازية وتذكارات أخرى.
دور الاستخبارات الأميركية
وثائق رفعت عنها السرية مؤخراً، يعود بعضها إلى عام 1955، كشفت أن CIA تلقت صوراً وتقارير عن رجل يُشبه هتلر في كولومبيا، كما أشارت ملفات أخرى إلى فندق في الأرجنتين يُعتقد أنه كان مأوى محتملاً له. هذه المتابعات تشير إلى أن واشنطن لم تستبعد نهائياً فرضية بقاء هتلر على قيد الحياة، وهو ما يراه باير مؤشراً على جدية تلك الشكوك.
أبعاد جيوسياسية أوسع
يتحدث باير عن احتمال وجود مشروع نازي لبناء "الرايخ الرابع" في أميركا الجنوبية، مدعوماً بموارد مالية هائلة وربما حتى ببرامج نووية، كالمختبر النووي السري الذي يُزعم أن الرئيس الأرجنتيني السابق خوان بيرون دعمه بقيادة علماء نازيين.
من جانبه، يظل الدكتور جون سينسيتش، المحقق في جرائم الحرب لدى الأمم المتحدة، متحفظاً. ويعتقد أن معظم النازيين الذين هربوا، عاشوا في عزلة وحنين للماضي، دون القدرة على إعادة إحياء المشروع النازي فعلياً.
الخطوة المقبلة
قرار الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي برفع السرية عن الوثائق المتعلقة بالنازيين الذين لجأوا إلى بلاده بعد الحرب، قد يُحدث تحولاً في مسار هذا الجدل التاريخي، خصوصاً إذا ما كشفت الوثائق عن تورط رسمي في التستر على هتلر أو غيره من كبار النازيين.
القضية لا تقتصر على مصير فرد، بل تلامس جذوراً عميقة في التاريخ، وتفتح باباً للتساؤل حول الأدوار الخفية التي لعبتها دول ومؤسسات بعد الحرب العالمية الثانية، وما إذا كان العالم قد طوى فعلاً صفحة النازية، أم أن هناك فصولاً لا تزال مجهولة تنتظر الكشف.