اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

جهود قطرية دولية لإنقاذ اتفاق غزة وسط تصاعد الغارات وتزايد التحذيرات الإنسانية

جهود قطرية دولية لإنقاذ اتفاق غزة وسط تصاعد الغارات وتزايد التحذيرات الإنسانية
محمود المصري -

في ظل تصاعد التوترات وتجدد الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، يُعيد وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إحياء الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى إنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي بات مهدداً بالانهيار. وفي لقاء جمعه بنظيره الأميركي مارك روبيو، شدد الطرفان على التزامهما المشترك بدعم الأمن الإقليمي وتعزيز الدبلوماسية الدولية، في محاولة لاحتواء الوضع المتدهور في القطاع.
الاجتماع، الذي أُعلن عنه عبر منصة "إكس"، ركز على ثلاثة محاور رئيسية: إعادة تفعيل اتفاق الهدنة، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة، ومتابعة التطورات الإقليمية، خصوصاً في سوريا. لكن هذه التحركات الدبلوماسية تصطدم بواقع ميداني شديد التعقيد، حيث تشنّ إسرائيل غارات مكثفة على غزة بعد تعثّر تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

اتفاق هشّ وثلاث مراحل معلّقة

الاتفاق الذي تم التوصل إليه في يناير الماضي، صُمم ليُنفذ على ثلاث مراحل، تبدأ بوقف مؤقت لإطلاق النار وتبادل أسرى، وتُفضي في مرحلته النهائية إلى إنهاء شامل للحرب في غزة. وخلال المرحلة الأولى، أفرجت «حماس» عن 25 رهينة ورفات 8 آخرين، مقابل إطلاق سراح 1800 معتقل فلسطيني. كذلك انسحبت القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة، ما سمح بعودة جزئية للنازحين.

غير أن المرحلة الثانية، التي كان يُفترض أن تبدأ في 4 فبراير (شباط)، تعثّرت تماماً، بسبب الخلافات الجوهرية حول شروط التهدئة، ومصير بقية الرهائن، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية. هذا الجمود أدخل الاتفاق في حالة شلل، ما دفع إسرائيل إلى استئناف القصف، وأعاد الوضع إلى مربع الصفر.

كارثة إنسانية تُهدد الملايين


بالتوازي مع التصعيد العسكري، أطلقت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تحذيرات صريحة لإسرائيل، داعية إلى إنهاء الحصار على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. ولفتت الدول الثلاث إلى أن استمرار الوضع الحالي يُنذر بـ«خطر المجاعة وانتشار الأوبئة والموت»، وهي مؤشرات تعكس تدهوراً خطيراً في الظروف الإنسانية لسكان القطاع المحاصَر.
وفيما تشير التقارير إلى نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية، تواجه المبادرات الدولية لإدخال المساعدات عراقيل لوجستية وسياسية، خصوصاً مع استمرار القيود التي تفرضها إسرائيل على المعابر، وانعدام ضمانات أمنية للمنظمات الإغاثية.

دور قطري محوري.. ومصير الاتفاق غامض


تأتي التحركات القطرية الأخيرة كجزء من جهد أوسع تلعب فيه الدوحة دور الوسيط بين الأطراف، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع مختلف القوى. لكن في ظل تصاعد العمليات العسكرية، وتراجع الثقة بين الأطراف، يبدو أن نافذة الحل تضيق سريعاً.
الدبلوماسية القطرية تسابق الزمن للحفاظ على ما تبقى من الاتفاق، وتمنع انزلاق الوضع إلى حرب مفتوحة طويلة الأمد. ومع تعثر الوساطات، والتصلب الإسرائيلي، واستمرار الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن الاستراتيجية في غزة، يبقى مصير الاتفاق مرهوناً بتنازلات مؤلمة، لم تُبدِ أي من الأطراف استعداداً حقيقياً لتقديمها حتى الآن.