اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

صراع على حافة الهاوية.. ماذا لو اندلعت حرب نووية بين الهند وباكستان؟

حرب نووية
محمود المصري -

شهدت منطقة جنوب آسيا تصاعدًا مستمرًا في التوترات بين الهند وباكستان منذ عقود، حيث تتناوب الأزمات الحدودية والنزاعات المسلحة على تأجيج العداء المزمن بين القوتين النوويتين. وتزداد المخاوف العالمية من أن يؤدي تصعيد عسكري جديد إلى تجاوز الخطوط الحمراء التقليدية، والانزلاق إلى استخدام الأسلحة النووية لأول مرة في تاريخ النزاعات بين الدول.

صراع نووي

بدأ السباق النووي بين الهند وباكستان مع إعلان الهند عن امتلاكها للسلاح النووي رسميًا عام 1974 عبر اختبار نووي أُطلق عليه اسم "ابتسامة بوذا"، بينما لحقت بها باكستان لاحقًا في عام 1998، كرد مباشر على التجارب النووية الهندية، وهو ما أعاد رسم موازين القوى في شبه القارة الهندية بشكل خطير.

اليوم، تمتلك الهند نحو 164 رأسًا نوويًا موزعة على منصات إطلاق برية وبحرية وجوية، مما يوفر لها قدرة ردع ثلاثية متقدمة. تاريخيًا، تبنت الهند سياسة "عدم البدء بالاستخدام" (No First Use)، متعهدة بعدم اللجوء إلى السلاح النووي إلا في حال تعرضها لهجوم نووي. غير أن إعلان نيودلهي في أغسطس 2019 عن مراجعة هذه السياسة أثار قلق المراقبين، خاصة مع تنامي النزعة القومية المتشددة لدى بعض دوائر صنع القرار الهندي.

في المقابل، تمتلك باكستان ترسانة نووية تقدر بحوالي 170 رأسًا نوويًا، متجاوزة التوقعات السابقة لوكالات الاستخبارات الأمريكية، والتي قدّرت أن باكستان لن تتجاوز 80 رأسًا بحلول عام 2020. وتشير تقديرات حديثة إلى أن الترسانة الباكستانية قد تصل إلى ما بين 220 و250 رأسًا نوويًا بحلول عام 2025، في ظل استمرار برامج التطوير والتحديث.

استراتيجيات الردع

ورغم امتلاكها قوة نووية معتبرة، تختلف باكستان عن الهند من حيث العقيدة النووية؛ إذ لم تتبنَ إسلام آباد سياسة "عدم البدء بالاستخدام"، بل تعتمد على استراتيجيات الردع بالأسلحة النووية التكتيكية — وهي أسلحة ذات قدرة تفجيرية أقل، مُصممة للاستخدام في ميدان المعركة لمواجهة تفوق القوات التقليدية الهندية.

هذه الديناميكية تخلق معادلة خطيرة: ففي حالة اندلاع صراع تقليدي واسع النطاق، قد تشعر باكستان بأنها مضطرة لاستخدام السلاح النووي مبكرًا لمنع الهزيمة الساحقة، مما يفتح الباب أمام دوامة من الضربات الانتقامية النووية.

ووفقًا لتقديرات مركز مراقبة الأسلحة ومنع الانتشار، فإن مجرد تبادل نووي محدود بين الهند وباكستان قد يؤدي إلى مقتل نحو 20 مليون شخص خلال أسبوع واحد فقط. الكارثة لن تقتصر على البلدين فحسب، بل ستمتد آثارها إلى العالم بأسره؛ إذ سيتسبب الغبار النووي المتصاعد في تلويث الغلاف الجوي، وخفض درجات الحرارة العالمية، مما قد يؤدي إلى تقليص إنتاج الغذاء بشكل حاد. في هذه الحالة، يُتوقع أن يُعرض نحو ملياري شخص في العالم النامي لخطر الموت جوعًا نتيجة "الشتاء النووي" المصاحب.

إن احتمالية اندلاع حرب نووية بين الهند وباكستان تمثل واحدة من أخطر السيناريوهات الأمنية في القرن الحادي والعشرين، وتُبرز الحاجة الماسة إلى تعزيز قنوات الاتصال بين البلدين، والاعتماد على مبادرات دولية فعالة للحد من مخاطر التصعيد النووي.