اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

العراق يحذر من ”عواقب كارثية” لفشل المفاوضات الأميركية-الإيرانية ويطرح رؤيته لحل الأزمات الإقليمية

وزير الخارجية العراقي
محمود المصري -

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، حذر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين من تداعيات "كارثية" محتملة قد تعصف بالمنطقة في حال فشل المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران. وأكد حسين في مقابلة مع قناة "الشرق"، أن بلاده تدعم المسار التفاوضي القائم بقوة، وترى أن التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران أمر ضروري لاستقرار المنطقة، محذرًا في الوقت نفسه من أن غياب الحل الدبلوماسي قد يفتح المجال أمام تدخل أطراف أخرى ويزيد من احتمالية التصعيد العسكري، خاصة مع موقف الحكومة الإسرائيلية الحالي بقيادة بنيامين نتنياهو.

المفاوضات الأميركية-الإيرانية: بداية هشة ومخاوف متزايدة


تخوض الولايات المتحدة وإيران محادثات غير مباشرة بوساطة عمانية، مع انعقاد ثلاث جولات حتى الآن، وتحضير لجولة رابعة. ومع أن المفاوضات لا تزال في بدايتها، إلا أن الشكوك تحوم حول جدواها وسط تصاعد التوترات الإقليمية، مما يعزز القلق العراقي من اتساع دائرة الصراع حال تعثر المسار الدبلوماسي.

الموقف العراقي: حياد إيجابي ومساعٍ للحل


أكد حسين أن بغداد تسعى جاهدة للنأي بنفسها عن أزمات المنطقة، وأنها ليست طرفًا في النزاعات الدائرة بل تحاول أن تلعب دورًا بنّاءً في البحث عن حلول. وأوضح أن الحكومة العراقية نجحت في إبقاء العراق خارج دائرة الحرب رغم الضغوط الداخلية وبعض التحركات الخارجة عن إرادة الدولة، خصوصًا عقب حرب غزة الأخيرة.

إيران وتأثيرها على العراق: توازن معقد


وحول النفوذ الإيراني داخل العراق، أشار حسين إلى أن القرار السياسي في بغداد "عراقي بامتياز"، رغم وجود تفاعلات طبيعية مع الدول المجاورة. وأكد أن سياسة العراق الحالية تركز على حماية استقلاله السياسي والابتعاد عن الانخراط في صراعات إقليمية.

أزمة الطاقة: اعتماد حساس وخطط طموحة


تناول حسين واقع أزمة الطاقة في العراق، موضحًا أن ثلث إمدادات الكهرباء تعتمد على الغاز الإيراني. ومع الضغوط الأميركية على طهران، بدأ العراق بتنويع مصادره من الطاقة عبر اتفاقيات مع تركيا ودول الخليج، بالتوازي مع تطوير استثمارات الغاز المحلي، وهي عملية يتوقع أن تحقق نتائج ملموسة خلال سنتين إلى ثلاث سنوات. إلا أن البلاد قد تواجه مشاكل إضافية في الصيف المقبل نتيجة استمرارية النقص.

النفط العراقي: معضلة التصدير من كردستان والحاجة إلى بدائل
استعرض حسين أيضًا تحديات استئناف تصدير النفط من إقليم كردستان إلى تركيا، مؤكداً أن الأزمة تتعلق بالمفاوضات الثلاثية بين بغداد وأربيل والشركات الدولية. كما ناقش فكرة إعادة تأهيل خط أنابيب النفط القديم بين العراق وسوريا، ضمن رؤية استراتيجية لزيادة منافذ تصدير النفط تحسبًا لأي طوارئ في الخليج.

العراق وسوريا: مخاوف أمنية ومطالبات برفع العقوبات


أوضح حسين أن استقرار سوريا يمثل أهمية قصوى للعراق، خاصة مع وجود آلاف المعتقلين من عناصر تنظيم داعش في سجون "قسد"، حيث أن أي انفلات أمني قد ينعكس مباشرة على الحدود العراقية. في هذا السياق، دعا حسين خلال زيارته لواشنطن إلى رفع العقوبات عن الشعب السوري، وركز على ضرورة تسوية سياسية شاملة تجمع كافة الأطراف السورية.

الشروط الأميركية لسوريا: معادلة معقدة


بحسب حسين، وضعت واشنطن ثمانية شروط على الإدارة السورية الجديدة، من ضمنها إنهاء وجود المقاتلين الأجانب، وهو ما اعتبره الوزير "بؤرة قلق" تهدد ليس فقط العراق بل أمن الإقليم والعالم الغربي. وأكد أن تسوية الوضع السوري لا بد أن تقوم على معالجة هذه المسألة الأمنية إلى جانب قضايا أخرى مثل الأسلحة الكيميائية وإعادة دمج كافة مكونات المجتمع السوري في النظام السياسي.

الاستحقاقات العراقية: الانتخابات ومحاولة تعزيز الاستقرار


رغم التحديات، أكد حسين أن الانتخابات العراقية ستُجرى في موعدها المقرر في نوفمبر المقبل، مشيراً إلى أن أي تعديل لقانون الانتخابات بات صعبًا في ظل انطلاق الحملات الانتخابية.


يحاول العراق، وسط مشهد إقليمي معقد ومشحون، أن يثبت موقعه كوسيط سلام وقوة استقرار لا طرف نزاع. غير أن التحديات ضخمة، سواء على صعيد الطاقة، أو المخاطر الأمنية القادمة من سوريا، أو تداعيات الفشل المحتمل للمفاوضات الأميركية-الإيرانية. ويبدو أن مستقبل الاستقرار الإقليمي بات معلقًا على مدى قدرة القوى الكبرى على التوصل إلى اتفاقات حقيقية، وعلى قدرة بغداد في الحفاظ على حيادها الإيجابي، وسط رياح متغيرة تعصف بالمنطقة.