الرئيس الفرنسي ورئيسة المفوضية الأوروبية يشاركان في باريس بمؤتمر لجذب الباحثين الأجانب

أعلن قصر الإليزيه الأربعاء أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين سيحضران في باريس الإثنين مؤتمرا لتشجيع الباحثين الأجانب، وبخاصة الأميركيون، الذين يواجهون «عددا من التهديدات» على «اختيار أوروبا»، وتوفير موارد مالية لجذبهم.
وسيختتم ماكرون وفون دير لايين ظهر الإثنين هذا المؤتمر في جامعة السوربون، الجامعة المرموقة في العاصمة الفرنسية. وقالت الرئاسة الفرنسية إنّ الهدف من المؤتمر هو القول إنّه «في وقت تشهد فيه الحريات الأكاديمية عددا من الانتكاسات أو التهديدات، فإنّ أوروبا هي قارة جذب». وأضافت أنّ الرسالة من المؤتمر «واضحة للغاية» ويختصرها عنوانه «اختاروا أوروبا للعلوم».
من جهته، قال مستشار للرئيس ماكرون «هناك اعتمادات، هناك مبالغ» مالية سيتم الإعلان عنها الإثنين، وقد تكون على شكل حوافز ضريبية. والهدف من هذا المؤتمر هو جعل فرنسا وأوروبا أكثر جاذبية، إذ إنّ الرواتب والمبالغ المخصصة للباحثين والأعمال البحثية في القارة العجوز حاليا هي أقلّ بكثير من تلك المخصّصة لهم في الولايات المتحدة.
ويرمي المؤتمر لجذب باحثين أجانب في مجالات الصحة والمناخ والتنوّع البيولوجي والتكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي والفضاء والزراعة.
المجتمع العلمي الأمريكي يطلق نداء للمساعدة: أوقفوا حرب ترامب على العلم
وكأنه جاء بمهمة محددة.. حرب مع البشرية وكل ما هو نافع فيها.. ما يجعل العالم يتساءل: كيف جاء به الناخب الأمريكي ليدمر كل ما هو جميل، ففي أقل من 100 يوم، تمكّن دونالد ترامب من إعادة تشكيل المشهد العلمي في الولايات المتحدة، الدولة الرائدة في مجال البحث العلمي في العالم، ما أثار صدمة لدى الجهات الفاعلة في هذا المجال، الأمريكية منها والأجنبية.
من إلغاء مليارات الدولارات المخصصة لتمويل البحوث والتهديدات العلنية ضد الجامعات ومسح قواعد البيانات، وحتى حظر بعض المصطلحات المتعلقة بالجنس وتغير المناخ.. تطول قائمة القضايا العلمية المستهدفة بقرارات دونالد ترامب التي بدأ يعلنها واحدا تلو الآخر منذ عودته إلى البيت الأبيض.
وقال بول إدواردز، مدير أحد البرامج العلمية في جامعة ستانفورد، لوكالة فرانس برس "لم أرَ شيئا مماثلا خلال 40 عاما من عملي في مجال البحوث في الولايات المتحدة".
وهو واقع يتشاركه المجتمع العلمي والأكاديمي على نطاق واسع. وفي نهاية مارس، أطلق أكثر من 1900 عضو من جمعيات علمية "نداء طلبا للمساعدة"، فحذروا في رسالة بأن "المشاريع العلمية للبلاد تتعرّض للتدمير"، داعين الأمريكيين إلى الوقوف ضد هذا "الهجوم الشامل على العلم".
"غضب تجاه العلم"
وقالت جينيفر جونز، مديرة مركز العلوم والديموقراطية في اتحاد "يونيون أوف كونسيرند ساينتستس"، إن الرئيس الأمريكي أحاط نفسه بشخصيات تتجاهل الإجماع العلمي مثله، كروبرت كينيدي جونيور المشكك في اللقاحات والذي عينه وزيرا للصحة ويتجاوز صلاحياته إلى حد كبير مع تجاهله الكونجرس.
والنتيجة هي انهيار "العقد" الضمني الذي كان يربط حتى الآن الحكومة بإنتاج المعرفة والخبرة والذي كان يعتبر "منفعة عامة"، وفق ما قالت شايلا جاسانوف، أستاذة علم الاجتماع العلمي في جامعة هارفارد، إحدى الجامعات الأمريكية الواقعة في مرمى الرئيس.
وذلك مدفوع بشكل رئيسي بنظرها بـ"غضب تجاه العلم" يتعارض مع "الحكم الكاريزمي" الذي يدافع عنه.
من جهتها، قالت ناومي أوريسكيس، أستاذة تاريخ العلوم في جامعة هارفرد "هذا أمر غير مسبوق في ذاكرة أي مؤرخ. إن ما يفعله ترامب الآن هو دفعنا نحو (أمريكا) شبه خالية من العلوم".
خسارة "جيل كامل"
وقد تترتب على ذلك تبعات وخيمة، إذ تم تسريح عدد كبير من العلماء في الوكالات الفدرالية، وأوقفت العديد من الدراسات أو تم التخلي عنها، كما جمّدت معظم المختبرات الجامعية عمليات التوظيف.
وفي منتصف أبريل، استقال عالم بارز في الوكالة الفدرالية المسؤولة عن البحوث (المعاهد الوطنية لشؤون الصحة) قائلا إنه كان "ضحية للرقابة" بحيث لم تنشر نتائج دراسة كان يشرف عليها لأنها "لم تدعم الأفكار المسبقة لقادتها".
وفي هذا السياق، يفكر عدد متزايد من الباحثين في مغادرة البلاد، وهي هجرة أدمغة تأمل العديد من البلدان بالاستفادة منها. وأعلنت جامعات أوروبية وكندية مبادرات لجذب المواهب الأمريكية. وفي فرنسا، طُرح مشروع قانون يهدف إلى استحداث وضع "لاجئ علمي".
وحذر دانيال ساندويس، أستاذ العلوم المناخ في جامعة ماين، قائلا "إذا استمر هذا الوضع، سنخسر جيلا كاملا" من الباحثين، مشيرا إلى خطر تخلي العديد من الباحثين الطموحين عن متابعة مسيرتهم المهنية في مجال البحوث.
وأضاف متأسفا "هؤلاء هم الطلاب الواعدون، النجوم الذين بدأوا للتو الظهور. هم من سيحملون أفكارا رائعة، (...) سيحققون اختراقات حقيقية. سنخسرهم".
كذلك، أعربت جينيفر جونز عن خشيتها من أن يملأ "العلم الزائف وباحثون بلا مصداقية" الفراغ، متحدثة عن عمليات الفصل الجماعي التي تجري في الوكالات العلمية الأمريكية حيث يستبدل العديد من العلماء المعروفين بشخصيات بلا مصداقية.
وحذرت قائلة "سيستغرق الأمر سنوات وحتى أجيالا، لإصلاح كل ذلك".