اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

جسر فوق نهر تومين.. دور كوريا الشمالية في الحرب الروسية الأوكرانية وتنامي تحالفها مع موسكو

تدشين جسر تومين
محمود المصري -

في خطوة تكشف عن تحول نوعي في العلاقات الروسية – الكورية الشمالية، أعلنت بيونغ يانغ عن بدء بناء جسر جديد مع موسكو فوق نهر تومين، واصفةً هذا المشروع بأنه "تطور جوهري" في البنية التحتية للتعاون الثنائي. الإعلان الرسمي عن المشروع جاء بعد سنوات من النقاشات المؤجلة، إلا أن اتفاق إنشائه تم خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية في عام 2024، في توقيت حساس يعكس إعادة تشكيل موازين التحالفات العالمية على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.

دلالات الجسر: من بنية تحتية إلى شريان تحالف استراتيجي

الجسر الجديد لا يمكن قراءته فقط كعنصر في البنية التحتية، بل يُنظر إليه كرمز عميق لتنامي العلاقات السياسية والعسكرية بين موسكو وبيونغ يانغ، في ظل العزلة الدولية المتزايدة التي يواجهها البلدان. فهو بمثابة شريان جديد سيعزز حركة الأفراد والبضائع والسياحة، لكنه قبل كل شيء يوفر منفذاً محتملاً لتبادل الموارد الاستراتيجية، لا سيما تلك ذات الطبيعة العسكرية.

بحسب وكالة الأنباء الكورية الشمالية، يمثل الجسر "ضمانة جوهرية" لتوسيع التعاون الثنائي. إلا أن التحليل الأعمق يشير إلى أنه جزء من صفقة أكبر غير معلنة، تتضمن تقديم كوريا الشمالية دعماً عسكرياً لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، مقابل حزمة من الفوائد الاقتصادية والتقنية.

كوريا الشمالية المورد السري للأسلحة الروسية؟

كشفت تقارير استخباراتية كورية جنوبية أن بيونغ يانغ قد أرسلت بالفعل شحنات من الأسلحة إلى روسيا، وهو ما يعكس انخراطاً غير مباشر في النزاع الدائر في أوكرانيا. وإذا صحت هذه المعلومات، فإن كوريا الشمالية تخرج من عزلتها لتصبح فاعلاً في معادلة دولية شديدة التعقيد، مستفيدة من حاجة موسكو للدعم في ظل العقوبات الغربية المتزايدة.

مقابل هذا الدعم العسكري، تحصل بيونغ يانغ على مكاسب متعددة، أبرزها تعاون روسي في تحديث 14 قطاعاً حيوياً تشمل المعادن، والطيران، والطاقة، والسياحة. وهو ما يعكس رهان كوريا الشمالية على الانخراط في اقتصاد الحرب، لتعزيز قوتها الداخلية، وكسر القيود التي فرضتها عليها العقوبات الأممية.

التحالف المعزول: تكامل الحاجة بين دولتين منبوذتين دولياً

التحالف بين روسيا وكوريا الشمالية ليس مجرد تقارب آني فرضته ظروف الحرب، بل هو تعبير عن مصالح استراتيجية متكاملة. روسيا، التي تواجه عزلة غربية غير مسبوقة، وجدت في بيونغ يانغ شريكاً غير مكلف ومستعداً للمغامرة. أما كوريا الشمالية، فترى في هذا التحالف فرصة للخروج من الهامش السياسي، ولابتزاز المجتمع الدولي من موقع أكثر قوة.

هل يتجاوز التحالف الحدود؟

بينما يبدو الجسر فوق نهر تومين إنجازاً إنشائياً، إلا أنه من الناحية الجيوسياسية يمثل تجسيداً ملموساً لتحالف عسكري–اقتصادي يُراد له أن يستمر ويتوسع. ويثير هذا التحالف تساؤلات خطيرة حول طبيعة المرحلة القادمة في الحرب الأوكرانية، خاصة إذا قررت بيونغ يانغ تعميق انخراطها العسكري المباشر، أو إذا بدأ الطرفان في استغلال هذا الجسر كنقطة مرور للأسلحة والمواد الاستراتيجية.

في ظل غياب رقابة دولية فعالة، يبدو أن الجسر الجديد قد يتحول من رمز للتعاون الاقتصادي إلى بوابة خلفية لدعم عسكري يعيد تشكيل موازين القوى في شرق أوروبا وآسيا الشرقية.