اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

غزة في مهب الجوع والنار.. أزمة إنسانية متفاقمة وسط تعنت إسرائيلي وتضاؤل الإغاثة

فلسطين
محمود المصري -

تتعمق الكارثة الإنسانية في قطاع غزة على نحو ينذر بانهيار شامل للبنية الاجتماعية والصحية والاقتصادية، وسط استمرار الحرب الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر 2023، وغياب أفق لحل إنساني عاجل. وقد أطلق مؤسس منظمة «وورلد سنترال كيتشن» الإغاثية، الشيف الإسباني العالمي خوسيه أندريس، تحذيراً شديد اللهجة من تدهور الأوضاع الغذائية في القطاع، داعياً الحكومة الإسرائيلية إلى فتح ممرات إنسانية فوراً لتفادي تفاقم المأساة.

الجوع يخلق الفوضى

وفي رسالة مباشرة وجهها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر منصة «إكس»، أكد أندريس أن "الجوع يخلق الفوضى ويعرض حياة المدنيين والرهائن للخطر"، في إشارة إلى أن المجاعة المتزايدة باتت تمثل تهديداً مزدوجاً، سواء للمدنيين الفلسطينيين أو لأي مفاوضات حول الأسرى. كما أعلن عن نفاد مخزون الدقيق في آخر المخابز التي تديرها منظمته في غزة، ما يعكس مستوى خطيرًا من انعدام الأمن الغذائي بعد أن كانت هذه المخابز أحد آخر الموارد المتبقية لتأمين الخبز للسكان المحاصرين.

حصيلة صادمة للضحايا منذ بداية العدوان على غزة

في السياق ذاته، كشفت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة عن حصيلة صادمة للضحايا منذ بداية الحرب: أكثر من 52,400 قتيل، و118,014 مصاباً حتى الآن، من بينهم 2308 شهداء و5973 جريحاً سقطوا منذ استئناف الهجمات الإسرائيلية في 18 مارس 2024، عقب انتهاء هدنة مؤقتة دامت قرابة الشهرين.

وتتزامن هذه الأرقام مع تصعيد ميداني مستمر، إذ أفاد تلفزيون "الأقصى" عن قصفين إسرائيليين جديدين يوم الخميس، استهدفا بيت لاهيا شمال القطاع ومنطقة المواصي غرب رفح جنوبه، ما أسفر عن مقتل خمسة فلسطينيين وإصابة آخرين، بينهم مزارعون كانوا يعملون في أراضيهم.

ضربات مركبة على قطاع غزة

يُظهر هذا التصعيد المتواصل أن القطاع يعاني من ضربات مركبة: من جهة، حرب لا تهدأ تستهدف المدنيين والبنية التحتية، ومن جهة أخرى، حصار خانق يمنع دخول المواد الأساسية، ما يضاعف من حجم الأزمة الغذائية والإنسانية. ومع انسحاب عدد من المنظمات الدولية بعد استهداف موظفيها، كمنظمة «وورلد سنترال كيتشن»، يتقلص الأمل في توفير الإغاثة، ويزداد الضغط على المجتمع الدولي للتدخل الفوري.

مأساة حقيقية

إن الأرقام لا تروي سوى جزء من الحقيقة؛ فالمأساة الأكبر تكمن في ما لا يمكن إحصاؤه: الأطفال الذين يُحرمون من الطعام، والأسر التي تفترش الأنقاض، والقلق الوجودي الذي يخيّم على من تبقى على قيد الحياة. وفي ظل استمرار الغارات وتضاؤل الإغاثة، فإن غزة ليست فقط على شفا كارثة إنسانية، بل في قلبها فعلاً، فيما لا يزال المجتمع الدولي عاجزاً عن كسر الصمت وتحقيق الحد الأدنى من العدالة.