اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

بايدن يعود إلى الواجهة.. انقسام ديمقراطي بين الوفاء للتاريخ والطموح للمستقبل

الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن
محمود المصري -

في لحظة سياسية حرجة للحزب الديمقراطي الأمريكي، أعادت عودة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن إلى الأضواء جدلًا داخليًا محتدمًا، يكشف أزمة هوية واستراتيجية تعصف بالحزب منذ خسارته في الانتخابات الأخيرة. فبدلًا من أن تلقى ظهوره ترحيبًا، أثار ذلك ردود فعل غاضبة من قادة ديمقراطيين وناشطين شبان، يطالبون بإفساح المجال أمام جيل جديد من القادة، بعد سنوات من السيطرة السياسية التي مثلها بايدن ورموز جيله.
ظهور إعلامي يُعيد فتح الجراح
جاء الظهور الإعلامي المفاجئ لبايدن من خلال مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) وانتقاده المعتاد لمنافسه دونالد ترامب، إضافة إلى مقابلة مطولة في برنامج The View بصحبة زوجته جيل بايدن، حيث تطرق خلالها إلى دوره في فوز ترامب واعترف بتحمّله جزءًا من المسؤولية. وقد زاد هذا الاعتراف من حالة الانقسام داخل الحزب، حيث رآه البعض "شجاعة سياسية"، في حين اعتبره آخرون إحياءً لجراح سياسية لم تندمل بعد.
وتؤكد مجلة "بوليتيكو" الأمريكية أن هذه العودة غير مرحّب بها من قبل قطاع واسع داخل الحزب، إذ يرى كثيرون أن استمرار ظهور بايدن يعوق التقدم السياسي، ويُشتت التركيز عن النجاحات التي حققها الحزب مؤخرًا، في وقت هو بأمسّ الحاجة لإعادة بناء ثقته بنفسه وبجمهوره.
أزمة قيادة وتعب سياسي
تُظهر هذه التطورات ما يمكن وصفه بـ "تعب القيادة التاريخية" داخل الحزب الديمقراطي، إذ بدأت الأصوات تتعالى للمطالبة بتنحي بايدن تمامًا عن الحياة السياسية. فقد صرح الاستراتيجي الديمقراطي تشاك روشا قائلًا:
"حان وقت انسحاب بايدن بكل احترام، وترك القيادة للجيل المقبل... كل ظهور له يُجبرنا على الدفاع عنه ويُذكّرنا بالهزيمة أمام ترامب."
ويُجمع المنتقدون على أن أي عودة لبايدن إلى المشهد السياسي تمثل تشتيتًا، خاصة في ظل توقّع نشر تسجيل صوتي لمقابلته مع المحقق الخاص روبرت هور، الذي أشار إلى علامات تدهور في قدراته الذهنية خلال التحقيق في قضية الوثائق السرية. كما ينتظر الديمقراطيون بقلق صدور كتاب "الخطيئة الأصلية"، المقرر في 20 مايو، والذي يتناول ما وصفه النص الترويجي بـ"دوافع ترشح بايدن رغم أدلة تدهوره الذهني الشديد".

بين الوفاء والواقعية


رغم الانتقادات، يرى بعض الديمقراطيين أن بايدن لا يزال يمثل رمزًا مهمًا، وله دور في النقاش العام إذا تم توجيهه بحكمة. فقد قالت آشلي إتيان، المستشارة السابقة لبايدن:
"نحن في مفترق طرق حرج، وأشخاص مثل بايدن يضيفون قيمة إذا ركزوا على الإسهام الإيجابي."
بينما اعتبرت إيريكا لوي، التي عملت معه سابقًا، أن استبعاد بايدن تمامًا قد يكون قرارًا غير عادل، مضيفة:
"هو الشخص الوحيد الذي هزم ترامب... لا يمكن تحميله وحده كل مشاكل الحزب."

تشتيت الانتباه عن الانتصارات


يُظهر مشهد بايدن الحالي أيضًا التحدي الكبير في التحكم بالسرد الإعلامي للحزب. ففي ظل انتصارات سياسية مهمة، مثل الفوز في المحكمة العليا في ولاية ويسكونسن وتحول النقاش حول أداء ترامب الاقتصادي، يرى العديد من الديمقراطيين أن ظهور بايدن الآن يُعرقل الزخم.

وقال أندرو هيتون، أحد أبرز الاستراتيجيين في الحزب: "معظم الديمقراطيين سئموا من هذه المشتتات... ظهور بايدن يستهلك طاقة الحزب، بينما نحتاج للمضي قدمًا."