إيران والمفاوضات النووية.. حقوق وعقوبات وآفاق مستقبلية

في تصريحات لافتة خلال منتدى حوار طهران، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي موقف بلاده الثابت حيال الأزمة النووية والتداعيات السياسية والاقتصادية الناتجة عن العقوبات الأمريكية المفروضة عليها. عراقجي، الذي أبدى التزام إيران بمبادئها الدينية والأخلاقية في ما يتعلق بعدم السعي لامتلاك الأسلحة النووية، دعا إلى التوصل إلى "اتفاق نووي عادل" مع الولايات المتحدة الأمريكية، يتماشى مع الحقوق النووية لإيران ويضمن رفع العقوبات القاسية والتهديدات التي يراها ضد شعبها.
إيران، باعتبارها طرفًا في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT)، أكدت مرارًا التزامها بنوايا سلمية لبرنامجها النووي. عراقجي شدد على أن إيران لم تسعى قط إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، وأن طهران أظهرت دائمًا استعدادها للتعامل بشفافية مع المخاوف الدولية حيال هذا البرنامج. وأوضح أن إيران تسعى إلى اتفاق يتم التوصل إليه في إطار هذه المعاهدة، مع ضمان رفع العقوبات التي تصفها إيران بأنها أحادية الجانب وقمعية، والتي تؤثر بشكل سلبي على المواطنين الإيرانيين.
محاور رئيسية
وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى أن سياسة بلاده الخارجية تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز التعاون مع الجيران، توسيع العلاقات مع الدول الناشئة ودول الجنوب العالمي، وإرساء التوازن في العلاقات مع القوى العالمية في الشرق والغرب. ولفت إلى أن هذه السياسة تهدف إلى تحقيق التوازن والواقعية في العلاقات الدولية، مع التأكيد على موقف إيران الثابت من حقوقها في المجال النووي.
فيما يتعلق بالعلاقات مع الدول الأوروبية، أكد عراقجي استعداد بلاده لفتح فصل جديد في العلاقات مع أوروبا إذا كان هناك إرادة حقيقية من هذه الدول لاتباع نهج مستقل وبناء. كما أعرب عن استعداد إيران لتعزيز التعاون مع أوروبا في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وهو ما يعكس رغبة إيران في توسيع شراكاتها الدولية.
محادثات جديدة
في ظل هذه التطورات، أعلنت طهران أن محادثات جديدة بين المفاوضين الإيرانيين والأميركيين بشأن الملف النووي انتهت في عمان، مع إصرار طهران على مواصلة تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية. وأوضح عراقجي أن إيران لا تنوي التنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم، وهو حق اكتسبته بعد سنوات من التفاوض والتحديات.
من جهة أخرى، أكد عراقجي أن طهران لم تتلقَّ أي مقترح مكتوب من واشنطن بخصوص الاتفاق النووي، نافياً التصريحات التي نشرت حول هذا الموضوع. كما شدد على أن المفاوضات يجب أن تكون مبنية على الاحترام المتبادل، مشيرًا إلى أن طهران لا تقبل الإملاءات من أي طرف.
كما أشار عراقجي إلى أن طهران استمرت في البحث عن سبل جديدة لتوسيع التعاون مع الدول الأوروبية، بالتزامن مع استمرار المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات. في هذا السياق، جرت مفاوضات غير مباشرة بين طهران ودول "الترويكا" الأوروبية (بريطانيا، ألمانيا، وفرنسا) في إسطنبول، حيث تم مناقشة مسألة رفع العقوبات.
إيران، التي تشعر بأن العقوبات الأميركية قد أثرت على شعبها، تواصل التأكيد على أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يتضمن رفعاً حقيقياً وملموسًا للعقوبات، مع التزام الولايات المتحدة بتعهداتها. وقد أشار عراقجي إلى أن طهران تتمسك بموقفها وتنتظر من الولايات المتحدة تصرفات ملموسة تؤكد جدية المفاوضات، وهو ما يجعل الأزمة النووية في إيران مسألة تتجاوز الجوانب التقنية لتشمل أيضًا الأبعاد السياسية والاقتصادية التي تؤثر على المنطقة والعالم.