استشهاد 17 فلسطينيا.. قراءة تحليلية لتصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية

في تصعيد جديد ضمن العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، شن الجيش الإسرائيلي فجر الاثنين سلسلة من الضربات الجوية المكثفة، أسفرت عن مقتل 17 فلسطينياً وإصابة العشرات، وسط تقارير متضاربة حول تنفيذ عملية خاصة في خان يونس جنوب القطاع. وبينما تنفي إسرائيل تنفيذ عملية استخبارية أو محاولة إنقاذ رهائن، تفيد مصادر فلسطينية بوقوع اشتباكات بين مقاتلي "حماس" وقوات إسرائيلية تسللت إلى المنطقة تحت غطاء جوي كثيف، في وقتٍ استُهدف فيه محيط مستشفى ناصر بغارات عنيفة، ما أثار مخاوف جدية من اقتحامه.
غارات مكثفة وضربات على المرافق المدنية
الغارات شملت أهدافاً مدنية وسكنية، حيث وثّق الدفاع المدني الفلسطيني استهداف منزل في مدينة حمد السكنية في خان يونس، ما أدى إلى سقوط 5 قتلى على الأقل و16 جريحاً، في مشهد يتكرر في أماكن أخرى، مثل قصف خيام النازحين في اليرموك والنصيرات، ما يطرح تساؤلات حول سياسة "الأرض المحروقة" التي باتت سمة العمليات الإسرائيلية في القطاع.
الأخطر أن هذه الهجمات تأتي في ظل انقطاع واسع في خدمات الإنترنت والاتصالات، مما يعزز مناخ التعتيم الإعلامي ويزيد من صعوبة توثيق الانتهاكات أو إيصال صوت الضحايا إلى العالم.
العملية المزعومة في خان يونس.. تضارب الروايات
مع تصاعد الأحداث، تناقلت وسائل إعلام تقارير عن تنفيذ قوات إسرائيلية عملية خاصة في خان يونس، تضمنت دخول وحدة مموهة يرتدي بعض أفرادها ملابس نسائية، بهدف استهداف القيادي في "لجان المقاومة الشعبية" أحمد سرحان. إلا أن الجيش الإسرائيلي نفى هذه المزاعم، مؤكداً أن "صورة الوضع لم تتغير"، في حين أكدت القناة 12 الإسرائيلية أن الحديث عن محاولة إنقاذ رهائن "عارٍ من الصحة".
هذا التضارب في الروايات يعكس تعقيد المشهد وتعدد الجبهات، خاصة أن "حماس" لم تنف حدوث اشتباك في شارع رقم 5 بخان يونس، مما يرجح احتمال تسلل تكتيكي فشل في تحقيق أهدافه، أو ربما عملية تمويه إعلامية في سياق حرب نفسية مستمرة بين الطرفين.
مجاعة ودمار ومحاصرة المستشفيات
أزمة إنسانية خانقة تتفاقم يوماً بعد يوم. فالمعلومات الواردة من القطاع تفيد بتدمير واسع للبنية التحتية، لا سيما المرافق الصحية، ومحاصرة مستشفيات رئيسية مثل "الناصر" و"الإندونيسي"، ومنع الطواقم الطبية من الوصول إلى الجرحى أو انتشال الجثث.
ويزداد المشهد قتامة مع استمرار الحصار الإسرائيلي منذ أوائل مارس، حيث مُنعت المساعدات الغذائية والطبية من الدخول، ما دفع بالأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية إلى دق ناقوس الخطر بشأن "مجاعة وشيكة" تهدد حياة أكثر من مليوني إنسان.
وفي استجابة باهتة، أعلنت حكومة نتنياهو السماح "المحدود" بدخول مساعدات إنسانية "أساسية" تحت إشراف أممي، وهو ما وصفه مراقبون بأنه محاولة لتخفيف الضغوط الدولية دون تغيير حقيقي في النهج العسكري أو الحصار الشامل.
تؤشر هذه التطورات إلى أن إسرائيل تواصل استخدام القوة المفرطة والضربات غير التمييزية بهدف كسر إرادة المقاومة، في وقت تواجه فيه "حماس" والقوى الفلسطينية معركة مزدوجة: عسكرية على الأرض وإنسانية مع المجتمع الدولي. بينما تبقى فرص وقف إطلاق النار معلقة على طاولة مفاوضات غير مؤكدة، يظل المدنيون في غزة هم الحلقة الأضعف، يدفعون ثمن معادلات عسكرية وسياسية لا ترحم.
وفي ظل هذا السياق، تبدو الحاجة ملحة لتحرك دولي فاعل، لا يكتفي ببيانات التنديد أو وعود الإغاثة، بل يسعى إلى إنهاء الحصار، وفتح تحقيقات دولية مستقلة في الانتهاكات، وضمان حماية المدنيين وفق القانون الدولي الإنساني.