الأقصى في قبضة المستعمرين وطولكرم تحت النار.. قراءة تحليلية في تكتيكات الاحتلال لتهويد القدس وتفريغ الضفة

في تصعيدٍ خطير ومتواصل، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي فرض وقائع ميدانية جديدة على الأرض في القدس المحتلة، بالتزامن مع عملية عسكرية متواصلة في مخيمي طولكرم ونور شمس بالضفة الغربية، ترقى إلى سياسة العقاب الجماعي والتهجير القسري، مع ما يرافقها من عمليات هدم وتدمير للبنية التحتية واستباحة للأحياء المدنية.
اقتحامات الأقصى.. تهويد ممنهج وفرض للسيادة بالقوة
في صباح الاثنين، اقتحم عشرات المستوطنين الإسرائيليين باحات المسجد الأقصى المبارك تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال، في مشهد بات شبه يومي يتجاوز طابعه الاستفزازي، ليؤكد بوضوح على سعي الاحتلال لفرض سيطرة يهودية كاملة على الحرم القدسي الشريف، ضمن خطة تقسيم زماني ومكاني للمسجد.
المقتحمون، الذين نفذوا طقوساً تلمودية علنية في باحات الأقصى، عُوملوا بتسهيلات وحماية عسكرية، بينما خضعت حركة المصلين الفلسطينيين لتضييق واسع شمل الحواجز والتفتيش والتضييق على الدخول والخروج. هذا المشهد لا يخرج عن استراتيجية الاحتلال الهادفة إلى تهويد القدس وتغيير معالمها الدينية والديمغرافية، عبر فرض السيادة الإسرائيلية قسرًا على أحد أقدس الرموز الإسلامية.
الضفة الغربية.. مخيمات تحت الحصار والنار
في الضفة الغربية، وبخاصة في شمالها، تتجسد مأساة حقيقية في مخيمي طولكرم ونور شمس، اللذين يتعرضان لعدوان غير مسبوق من حيث مدته وطبيعته. العدوان المستمر منذ أكثر من 100 يوم على نور شمس، و113 يوماً على طولكرم، لا يُمكن اعتباره سوى عملية ممنهجة لتهجير السكان وتحويل المخيمات إلى مناطق عسكرية خاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
قوات الاحتلال قامت بتحويل العديد من المنازل في المخيمين إلى نقاط عسكرية للقناصة ومراكز مراقبة، بعد تهجير سكانها قسريًا. يُرافق ذلك عمليات اقتحام ليلية ونهارية، تتخللها انفجارات واشتباكات، وسط إطلاق نار كثيف واستخدام الجرافات العسكرية لهدم المنازل.
أرقام مفزعة تهجير ودمار شامل
الشهداء: 13 شهيداً بينهم طفل وامرأتان، إحداهما حامل.
التهجير: أكثر من 25 ألف فلسطيني هجّروا قسرياً، يمثلون أكثر من 4200 عائلة.
الدمار:
400 منزل دُمرت بالكامل.
2573 منزلًا تضررت جزئيًا.
أكثر من 20 مبنى سكنيًا نُسف أو أُحرق.
إغلاق كامل لمداخل المخيمين وتحويلهما إلى مناطق عسكرية مغلقة.
أهداف الاحتلال من هذا التصعيد
القراءة التحليلية لهذا التصعيد توضح عدة أهداف:
تفريغ المخيمات من سكانها في إطار خطة تفكيك البنى الاجتماعية الوطنية التي تشكل حاضنة للمقاومة.
فرض وقائع جديدة تمنع عودة اللاجئين إلى مناطقهم الأصلية، ضمن سياسة تطهير عرقي بطيء.
توسيع السيطرة العسكرية على الضفة وتفتيت نسيجها الجغرافي والديمغرافي.
الضغط على الفصائل الفلسطينية من خلال خلق أزمات إنسانية واجتماعية متفاقمة.
تشتيت الانتباه عن جرائم الحرب في غزة عبر نقل المعركة إلى أطراف أخرى من الضفة.
أزمة إنسانية ومعركة صمود
ما يجري في القدس وتحديدًا في المسجد الأقصى، يقابله ميدانيًا في الضفة نموذج صارخ للعقاب الجماعي والتهجير الممنهج. لم يعد الأمر متعلقًا فقط بعمليات عسكرية أمنية، بل بات يتعداه إلى حرب استنزاف طويلة الأمد ضد الشعب الفلسطيني ومقومات صموده.
الوقائع على الأرض تكشف أن الاحتلال لا يسعى فقط إلى تفكيك البنية التنظيمية للمقاومة، بل يستهدف الكينونة الفلسطينية ذاتها: الإنسان، الأرض، الذاكرة. ومع هذا، يظل المشهد مرآة لصمود أسطوري لشعب يُقاوم بأجساد أبنائه، وبقوة إيمانه بحقه في البقاء والحرية.