اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

أوروبا تُصعّد ضد موسكو.. عقوبات جديدة على روسيا وسط تعثّر المساعي الدبلوماسية وفتور أميركي

بوتين
محمود المصري -

فرض الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، يوم الثلاثاء، حزمة جديدة من العقوبات على روسيا، في خطوة تنمّ عن تصميم أوروبي على تشديد الخناق الاقتصادي على موسكو، من دون انتظار التحرك الأميركي الموازي، ما يبرز بوادر تباين في زخم التعاطي الغربي مع الحرب المستمرة في أوكرانيا.

الخطوة الأوروبية الجديدة جاءت غداة مكالمة هاتفية جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لبحث سبل التوصل إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا. ورغم أن الاتصال أعاد الحديث عن احتمالات التسوية، فإن النتائج العملية جاءت محدودة، وأكدت مجدداً تعثر المسار الدبلوماسي.

العقوبات الجديدة.. تشديد الخناق على أسطول النفط الروسي

تركزت العقوبات الأوروبية - البريطانية الأخيرة على ما يُعرف بـ"أسطول الظل" الروسي، وهو شبكة من ناقلات النفط التي تستخدمها موسكو لتصدير خامها بعيداً عن أعين العقوبات، متجاوزة سقف السعر المفروض (60 دولاراً للبرميل) من قِبل مجموعة السبع.

كما طالت الإجراءات الجديدة كيانات مالية ومصرفية يُشتبه في تورطها بمساعدة روسيا على الالتفاف على العقوبات السابقة. ووصفت بروكسل ولندن هذه الخطوة بأنها ضرورية لزيادة فعالية العقوبات السابقة، والحد من قدرة روسيا على تمويل الحرب.

الفتور الأميركي.. وتباين في المواقف الغربية

اللافت أن هذه الإجراءات الأوروبية لم تُقابل بخطوات مماثلة من إدارة ترمب، رغم الضغوط العلنية المكثفة التي مارسها حلفاؤه الأوروبيون في الأيام السابقة. فقد كانت الرسالة الأوروبية واضحة: لا بد من رد حازم على تعنت روسيا ورفضها الهدنة، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية الألماني يوهان فاديبول حين قال: "نتوقع من الولايات المتحدة أن تكون على الخط نفسه معنا، وألا تتسامح مع استمرار العدوان الروسي".

وألمحت لندن وبروكسل إلى أن العقوبات الأخيرة قد لا تكون الأخيرة، مع بقاء الباب مفتوحاً أمام إجراءات أكثر صرامة، في حال لم تُبدِ موسكو استعداداً حقيقياً للتفاوض.

الموقف الروسي.. تحدٍّ للضغوط الغربية

في المقابل، جاء الرد الروسي على لسان المتحدثة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا، التي أكدت أن "روسيا لن ترضخ للإنذارات"، مضيفة أن الكرة الآن في ملعب أوكرانيا، في تكرار لموقف موسكو الذي يُحمّل كييف مسؤولية فشل المسار السياسي.

أما الرئيس بوتين، فحاول الإيحاء بانفتاح تكتيكي على المفاوضات، مؤكداً بعد مكالمته مع ترمب أن "موسكو مستعدة للعمل على مذكرة اتفاق سلام مستقبلي"، في موقف فُسِّر من قبل مراقبين على أنه محاولة لكسب الوقت دون التنازل الفعلي.

مأزق المفاوضات وعُقم المبادرات

رغم إعلان موسكو وكييف عن إجراء أول محادثات مباشرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، برعاية ترمب، فإن تلك اللقاءات لم تسفر عن أي اختراق، ما عزّز القناعة الأوروبية بأن بوتين يناور سياسياً دون نية جدية لوقف القتال. هذا ما أكده وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، حين قال: "من الواضح أن بوتين غير مهتم بالسلام، ويسعى فقط لكسب الوقت".

انقسام غربي واستعصاء روسي

تبدو الأزمة الأوكرانية اليوم أمام مفترق طرق: فبينما تعزز أوروبا ضغوطها وتدعو إلى حسم اقتصادي وسياسي ضد موسكو، تحافظ واشنطن على ترددها، وربما حساباتها الانتخابية، ما يُضعف موقف الغرب الموحد. وفي المقابل، تُمعن روسيا في استثمار هذا التباين لكسب الوقت، وتعزيز مواقعها على الأرض، دون تقديم تنازلات سياسية جوهرية.

وفي خضم هذا التعقيد، تبقى أوكرانيا وحيدة في وجه آلة الحرب الروسية، تترقب خطوات أكثر صرامة من شركائها الغربيين، في معركة يتجاوز فيها الرهان حدود الجغرافيا إلى مستقبل النظام الدولي برمّته.