اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

من الدفاع إلى التحدي.. كوريا الشمالية ترد على الاستفزازات النووية الأميركية

كوريا الشمالية
محمود المصري -

في موقف تصعيدي يعكس ثقة متزايدة بالنفس على الساحة الدولية، دعت كوريا الشمالية، عبر بيان صادر عن مكتب السياسات في وزارة دفاعها، الولايات المتحدة إلى التخلّي عن ما وصفته بـ"التهديدات العسكرية" التي توجهها لبلدان أخرى، معتبرة أن الضمان الحقيقي لأمن البر الأميركي لا يتحقق إلا من خلال التراجع عن السياسات العدوانية.


البيان، الذي نقلته وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية وتداولته وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية، عبّر بوضوح عن رؤية بيونغ يانغ لما تعتبره سياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع التسلح النووي؛ حيث تُصنّف الإجراءات العسكرية الأميركية على أنها دفاعية، بينما يُنظر إلى تعزيز كوريا الشمالية لقوتها النووية كتهديد. وفي هذا السياق، انتقد البيان بشدة التجربة الأميركية الأخيرة لصاروخ باليستي عابر للقارات، مشيراً إلى أنها تأتي ضمن نمط من "الابتزاز واستعراض القوة" الذي يغذي التوترات الإقليمية والدولية.

افتعال المشاكل


وذهب البيان إلى اتهام المسؤولين العسكريين الأميركيين بـ"افتعال المشاكل" حيال ما وصفه بـ"التدابير الدفاعية المشروعة" لكوريا الشمالية، مشيراً إلى أن واشنطن لا تتردد في إطلاق تصريحات استفزازية تُلمّح إلى احتمال نشوب حرب. وضمن هذا المنطق، تعهدت بيونغ يانغ بمواصلة تطوير "رادع حربي" يهدف إلى التصدي لما تعتبره تهديداً ناتجاً عن التوسع النووي الأميركي، في خطاب يعكس تصميماً واضحاً على التمسك بنهج الردع المستقل.


اللافت أن هذا التصعيد لم يأتِ في فراغ. فالمزاج السياسي في كوريا الشمالية، وخصوصاً في خطاب الزعيم كيم جونغ أون، اتجه في الأشهر الأخيرة نحو لهجة أكثر هجومية واندفاعاً، مع تنامي ظهوره العلني في المنشآت العسكرية وتكثيف تصريحاته حول "المسؤوليات الجبهوية" لقواته. ويشير محللون كوريون جنوبيون إلى أن كيم يستثمر ما يرونه تخبطاً في سياسة واشنطن الخارجية، إضافة إلى تطور علاقاته الأمنية والاقتصادية مع روسيا.

تحركات بيونغ يانغ الاستراتيجية


ويرى هؤلاء المحللون أن الزعيم الكوري الشمالي، الذي كان يمثل لعقود جزءاً من معادلة معزولة وهامشية في النظام العالمي، قد بلغ اليوم ذروة غير مسبوقة من النفوذ والثقة. ويعزى هذا التحول جزئياً إلى التقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما منح بيونغ يانغ مظلة سياسية ودبلوماسية جديدة، تعزز مكانتها الإقليمية والدولية.


ويُعتبر هذا الأمر مقلقاً في نظر خبراء الأمن الدوليين، نظراً لما تملكه كوريا الشمالية من ترسانة نووية متنامية، إلى جانب قوات تقليدية كبيرة، والأهم من ذلك، الطبيعة غير المتوقعة لسلوك النظام. كما أن الظرف الجيوسياسي العالمي الحالي، الذي يشهد حالة من الفوضى وعدم الاستقرار منذ وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، يُمثل أرضاً خصبة لتحركات بيونغ يانغ الاستراتيجية.
وفي هذا الإطار، يوضح كيم سانغ وو، المسؤول السابق في حزب "المؤتمر الكوري الجنوبي من أجل السياسة الجديدة"، أن كيم جونغ أون بات يتحرك بثقة متزايدة مدفوعة بما تحقق من تقارب مع روسيا، وأنه يوظف هذا التقارب لتوسيع هامش المناورة والردع في مواجهة الضغوط الأميركية.