اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

قائد إسرائيلي يعترف: الجيش مستنزف ويدفع ثمن قرارات فاشلة

جيش الاحتلال
محمود المصري -

تفاقم أزمة التجنيد الإجباري في إسرائيل لتكشف عن تصدعات عميقة داخل المؤسسة العسكرية والمشهد السياسي، وسط استنزاف متزايد لقدرات الجيش وتهديدات مباشرة لبقاء الائتلاف الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو.


ففي تصريحات لافتة، حذر قائد كتيبة احتياط في الجيش الإسرائيلي، في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت، من أن قوات الاحتياط تعاني من استنزاف جسدي ونفسي بالغ نتيجة طول فترة العمليات وتكرار الاستدعاءات. و أضاف أن الجنود باتوا يدفعون "ثمن قرارات سياسية يتخذها مسؤولون لا يدركون تبعاتها الميدانية"، مؤكداً الحاجة الماسة إلى توسيع قاعدة التجنيد الإجباري لتقاسم الأعباء العسكرية، في إشارة ضمنية إلى الامتيازات التي يحظى بها المتدينون اليهود (الحريديم) الذين يُعفون من الخدمة العسكرية منذ قيام الدولة.

الجيش الإسرائيلي بين الاستنزاف والشرخ الداخلي


هذا الانتقاد العلني من داخل المؤسسة العسكرية ليس معزولًا، بل يأتي في وقت بالغ الحساسية سياسياً، حيث يتصاعد التوتر بين مكونات الائتلاف الحكومي. الأحزاب الدينية، الحليف الأساسي لنتنياهو، تهدد بإسقاط حكومته إذا لم يتم تمرير قانون جديد يعيد التأكيد على إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، معتبرة التجنيد الإجباري لهم خطاً أحمر.
و قد زاد الوضع تعقيداً بعد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الصادر في 25 يونيو 2024، الذي قضى بإلزام الحريديم بأداء الخدمة العسكرية ووقف الدعم المالي للمؤسسات الدينية التي لا تمتثل لتجنيد طلابها. القرار أثار موجة غضب واسعة بين قواعد الحريديم، ترافقت مع احتجاجات متصاعدة في شوارع المدن الكبرى وتهديدات بسحب الثقة من الحكومة في الكنيست، ما ينذر بأزمة سياسية قد تؤدي إلى انتخابات مبكرة.

أزمة التجنيد الإجباري تهدد بقاء حكومة نتنياهو

في المقابل، تواجه الحكومة ضغوطاً متزايدة من قيادة الجيش والرأي العام المدني، التي ترى أن استمرار استثناء فئة كبيرة من المجتمع من الخدمة يقوض من مبدأ العدالة الاجتماعية و يؤثر على الكفاءة القتالية للجيش الإسرائيلي، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتزايدة على أكثر من جبهة.
الأزمة، التي تجمع بين الاحتقان الشعبي، والانقسام المجتمعي، والتجاذبات الحزبية، تضع حكومة نتنياهو أمام اختبار صعب، حيث يتعيّن عليها إما المضي في سن قانون يرضي الأحزاب الدينية ويخالف قرار المحكمة العليا، أو المخاطرة بانهيار الائتلاف و دخول نفق سياسي جديد.
و في ظل هذه المعضلة، تزداد المخاوف من أن يتحول الخلاف حول قانون التجنيد إلى أزمة بنيوية تهدد التوازن الهش بين الدولة الدينية و الدولة المدنية في إسرائيل، و ربما تؤسس لمرحلة من عدم الاستقرار المزمن في النظام السياسي الإسرائيلي.