اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

الضربة الكبرى.. إسرائيل تشعل فجر طهران وتخلط أوراق الردع في الشرق الأوسط

إيران
محمود المصري -

إسرائيل تُشعل فتيل مواجهة جديدة بعد توجيه ضربة عسكرية مباشرة وغير مسبوقة لعمق الأراضي الإيرانية، استهدفت من خلالها البنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني، ومراكز القيادة العسكرية، وشخصيات بارزة في هرم النظام الإيراني.
فجر هذا اليوم، أقدمت إسرائيل على عملية عسكرية جوية مركّزة، وصفتها مصادر إسرائيلية بأنها "الأعنف" في تاريخ الصراع غير المباشر بين تل أبيب وطهران. استهدفت الضربة مواقع استراتيجية، أبرزها منشآت نووية مثل نطنز، آراك، بيرانشهر وكرمانشاه، إلى جانب مقار قيادية للحرس الثوري. وقد كشفت التسريبات الأولية أن العملية استندت إلى اختراق استخباراتي واسع النطاق، مكّن الموساد من تعطيل أنظمة الدفاع الجوي والرادارات الإيرانية، في تمهيد لما وصفته إسرائيل بـ"ضربة قطع الرأس".

خسائر بشرية وعسكرية غير مسبوقة

أسفرت الضربة عن مقتل عدد من كبار قادة الحرس الثوري، منهم اللواء حسين سلامي، رئيس هيئة الأركان اللواء محمد باقري، اللواء غلام علي رشيد، بالإضافة إلى علماء بارزين في البرنامج النووي الإيراني مثل فريدون عباسي ومحمد مهدي طهرانجي. كما أُصيب مستشار خامنئي، علي شمخاني، بجروح خطيرة، وتم تعيين قيادة عسكرية مؤقتة لسد الفراغ.

دعم أمريكي ـ بريطاني وتحول في قواعد الاشتباك

الرئيس الأميركي دونالد ترامب صرّح عبر "فوكس نيوز" قائلاً: "الكثير من القادة الإيرانيين لن نراهم بعد الآن". بينما أكدت مصادر أمنية أن العملية تمّت بدعم لوجستي مباشر من الولايات المتحدة وبريطانيا، عبر طائرات AWACS للإنذار المبكر، في إشارات إلى تنسيق عسكري استخباراتي عالي المستوى بين إسرائيل والبنتاغون.

إيران في موقف حرج

حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر رد عسكري مباشر من طهران، التي أعلنت فقط إغلاق مجالها الجوي ورفعت حالة التأهب القصوى، وسط حالة من الصدمة الداخلية والارتباك السياسي. يظهر المشهد أشبه بما حدث بعد اغتيال قاسم سليماني عام 2020، لكن هذه المرة بشكل أوسع وأعمق، وداخل قلب إيران.

تواجه طهران معضلة ثلاثية:
عدم القدرة على خوض حرب شاملة في ظل العقوبات والضغوط الداخلية.


حاجة سياسية وعسكرية إلى ردّ يحفظ ماء الوجه ويعيد ترميم هيبة الردع.


مخاطر التورط في صراع مفتوح قد يؤدي إلى زعزعة أمن المنطقة برمتها.


خيارات الرد.. مؤجلة ومركّبة

الاحتمال الأقرب أن تعتمد طهران على استراتيجية "الرد المؤجل" عبر أذرعها الإقليمية (حزب الله، الميليشيات العراقية، الحوثيين)، أو اللجوء إلى حرب سيبرانية تستهدف مصالح إسرائيل أو حلفائها، وربما تنفيذ عمليات نوعية خارج حدودها الجغرافية.

إسرائيل ما بعد الخطوط الحمراء

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكّد أن "العملية مستمرة لأيام"، مشددًا أن إسرائيل قررت ضرب قلب المشروع النووي الإيراني، بعد وصول "التهديد الإيراني إلى مستويات لا يمكن التساهل معها".

ما يُميز هذه الضربة أنها أزالت الخطوط الحمراء التي حكمت العلاقة بين الطرفين لعقود، وجعلت من المواجهة المباشرة خيارًا فعليًا. إنها لحظة نهاية استراتيجية الردع المتبادل، وبداية ما يمكن تسميته بـ"الردع العدمي"، حيث الجميع معرض للخطر، ولا ضمانات لأحد.

الجغرافيا لم تعد درعًا

لقد تكرّس في السنوات الماضية نمط من الاغتيالات المنهجية الإسرائيلية لقادة في غزة ولبنان وسوريا، ومرورًا بعلماء في إيران، من دون ردود حاسمة أو إدانة دولية فعالة. هذه السابقة من الصمت الدولي مكّنت إسرائيل من فرض منطقها الأمني الأحادي على كامل رقعة الشرق الأوسط، مدعومة بشرعية غربية ضمنية أو معلنة.

اليوم، المنطقة كلها أمام معادلة مرعبة:
من تصنّفه إسرائيل خطرًا وجوديًا، قد يُمحى جويًا في دقائق، سواء كان في طهران، دمشق، بيروت، أو حتى أبعد.
انهيار الداخل الإيراني؟
العملية كشفت هشاشة غير مسبوقة في البنية الأمنية الإيرانية، سواء عبر اختراقات استخباراتية دقيقة، أو تواطؤ داخلي محتمل، مما يفتح الباب أمام سلسلة اختراقات جديدة مستقبلًا، ويطرح تساؤلات مصيرية حول صلابة النظام، وإمكانية إعادة بناء الردع من جديد.

في النهاية، إسرائيل اختارت أن تتحرك الآن، بتنسيق أميركي، لتوجيه ضربة استباقية إلى برنامج نووي تعتبره تهديدًا وجوديًا.
كما تعاني إيران من حالة شلل استراتيجي مؤقت، توازن فيه بين الردّ والحذر، الردع المتبادل في المنطقة قد يكون قد تآكل نهائيًا.

ويقف النظام الدولي متفرجًا، بينما تتحرك تل أبيب كقوة عسكرية منفلتة من عقال القانون الدولي.

والسؤال القائم، هل تشعل هذه الضربة حربًا شاملة، أم أننا أمام فصل جديد من حروب الظلال المفتوحة؟ ويكمن الجواب في ردّ إيران، والذي سيكون الاختبار الأهم لميزان القوة في الشرق الأوسط لعقدٍ مقبل.