اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

إيران تُحذر: إسرائيل تستخدم تتبع الهواتف في عمليات اغتيال ممنهجة

هواتف
محمود المصري -

في تطور جديد يُسلّط الضوء على بُعد تكنولوجي خفي في الصراع الإيراني-الإسرائيلي، حذرت وسائل إعلام إيرانية، اليوم الاثنين، من تصاعد خطير في وتيرة عمليات الاغتيال التي تُتهم إسرائيل بتنفيذها، من خلال استخدام تقنيات متطورة لتتبع الهواتف المحمولة. وتأتي هذه التحذيرات في ظل بيئة إقليمية مشحونة، تشهد تصاعداً في عمليات تصفية شخصيات بارزة داخل محور المقاومة، لا سيما تلك العاملة في المجالات العلمية والأمنية.
وبحسب تقرير نشرته وكالة "فارس" الإيرانية شبه الرسمية، فإن "تل أبيب تعتمد بشكل رئيس على تتبع إشارات الهواتف المحمولة لتحديد مواقع الشخصيات المستهدفة وتصفية وجودها جسدياً"، معتبرة أن هذه الأساليب أصبحت ركيزة أساسية في استراتيجيات الاغتيال الإسرائيلية. ولفت التقرير إلى أن هذه التقنيات استخدمت بالفعل في عمليات سابقة، مشيراً تحديداً – في ما وصفته بهجوم إعلامي مباشر – إلى "اغتيال إسماعيل هنية"، الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس، رغم أن الخبر لا يتطابق مع ما هو معروف عن وضع هنية الحالي، مما قد يُفهم منه تهديداً مبطّناً أو إشارة إلى محاولات اغتيال فاشلة.
وتكمن خطورة هذه الأدوات التكنولوجية، وفق التحذيرات الإيرانية، في أن إيقاف تشغيل الهاتف المحمول لا يُعد كافياً لمنع تتبعه. إذ أوضحت وكالة فارس أن الأجهزة قد تظل ترسل إشارات حتى في حال إيقافها، ما يجعل من الضروري إغلاق الهاتف في موقع منفصل وآمن بعيداً عن الموقع الحقيقي للشخص المستهدف، وعدم اصطحابه إلى أي مكان يُعد حساساً أمنياً أو يُمكن أن يُشكل هدفاً محتملاً للعدو.
السلطات الأمنية في طهران استبقت أي تداعيات محتملة عبر إصدار تعليمات مباشرة للنشطاء والعاملين في القطاعات السياسية والعسكرية والاستخباراتية، تُلزمهم باتباع إجراءات صارمة فيما يخص أمن المعلومات والتحركات الشخصية. وقد اعتبرت هذه التوجيهات "بالغة الأهمية"، في ظل تنامي التهديدات، ليس فقط من إسرائيل، بل أيضاً من حلفائها ووكلائها الذين يمتلكون إمكانيات اختراق إلكتروني متقدمة.
خلفية الأزمة وسياقها الإقليمي:
يأتي هذا التصعيد الأمني التقني ضمن موجة أوسع من التوترات التي تشهدها المنطقة منذ أشهر، حيث كثّفت إسرائيل عمليات استهدافها لعناصر من حماس والجهاد الإسلامي، وكذلك لعلماء في البرنامج النووي الإيراني، سواء داخل إيران أو في ساحات أخرى كالعراق وسوريا ولبنان. ومن المعروف أن إسرائيل طورت خلال السنوات الماضية تعاوناً وثيقاً بين أذرعها الأمنية، مثل "الموساد" ووحدات الاستخبارات الإلكترونية، ما جعلها من أبرز الدول في توظيف الفضاء السيبراني ضمن عملياتها الهجومية.
كما أن تل أبيب سبق أن استخدمت أساليب مشابهة في اغتيالات رفيعة المستوى، مثل عملية اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده في 2020، والتي تشير التحقيقات إلى أنها تمت عبر تقنيات تتبع وتنصّت عالية الدقة، من بينها تتبع إشارات الهواتف واستخدام ذكاء اصطناعي لتحديد المسار.

تحليل أمني


التحذير الإيراني لا يعكس فقط قلقاً داخلياً من اختراقات استخباراتية، بل يكشف أيضاً عن مدى هشاشة البنية الأمنية لبعض الشخصيات البارزة أمام الوسائل التكنولوجية الحديثة، وهو ما قد يدفع نحو إعادة النظر في البروتوكولات الأمنية التقليدية. كما يشير إلى انتقال ساحة الصراع من ميادين القتال التقليدية إلى الفضاء الرقمي، حيث تصبح البيانات الشخصية والموقع الجغرافي أدوات قتل فعالة في يد الطرف الأقوى تقنياً.


وفي ضوء ذلك، تبدو إيران مضطرة إلى تعزيز قدراتها في أمن الاتصالات وإعادة هندسة سلوك النخب السياسية والعسكرية في التعامل مع أجهزتهم الشخصية، إذ لم تعد مسألة الأمان التقني ترفاً، بل ضرورة بقاء.