اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

محمد عبد المنعم يكتب: تصريحات ترامب والتصعيد المحتمل بين إيران والاحتلال

محمد عبد المنعم
-

شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيدًا عسكريًا خطيرًا بين إيران وجيش الاحتلال الإسرائيلي، في مواجهة تعد من أخطر حلقات الصراع في الشرق الأوسط خلال العقد الأخير. هذه الحرب لم تكن مجرد تبادل للضربات العسكرية، بل كشفت عن أبعاد أعمق تتعلق بانتهاك القوانين الدولية، والتطور في استخدام الأسلحة الاستراتيجية كالصواريخ الباليستية، فضلاً عن فشل المنظومات الدفاعية الإسرائيلية وعلى رأسها القبة الحديدية في التصدي لهذا السيل الهائل من الهجمات، ما تسبب في خسائر مادية جسيمة للطرفين، وأعاد ترتيب موازين القوى في المنطقة.

انتهاك صارخ للقانون الدولي

مع بداية الحرب، أقدم جيش الاحتلال على ضرب منشآت نووية إيرانية في استهداف مباشر يعتبره القانون الدولي خرقًا واضحًا لاتفاقيات حماية المنشآت المدنية والمنشآت النووية السلمية. الضربات الإسرائيلية طالت مواقع في عمق الأراضي الإيرانية، منها مفاعلات يُعتقد أنها تخدم برنامج طهران النووي، ما أثار موجة إدانات دولية، إذ يعد استهداف هذه المنشآت تصعيدًا يمكن أن يؤدي إلى كارثة بيئية وإنسانية عابرة للحدود.

في المقابل، ردت إيران بقوة عبر إطلاق صواريخ باليستية بعيدة المدى على مواقع عسكرية وحيوية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما اعتبرته طهران حقًا مشروعًا للدفاع عن النفس، بينما وصفته إسرائيل بأنه عمل عدائي يستوجب الرد.

الصواريخ الباليستية وفشل القبة الحديدية

أحد أبرز ملامح هذه الحرب كان الاستخدام المكثف للصواريخ الباليستية من قبل إيران وحلفائها في المنطقة. فخلال الأيام الأولى للهجوم الإيراني، انهالت على المدن الإسرائيلية موجات متتابعة من الصواريخ، بعضها متطور وذو قدرات اختراقية عالية. المفاجأة الكبرى كانت في عجز القبة الحديدية - التي طالما روجت إسرائيل لتفوقها الدفاعي - عن اعتراض عدد كبير من هذه الصواريخ، خاصة تلك التي أطلقت بتكتيك “الإغراق الصاروخي”، حيث تم إطلاق أعداد هائلة من الصواريخ في وقت متزامن بما يفوق قدرة القبة على التعامل معها.

هذا الإخفاق أظهر ثغرات خطيرة في المنظومة الدفاعية الإسرائيلية وأدى إلى أضرار مباشرة في منشآت عسكرية، ومطارات، ومراكز حيوية في تل أبيب ومدن أخرى.

الخسائر المادية للطرفين

تكبد الطرفان خسائر مادية فادحة.

في الجانب الإيراني:

• تدمير جزئي لبعض المنشآت النووية.

• خسائر في البنية التحتية العسكرية.

• تراجع مؤقت في قدرات الدفاع الجوي.

في الجانب الإسرائيلي:

• تدمير منشآت عسكرية وصناعية في تل أبيب وحيفا.

• توقف مؤقت لمطارات وموانئ رئيسية.

• خسائر اقتصادية قدرت بمليارات الدولارات نتيجة توقف الأنشطة التجارية وحالة الشلل التي أصابت مدنًا بأكملها.

العواقب الإقليمية للحرب

هذه الحرب سيكون لها تداعيات خطيرة على مستقبل المنطقة:

1. زيادة التوتر بين محور المقاومة وإسرائيل، مع احتمالية انضمام فصائل أخرى من لبنان وسوريا والعراق إلى دائرة الصراع.

2. تحرك القوى الدولية للضغط على الجانبين لتفادي الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة قد تشمل دول الخليج.

3. تأثير سلبي على الاقتصاد الإقليمي، خاصة مع ارتفاع أسعار النفط والغاز نتيجة تهديد الملاحة في الخليج العربي.

4. تراجع الثقة في التفوق الدفاعي الإسرائيلي، ما قد يشجع قوى إقليمية على إعادة النظر في موازين الردع.

في النهاية

الحرب بين إيران وجيش الاحتلال الإسرائيلي ليست مجرد مواجهة عسكرية محدودة، بل هي صراع شامل يحمل في طياته اختلالات استراتيجية وانتهاكات قانونية قد تغير شكل المنطقة لسنوات قادمة. في ظل غياب أفق سياسي واضح، تظل المنطقة مهددة بمزيد من التصعيد، في انتظار تدخلات دولية قد تعيد رسم خريطة التحالفات والمصالح.

التصعيد المحتمل بين إيران وإسرائيل

"في ضوء التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي أعادت تسليط الضوء على الملف الإيراني وخيارات المواجهة، يزداد المشهد الإقليمي تعقيدًا، خاصة مع استمرار التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، التي دخلت مؤخرًا مرحلة أكثر حساسية مع تبادل الضربات غير المباشرة في مسارح مختلفة من الشرق الأوسط.

من الواضح أن أي صراع مباشر بين إيران وإسرائيل لن يكون محدودًا جغرافيًا أو زمنيًا، بل قد يتحول إلى مواجهة إقليمية شاملة، خاصة إذا اندمجت فيه أطراف غير دول مثل حزب الله في لبنان، والميليشيات المتحالفة مع طهران في سوريا والعراق واليمن. وفي هذا السياق، فإن تصريحات ترامب – رغم عدم كونه في السلطة – تعكس اتجاهًا أمريكيًا داخليًا يعيد تقييم سياسة "الردع" تجاه إيران، وهو ما قد يشجع إسرائيل على المضي في عمليات استباقية أوسع.

من جهة أخرى، فإن خريطة التحالفات الدولية قد تشهد إعادة تشكل جزئي، فبينما ستقف الولايات المتحدة – خاصة في حال عودة ترامب أو تياره للسلطة – بوضوح خلف إسرائيل، فإن المواقف الأوروبية قد تكون أكثر حذرًا، بالنظر إلى مصالحها الاقتصادية والأمنية مع إيران. أما روسيا والصين، فمن المتوقع أن تستثمرا هذا التصعيد لتعزيز نفوذهما في المنطقة من خلال دعم طهران سياسياً وربما تقنياً، في إطار التنافس مع واشنطن.

أما بالنسبة للدول العربية، فإن التحالفات ستكون محكومة بأولوية الأمن القومي، وتفادي الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة في الخليج، خصوصًا أن أي تصعيد قد يهدد استقرار ممرات الطاقة وسوق النفط العالمي، ما يعني أن معظم العواصم العربية ستميل إلى ضبط النفس والدعوة للتهدئة، مع التنسيق الأمني والسياسي المكثف مع واشنطن لتفادي تداعيات الانفجار الكبير.

في المجمل، فإن المشهد القادم يتسم بقدر كبير من الخطورة، ويحتاج إلى تحرك دبلوماسي مكثف من القوى الفاعلة في الإقليم لتفادي تحول التصعيد الكلامي إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق."

محمد عبد المنعم
مساعد رئيس حزب الوعي للشئون العربية