اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
رئيس الشاباك يقر بفشله في منع «طوفان الأقصى» ويعلن مغادرة منصبه أميركا بعد 100 يوم من ولاية ترمب الثانية.. استطلاع يكشف أزمة ثقة شعبية وتحديات متفاقمة غزة تحت النار والجوع.. أزمة إنسانية تتفاقم وسط الحصار والقصف المتواصل مأزق الاتفاق النووي الإيراني.. أوروبا تحذر من العودة للعقوبات وسط مفاوضات متعثرة رقائق تحت السيطرة.. مأزق أوروبا بين الاعتماد على الصين وتحديات الاستقلال التكنولوجي انقطاع الكهرباء في إسبانيا والبرتغال يؤدي لتضرر الخدمات في شمال أفريقيا 100 يوم من التحدي.. سياسة ترمب وتفكيك النظام العالمي الليبرالي أزمة ”بوينج” والصين.. تصعيد جمركي وبوادر تصالحية وسط منافسة هندية متصاعد جرمانا تحت النار.. أزمة التسجيل المسيء وتداعيات العنف الطائفي في ريف دمشق مقتل 5 أكراد في «هجوم داعشي» بدير الزور.. والشيباني يعرب عن استعداد سوريا تعزيز العلاقات مع الصين هدنة بوتين في عيد النصر.. مبادرة رمزية تربك جهود ترمب وتعمّق الشكوك الأوروبية رئيس وزراء جامو وكشمير يدعو الهند إلى الحذر في ردها بعد الهجوم.. وباكستان ترفع درجة الاستعداد

على العالم أن يتوخى الحذر.. ألمانيا تعيد تسليح جيشها وترفع قدراته القتالية

الجيش الألماني يرفع درجة جاهزيته
الجيش الألماني يرفع درجة جاهزيته

منذ أن حصل الجيش الألماني، البوندسفير، على الضوء الأخضر مؤخراً لزيادة الاستثمارات بشكل هائل، بعد أن صوّت البرلمان ‏على إعفاء الإنفاق الدفاعي من القواعد الصارمة على الديون، ‏تتواصل التدريبات العسكرية وما يصدر عنها من انفجارات وضجيج، وهو ما يدفع سكان بلدة مونستر الصغيرة المجاورة للاختفاء، ويمكن بالكاد ملاحظة وجودهم.

ومع هذا فإن الحياة هنا سوف تزداد صخباً، مع تزايد تدريبات الجيش الألماني.

وقد قال كبير جنرالات الجش الألماني، بأنهم في حاجة ماسة إلى هذه الزيادة النقدية في الإنفاق، لأنه يعتقد أن "العدوان الروسي" لن يتوقف عند أوكرانيا.

يقول رئيس الدفاع الجنرال كارستن بروير، لبي بي سي: "روسيا تهددنا، بوتين يهددنا، علينا أن نفعل كل ما هو ضروري لردع ذلك التهديد".

ويُحذّر الجنرال بروير من أن حلف الناتو عليه الاستعداد لهجوم محتمل (من روسيا) خلال أربع سنوات مقبلة.

ويضيف رئيس الدفاع الألماني: "الموقف لا يتعلق بالوقت الذي أحتاجه (حتى الاستعداد للحرب)، بل يتعلق أكثر بالوقت الذي يمنحنا إياه بوتين للاستعداد. وكلما أسرعنا في الاستعداد (للحرب)، كان ذلك أفضل".

المحور

ويعتقد الجنرال كارستن بروير أن ألمانيا ستحتاج إلى زيادة أعداد قواتها بشكل كبير، فقد غيّر الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا التفكير في ألمانيا بشكل جذري.

لعقود طويلة نشأ الناس هنا على رفض القوة العسكرية، ودائماً ما تذكروا دور ألمانيا السابق كمعتدٍ في أوروبا.

يوضح ماركوس زينر، من صندوق مارشال الألماني في برلين: "بدأنا حربين عالميتين. ورغم مرور 80 عاماً على انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلا أن فكرة بقاء الألمان بعيداً عن الصراعات لا تزال راسخة في أعماق الشعب".

حتى الآن، لا يظل البعض قلقاً من أي تحرك قد يمثل نزعة عسكرية. وتعاني القوات المسلحة الألمانية من نقص مزمن في التمويل.

ويضيف زينر: "هناك أصوات تُحذر: هل نسير حقًا على الطريق الصحيح؟ هل تصوُّرنا للتهديد صحيح؟".

لكن إذا تعلق الأمر بروسيا، تتبع ألمانيا نهجاً خاصاً.

عندما حذّرت دول مثل بولندا ودول البلطيق من التقرب الوثيق من موسكو، وزادت هذه الدول من إنفاقها الدفاعي، اتجهت برلين لطريق مختلف في عهد المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، وأكدت على أهمية تعزيز التجارة.

تخيلت ألمانيا أن بإمكانها نقل الديمقراطية بالضغط الإسموزي إلى موسكو، لكن روسيا استولت على الأموال وغزت أوكرانيا على أي حال.

وهو ما أدى لصدمة في ألمانيا، ودفع المستشار أولاف شولتز، في فبراير 2022، إلى الإعلان عن تحول وطني في الأولويات، فيما يعرف بخطاب زيتنفيند "Zeitenwende".

وتعهد شولتو في خطابه بتخصيص مبلغ ضخم قدره 108 مليارات دولار، لتعزيز قدرات الجيش وكبح جماح "دعاة الحروب مثل بوتين".

ومع هذا، فإن رئيس الدفاع الألماني الجنرال بروير، يقول إن هذا المبلغ "لم يكن كافياً".

وأضاف، "ضيّقنا الفجوة قليلاً، لكن الوضع سيء للغاية".

وأشار في المقابل إلى الإنفاق الضخم في روسيا على الأسلحة والمعدات، وعلى المخزونات، وكذلك على خطوط المواجهة في أوكرانيا.

كما يسلط الضوء على الحرب الهجينة التي تشنها روسيا ضد المواقع العسكرية الألمانية: من خلال الهجمات الإلكترونية وعمليات التخريب، بالإضافة إلى إطلاق الطائرات المسيّرة مجهولة الهوية.

وبالإضافة إلى خطاب فلاديمير بوتين العدواني، فإن الجنرال بروير يرى أن هناك "مزيجاً خطيراً للغاية".

ويوضح أن روسيا على العكس من العالم الغربي، "لا تفكر بشكل منغلق"، الأمر لا يتعلق بالسلم والحرب، بل هو "عملية مستمرة: لنبدأ بالحرب الهجينة، ثم نُصعّد الموقف، ثم نتراجع". ويؤكد: "هذا ما يجعلني أعتقد أننا نواجه تهديداً حقيقياً".

ويُشدد على أن ألمانيا يجب أن "تتحرك بسرعة".

"القليل جداً من كل شيء"

يتوافق التقييم اللاذع لوزير الدفاع لوضع القوات الألمانية الحالي، مع تقرير صدر مؤخراً للبرلمان الألماني، وخلص إلى أن الجيش الألماني "لديه القليل جداً من كل شيء".

وكشفت مفوضة القوات المسلحة، إيفا هوجل، كاتبة التقرير، عن نقص حاد في الذخيرة والجنود، وانتهاءً بثكنات الجنود المتهالكة. وقدّرت ميزانية أعمال التجديد وحدها بنحو 67 مليار يورو (72 مليار دولار أمريكي).

يقول الجنرال بروير إن رفع سقف الدين، والسماح للجيش بالاقتراض، نظرياً - بلا سقف محدد، سيمنحه إمكانية الوصول إلى "خط تمويل ثابت" للبدء في معالجة هذا الوضع.

وأثارت الخطوة التاريخية المتعجلة التي اتخذها فريدريش ميرتس، الخليفة المتوقع للمستشار شولتز، استغراب البعض. فقد قدّم اقتراح (رفع سقف الدين للجيش) إلى البرلمان قبل حله مباشرة عقب انتخابات فبراير.

ربما فعل هذا لأن البرلمان الجديد، بيساره المناهض للنزعة العسكرية ويمينه المتطرف المتعاطف مع روسيا، أقل اتجاهاً لتأييد هذا التحرك.

لكن "التحول" الذي بدأته ألمانيا في عام 2022 اكتسب دفعة قوية جديدة هذا العام.

وكشف استطلاع رأي حديث أجرته مؤسسة يوجوف، أن 79 في المئة من الألمان ما زالوا يعتبرون فلاديمير بوتين خطراً "جداً" أو "خطراً بشكلٍ نسبي" على السلام والأمن الأوروبيين.

لكن حالياً، يرى 74 في المئة من الألمان نفس الشيء بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

جاءت نتائج الاستطلاع الأخير عقب الخطاب الذي ألقاه جيه دي فانس، نائب ترامب في مؤتمر ميونيخ، وهاجم فيه أوروبا وقيمها.

يقول ماركوس زينر: "كانت تلك اللحظة إشارة واضحة إلى أن شيئاً ما قد تغير جذرياً في الولايات المتحدة".

وأضاف: "لا نعرف إلى أين تتجه الولايات المتحدة، لكننا نعرف الآن أنه فيما يتعلق بأمننا القومي، فإن إمكانية الاعتماد على الحماية الأمريكية بنسبة 100 في المئة، قد انتهت الآن".

التخلي عن التاريخ

في برلين، يبدو أن الحذر التقليدي للألمان تجاه كل ما يتعلق بالأمور العسكرية يتلاشى بسرعة.

تقول شارلوت كريفت، البالغة من العمر 18 عاماً، إن آراءها الخاصة بالسلمية "قد تغيرت".

وتوضح شارلوت الأسباب: "لوقت طويل، اعتقدنا أن السبيل الوحيد للتكفير عن الفظائع التي ارتكبناها في الحرب العالمية الثانية هو ضمان عدم تكرارها، وكنا نعتقد أننا بحاجة إلى نزع السلاح".

"لكننا الآن في وضع يفرض علينا القتال من أجل قيمنا وديمقراطيتنا وحريتنا. علينا التكيف".

ويتفق معها لودفيج شتاين، قائلاً: "لا يزال الكثير من الألمان يشعرون بالغرابة تجاه الاستثمارات الكبيرة في جيشنا.. لكنني أعتقد أنه بالنظر إلى ما حدث في السنوات القليلة الماضية، لا يوجد خيار حقيقي آخر".

اتفقت شارلوت مع لودفيج على ضرورة تعزيز الإنفاق الدفاعي في ألمانيا

تعتقد صوفي، وهي أم شابة، أن الاستثمار في الدفاع أصبح "ضرورياً في عالمنا اليوم".

لكن ألمانيا تحتاج إلى جنود بقدر ما تحتاج إلى دبابات، إلا أنها ليست متحمسة جداً لتجنيد ابنها في الجيش.

"هل أنتم مستعدون للحرب؟"

لا يوجد لدى الجيش الألماني سوى مركز استقبال واحد دائم للجنود، وهو وحدة صغيرة تقع بين صيدلية ومتجر أحذية بجوار محطة فريدريش شتراسه في برلين.

ويعرض المركز دمىً بملابس عسكرية مموّهة وشعارات مثل "رائع وجذاب"، بهدف جذب الرجال والنساء للخدمة العسكرية، ومع هذا لا يتلقى سوى عدد قليل من المتصلين يومياً.

حتى الآن فشلت ألمانيا فعلياً في تحقيق هدفها المتمثل في زيادة عدد جنودها بمقدار 20 ألف جندي، ليصل الإجمالي إلى 203 آلاف جندي، وخفض متوسط العمر لأقل من 34 عاماً.

لكن طموحات الجنرال بروير أكبر بكثير، فقد قال إن ألمانيا بحاجة إلى 100 ألف جندي إضافي للدفاع عن نفسها وعن الجناح الشرقي لحلف الناتو بشكل فعال، أي الوصول إلى 460 ألف جندي، بما في ذلك قوات الاحتياط.

لهذا يصر الجنرال على أن العودة إلى الخدمة العسكرية الإلزامية ضرورية "بشدة".

وقال رئيس الدفاع الألماني: "لن نصل إلى هذا العدد من الجنود (البالغ عددهم 100 ألف جندي) بدون نموذج أو آخر من التجنيد الإجباري".

وأضاف: "لسنا مضطرين الآن لتحديد النموذج الذي سنحصل به عليهم. بالنسبة لي، المهم فقط هو أن نرسل الجنود".

تبحث ألمانيا حاليا عن نموذج لتطبيق التجنيد الإجباري بعد أن أوقفته في عام 2011

التعليق على الصورة،تبحث ألمانيا حاليا عن نموذج لتطبيق التجنيد الإجباري بعد أن أوقفته في عام 2011

وقد بدأ النقاش بالفعل حول هذا الموضوع.

من الواضح أن الجنرال بروير يضع نفسه في موقع قيادة الجهود الحالية لدفع "دور" ألمانيا إلى الأمام وتسريعه.

بأسلوبه السهل والجذاب، يُحب بروير زيارة البلديات والأقاليم الألمانية وطرح سؤال على الحضور: "هل أنتم مستعدون للحرب؟".

في أحد الأيام، اتهمته امرأة بتخويفها. يتذكر ردّه: "قلت لها: لست أنا من يخيفكم، بل الطرف الآخر!". مشيراً إلى فلاديمير بوتين.

ويدافع الجنرال عن موقفه محذراً من أن ناقوس الخطر المزدوج، التهديد الروسي واتجاه الولايات المتحدة نحو الانعزالية، يدق الآن بقوة في ألمانيا، ولا يُمكن تجاهله.

ويختم حديثه بالقول: "الآن أصبح مفهوماً لكل واحد منا أننا يجب أن نتغير".