الضربة الإسرائيلية لإيران.. نهاية اتفاق نووي أم بداية حرب إقليمية؟

في تصعيد غير مسبوق، نفّذت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق ضد المنشآت النووية الإيرانية ومواقع عسكرية استراتيجية، استمرت طوال ليلة أمس، ووصفتها وسائل إعلام غربية وإسرائيلية بأنها قد تكون الضربة الأقسى للنظام الإيراني منذ الثورة الإسلامية عام 1979. العملية، التي جاءت بعد ثمانية أشهر من الاستعدادات الاستخباراتية والتمركز الميداني، أعادت خلط أوراق الشرق الأوسط، وفتحت الباب أمام مواجهة إقليمية قد تجر الولايات المتحدة إليها، رغم التصريحات العلنية بالنأي بالنفس.
الأهداف والنتائج الأولية
شملت العملية سلسلة من الضربات الجوية المنسّقة، مصحوبة بعمليات تخريب سرّية نفذها عملاء ميدانيون تابعون لجهاز "الموساد" داخل الأراضي الإيرانية، وفق ما أعلنه مسؤولون إسرائيليون. الأهداف كانت نوعية ومركّزة، أبرزها:
استهداف مباشر لـ25 عالماً نووياً يعتقد أنهم يشكلون العمود الفقري لبرنامج إيران لإنتاج السلاح النووي. تأكد مقتل اثنين منهم حتى الآن.
اغتيال ثلاثة من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، بمن فيهم قائد الحرس الثوري، ورئيس الأركان، وجنرال كبير في هيئة القيادة العليا.
ضرب منشآت نووية تحت الأرض لا تزال قيد الاستهداف، مما يشير إلى استمرار العملية لعدة أيام، وفق التقديرات الإسرائيلية.
الخلفية: ثمانية أشهر من التخطيط
بحسب موقع أكسيوس، بدأت إسرائيل الإعداد للعملية منذ أكثر من ثمانية أشهر، في وقت كانت إدارة الرئيس ترامب تجري فيه محاولات متعثرة لإحياء الاتفاق النووي مع طهران. خلال هذه الفترة، جمعت تل أبيب معلومات استخباراتية دقيقة، وركّزت مواردها العسكرية، وأجرت تدريبات نوعية استعدادًا للضربة.
اللافت أن التحضيرات الإسرائيلية أثارت قلقًا في البيت الأبيض، حيث خشي بعض المسؤولين من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يتحرك دون تنسيق مع واشنطن. إلا أن نتنياهو طمأن ترامب بأنه لن يتخذ خطوة منفردة. وفي المقابل، أوضحت واشنطن أنها لن تشارك عسكريًا إذا بادرت إسرائيل بالهجوم.
تضارب في الروايات: تنسيق خفي أم عمل منفرد؟
رغم تصريحات ترامب العلنية التي أبدى فيها معارضة واضحة لأي ضربة إسرائيلية قد تعرقل مساعي التفاوض، فإن التسريبات التي حصل عليها موقع أكسيوس من مسؤولين إسرائيليين، كشفت عن رواية مغايرة. فبحسبهم، فإن البيت الأبيض كان على علم كامل بالعملية، بل وأعطاها "موافقة ضمنية"، لكن التكتيك كان قائمًا على الظهور بمظهر الرافض لإيهام الإيرانيين بعدم وجود تهديد وشيك، ومنع نقل الشخصيات المستهدفة.
وفي هذا السياق، أشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أن مكالمة هاتفية بين ترامب ونتنياهو عشية الهجوم، والتي قيل إنها محاولة أمريكية لثني إسرائيل عن المضي في الضربة، كانت في الحقيقة جلسة تنسيق أخير قبل بدء التنفيذ.
الموقف الأمريكي الرسمي: نفي علني.. وشكوك حلفاء
في أعقاب الهجوم، سارعت الإدارة الأمريكية إلى التبرؤ من أي دور مباشر، حيث صرح وزير الخارجية ماركو روبيو بأن العملية كانت "أحادية الجانب". وأضاف ترامب، في خطاب لاحق، أنه علم بالضربة مسبقًا، لكنه أكد عدم وجود تدخل عسكري أمريكي. ومع ذلك، لم يجب بوضوح عن مدى دعم بلاده لوجستيًا أو استخباراتيًا للعملية.
تصريحات ترامب تضمنت تلميحًا إلى نفاد صبره تجاه إيران، حين أشار إلى أن مهلة الستين يومًا التي منحها لطهران قبل شهرين انتهت دون نتيجة، مؤكدًا أن لدى إيران الآن "فرصة ثانية"، مما يعكس نبرة تهديد أكثر من كونها دعوة حقيقية للتفاوض.
السيناريوهات المحتملة
العملية الإسرائيلية، بحسب كثير من المراقبين، قد لا تكون سوى بداية مواجهة مفتوحة بين إسرائيل وإيران. الاحتمالات تتراوح بين:
تصعيد إيراني انتقامي قد يشمل هجمات عبر وكلاء في لبنان أو العراق أو سوريا.
انهيار كامل للمسار الدبلوماسي النووي، ما يجعل العودة للاتفاق النووي شبه مستحيلة في الأمد القريب.
انزلاق الولايات المتحدة إلى الصراع، سواء بسبب ضربات إيرانية ضد مصالحها أو ضغوط داخلية لدعم إسرائيل.