اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
المغرب وتحالف دول الساحل يعتزمون تسريع مبادرة الولوج للمحيط الأطلسي ترمب والشرق الأوسط.. 100 يوم من الغموض الاستراتيجي بين التصعيد مع إيران ورهانات غزة ولبنان رئيس الشاباك يقر بفشله في منع «طوفان الأقصى» ويعلن مغادرة منصبه أميركا بعد 100 يوم من ولاية ترمب الثانية.. استطلاع يكشف أزمة ثقة شعبية وتحديات متفاقمة غزة تحت النار والجوع.. أزمة إنسانية تتفاقم وسط الحصار والقصف المتواصل مأزق الاتفاق النووي الإيراني.. أوروبا تحذر من العودة للعقوبات وسط مفاوضات متعثرة رقائق تحت السيطرة.. مأزق أوروبا بين الاعتماد على الصين وتحديات الاستقلال التكنولوجي انقطاع الكهرباء في إسبانيا والبرتغال يؤدي لتضرر الخدمات في شمال أفريقيا 100 يوم من التحدي.. سياسة ترمب وتفكيك النظام العالمي الليبرالي أزمة ”بوينج” والصين.. تصعيد جمركي وبوادر تصالحية وسط منافسة هندية متصاعد جرمانا تحت النار.. أزمة التسجيل المسيء وتداعيات العنف الطائفي في ريف دمشق مقتل 5 أكراد في «هجوم داعشي» بدير الزور.. والشيباني يعرب عن استعداد سوريا تعزيز العلاقات مع الصين

من محاربة الاحتيال إلى تهديد الخصوصية.. هل تتحول قاعدة بيانات الأميركيين إلى أداة سياسية في يد إدارة ترامب؟

قاعدة بيانات
قاعدة بيانات

في خطوة مثيرة للجدل، تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى دمج البيانات الشخصية المحفوظة في عشرات الوكالات الفيدرالية ضمن قاعدة موحدة، بحجة مكافحة الاحتيال والحد من الهدر في الموارد العامة. غير أن هذا المشروع، الذي يُشرف عليه مباشرة رجل الأعمال والملياردير إيلون ماسك، قوبل بموجة من التحذيرات من جهات حقوقية وأمنية، وسط مخاوف من استغلال هذه "الثروة المعلوماتية" لأغراض سياسية تتجاوز بكثير ما تعلنه الإدارة.


السياق العام للمبادرة

تحت شعار "تحسين كفاءة الحكومة"، وقّع ترامب في وقت سابق أمرًا تنفيذيًا يدعو إلى توحيد السجلات الفيدرالية المنفصلة، وهي خطوة وصفها البيت الأبيض بأنها ستساهم في كشف عمليات الاحتيال وتسهيل تقديم الخدمات. البيانات المستهدفة تغطي مجالات واسعة، تشمل الضرائب، الضمان الاجتماعي، التعليم، والصحة، وتحتفظ بها وكالات متعددة مثل وزارة الخزانة، إدارة الضمان الاجتماعي، ومصلحة الضرائب.
يقود هذه الجهود فريق بقيادة إيلون ماسك، الذي أصبح له دور محوري في توجيه السياسة الرقمية للإدارة، حيث بدأ بمحاولة اختراق الحواجز البيروقراطية للحصول على هذه البيانات. وقد واجه الفريق مقاومة من داخل الحكومة، خصوصًا من موظفين مهنيين، وخبراء أمنيين، وقضاة فيدراليين، حذروا من تبعات هذه الخطوة على خصوصية المواطنين وأمن البلاد.
الاختراق القضائي والبيروقراطي
رغم عشرات الدعاوى القضائية والقيود الأولية المفروضة على مشروع الدمج، نجح فريق ماسك مؤخرًا في الحصول على حكم قضائي من محكمة الاستئناف يسمح لهم بالوصول إلى بيانات من وزارات الخزانة والتعليم ومكتب إدارة شؤون الموظفين. كما وافقت مصلحة الضرائب، بشكل مثير للجدل، على مشاركة بيانات دافعي الضرائب مع وزارة الأمن الداخلي لتحديد المهاجرين المستهدفين بالترحيل، ما أدى إلى استقالات جماعية من مسؤولي الوكالة احتجاجًا على القرار.


مخاوف الخصوصية والانتهاك السياسي

ترى منظمات حقوق الإنسان وخبراء الخصوصية أن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في حجم البيانات المجمعة، بل في إمكانية استخدامها كسلاح سياسي أو أمني. إذ يمكن، من خلال هذه البيانات، رصد الخصوم، تتبع المهاجرين، فضح معلومات طبية أو مالية حساسة، بل وحتى التأثير على الانتخابات أو المنافع الحكومية المقدمة للمواطنين.
ووصف النائب الديمقراطي جيمي راسكين المشروع بأنه "أداة استبدادية"، محذرًا من أنه لا توجد حالة واحدة تثبت أن الحكومة بحاجة إلى الوصول الشامل إلى بيانات جميع المواطنين من أجل مكافحة الاحتيال. وأضاف: "هذه ليست فقط خطوة غير ضرورية، بل هي بمثابة فتح الباب أمام استغلال سياسي وانتهاك للخصوصية على النمط الروسي أو الصيني".

إيلون ماسك بين الإصلاح التكنولوجي والتوظيف السياسي


رغم أن ماسك يبرر المشروع بضرورات الكفاءة الحكومية، فإن مشاركته في هذا الجهد تثير شكوكًا حول ازدواجية الأدوار، حيث يجمع بين النفوذ الاقتصادي الهائل والرغبة في التأثير على هياكل السلطة. تصريحاته لقناة "فوكس نيوز" ركزت على الربط بين قواعد البيانات كمفتاح لتقليص الاحتيال، لكن النقاد يرون أن هذه التبريرات لا تكفي لتبرير المخاطر القانونية والدستورية المترتبة على إنشاء قاعدة مركزية بهذا الحجم.


البُعد الأخلاقي والدستوري

المشروع يطرح تساؤلات خطيرة حول التوازن بين الأمن والكفاءة من جهة، والخصوصية والحرية من جهة أخرى. فالقاعدة المركزية المزمع إنشاؤها قد تتحول من أداة تقنية إلى منصة مراقبة شاملة تنسف مبدأ الثقة بين المواطن والدولة، وهي الثقة التي تستند إليها قوانين الخصوصية الأميركية منذ عقود.

إن ما يجري في واشنطن اليوم ليس مجرد مشروع تقني لتحديث أنظمة الحكومة، بل صراع عميق حول طبيعة الدولة وحدود سلطتها. فبينما تروّج إدارة ترامب للمشروع باعتباره إصلاحًا إداريًا، يرى معارضوها أنه خطر وجودي على الحقوق المدنية والدستورية. المشروع قد يُخلّف آثارًا عميقة، ليس فقط على شكل الحكم، بل على علاقة المواطن الأميركي بدولته، إذا ما أصبح "كنز البيانات" هذا أداةً في يد الساسة، لا وسيلة لحماية المال العام.

موضوعات متعلقة