اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

مفاوضات مسقط الرابعة.. إيران: لا مساومة بشأن تخصيب اليورانيوم وبرنامجنا النووي قانوني

وزير الخارجية الإيراني
وزير الخارجية الإيراني

في خطوة جديدة ضمن المسار الطويل والمعقد للمفاوضات النووية، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن انطلاق الجولة الرابعة من المحادثات بين طهران وواشنطن في العاصمة العُمانية مسقط، مؤكدًا على تطلعات بلاده لبلوغ "مرحلة حاسمة" خلال هذه الجولة التي يُنتظر أن تكون محورية في رسم ملامح العلاقة المستقبلية بين الطرفين.


تصريحات عراقجي جاءت حاملة لرسائل صريحة وحاسمة، تضع حدودًا واضحة لما يمكن التفاوض حوله وما لا يمكن. فقد جدد الوزير التأكيد على أن البرنامج النووي الإيراني لا يزال قانونيًا وسليمًا، ويخضع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما تسعى طهران لترسيخه كأمر واقع غير قابل للتنازل أو المساومة. وذهب أبعد من ذلك حين اعتبر نشاط تخصيب اليورانيوم "إنجازًا وطنيًا" دُفع ثمنه بدماء العلماء الإيرانيين، وهو خطاب لا يخلو من بعد رمزي تعبوي يعزز الموقف التفاوضي الإيراني برصيد من التضحيات والمشروعية الوطنية.


في المقابل، كشف عراقجي عن وجود مقترحات متبادلة بين طهران وواشنطن، لكنه أبدى قلقًا من ما وصفه بـ"التصريحات المتناقضة والمواقف المتغيرة في الإعلام الأمريكي"، معتبرًا أن هذا التذبذب يشكل عقبة حقيقية أمام التقدم. ومن خلال هذا الطرح، يُلمح الجانب الإيراني إلى فقدان الثقة في النوايا الأمريكية، ويشير ضمنيًا إلى أن الانقسام الداخلي في واشنطن سواء بين مؤسسات الدولة أو بين البيت الأبيض والكونغرس ينعكس سلبًا على استقرار الموقف التفاوضي الأمريكي.


الإشارة إلى "المنطق الواضح" الذي تأمل طهران أن يأتي به الطرف الآخر تحمل بعدًا نقديًا، وتفتح باب التأويل حول ما إذا كانت إيران تسعى فعليًا لتسوية، أم أنها فقط تعيد ضبط مواقفها التفاوضية دون استعداد جوهري لتقديم تنازلات حقيقية.


هذه الجولة من المحادثات تأتي في ظل بيئة إقليمية متوترة، وضغوط اقتصادية متصاعدة على إيران بفعل العقوبات، يقابلها حذر أمريكي من تقديم تنازلات قد تُفسَّر داخليًا كضعف، خاصة في ظل الحملات الانتخابية المقبلة. وعليه، فإن مسقط تبدو اليوم كمساحة رمزية وجغرافية لحوار محفوف بالتحديات، حيث تتقاطع فيه الحسابات الاستراتيجية مع المواقف العقائدية والرمزية.


الأزمة النووية الإيرانية، في جوهرها، لم تكن يومًا مجرد خلاف تقني حول نسب التخصيب أو عدد أجهزة الطرد المركزي، بل تمثل منذ نشأتها صراعًا على النفوذ والسيادة وتوازن القوى في الإقليم، وهو ما يجعل أي "مرحلة حاسمة" رهينة لحسابات أعقد من مجرد تبادل المقترحات.

ملامح "المرحلة الحاسمة" المحتملة في مفاوضات مسقط


1. اتفاق جزئي أو مؤقت (Deal-in-Phases):
قد تشهد الجولة الرابعة بلورة "اتفاق جزئي" يهدف إلى خفض حدة التوتر دون حل جذري، وهو سيناريو تفضّله الأطراف في الأزمات المعقدة. يشمل هذا الاتفاق:
رفع جزئي ومؤقت لبعض العقوبات (خاصة المتعلقة بالأدوية والقطاع الإنساني).


تجميد مستويات التخصيب عند حدود معينة (مثلاً أقل من 60%).


زيادة شفافية إيران في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.


تبادل رسائل سياسية "حسن نية" من كلا الطرفين (مثل إطلاق سراح سجناء أو تسهيلات تجارية).


2. اتفاق تقني بملاحق مؤجلة سياسياً:
إذا جرى تقدم في النقاط التقنية (مثل عدد أجهزة الطرد المركزي، ومستوى الرقابة)، يمكن توقيع إطار اتفاق تقني، على أن تُرجأ القضايا السياسية الخلافية الكبرى (مثل دور إيران الإقليمي وبرنامج الصواريخ) لجولات لاحقة، ما يسمح بحفظ ماء وجه الطرفين داخليًا.
3. اتفاق نهائي مشروط ("If-Then Framework"):
سيناريو أكثر طموحًا لكنه أقل احتمالًا، يقوم على ربط التنازلات بشرط التنفيذ المرحلي:
إذا رفعت واشنطن العقوبات البنكية والنفطية، فستوافق طهران على تقليص التخصيب وإعادة تشغيل كاميرات الوكالة.


إذا تأكدت طهران من التزام واشنطن، فستدخل في مفاوضات أوسع تشمل قضايا الأمن الإقليمي.


4. فشل تفاوضي منظم مع تحميل متبادل للمسؤولية:
إذا استمرت التناقضات في المواقف الأمريكية أو أصرّت إيران على شروط غير واقعية، فقد تعلن الجولة عن "وصول المفاوضات إلى طريق مسدود". في هذه الحالة:
تسعى إيران لتصوير المفاوضات كفشل أمريكي في تقديم ضمانات.

وقد تلجأ واشنطن لتصعيد دبلوماسي أو حتى فرض عقوبات جديدة تحت مبرر "المماطلة الإيرانية".

يبقى الباب مفتوحًا لمسار دبلوماسي موازي (ربما بوساطة أوروبية أو خليجية).