إيران تلوّح بالانسحاب من المفاوضات النووية

تعيش المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة حالة من الجمود والتوتر المتزايد، بعد تصريحات متبادلة كشفت عن حجم التباعد بين مواقف الطرفين، وعمق الشكوك المتبادلة حول جدوى الحوار. فقد أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن طهران تدرس جديًا ما إذا كانت ستشارك في الجولة الخامسة من المحادثات النووية، في ظل ما وصفه بـ"المطالب غير المنطقية" من الجانب الأميركي، خصوصًا فيما يتعلق بقضية تخصيب اليورانيوم.
التخصيب مستمر
وتأتي هذه التصريحات عقب إعلان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن إدارة ترمب تسعى إلى اتفاق نووي جديد لا يتضمن السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم، الأمر الذي تعتبره طهران حقًا سياديًا غير قابل للتفاوض.
وأوضح عراقجي أن موقف بلاده واضح، وأن التخصيب سيستمر سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا، لكنه أبدى في المقابل استعدادًا لمواصلة الشفافية والتعاون بشأن البرنامج النووي السلمي إذا ما تم رفع العقوبات الاقتصادية، التي وصفها بـ"الظالمة".
هذا التوتر زادت حدته بعد تصريحات أدلى بها المرشد الأعلى علي خامنئي، أبدى فيها شكوكه بشأن جدوى المفاوضات، قائلًا إن المحادثات السابقة لم تؤدِ إلى نتائج، وإنه لا يرى مبررًا للتفاؤل بشأن جولة جديدة.
وقد أعاد خامنئي التذكير بموقف الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي الذي رفض بوضوح الانخراط في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، مشددًا على أن ذلك جاء منعًا لأن تُستخدم إيران كورقة دعاية للعدو، بحسب تعبيره.
موقف معقد ومتشابك
وفي الوقت الذي تُناقش فيه طهران مقترحًا أميركيًا لعقد الجولة الخامسة من المحادثات بين روما ومسقط، كشفت شبكة CNN عن معلومات استخباراتية تشير إلى أن إسرائيل تُجري تحضيرات جدية لتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية.
ووفقًا لمسؤولين أميركيين مطلعين، فإن هذا التحرك الإسرائيلي المحتمل يمثل تحولًا خطيرًا في المسار، خاصة وأنه قد يشعل صراعًا أوسع في الشرق الأوسط، وهو ما تسعى واشنطن لتجنبه بعد تصاعد التوترات نتيجة الحرب في غزة.
من جانب آخر، أكد وزير الخارجية الأميركي في جلسة استماع بمجلس الشيوخ أن الملف الأساسي في المفاوضات الحالية هو التخصيب، وأن الإدارة الأميركية ترى أنه يمكن لإيران أن تمتلك برنامجًا نوويًا مدنيًا من دون امتلاك القدرة على تخصيب اليورانيوم، إذ يعتبر ذلك مدخلًا لإنتاج السلاح النووي، وهو ما لا يمكن قبوله.
في المقابل، تواصل طهران التشديد على أن التخصيب مسألة كرامة وطنية، وترفض أي تسوية تتضمن التخلي عنه.
وفي ظل هذا التباعد الصارخ، والتصريحات المتشددة من كلا الطرفين، تبدو فرص العودة إلى طاولة التفاوض محفوفة بالمخاطر، خاصة مع دخول أطراف إقليمية مثل إسرائيل على الخط، وسط ترقب دولي لأي تطور قد يُشعل فتيل مواجهة جديدة في منطقة ملتهبة أصلًا.