تحالف لا يهتز.. وزيرة الأمن الداخلي الأمريكي تؤكد استمرار الدعم لإسرائيل

في مشهد يعكس عمق التحالف الاستراتيجي بين واشنطن وتل أبيب، أعلنت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكي كريستي نويم من الأراضي الإسرائيلية أن دعم بلادها لإسرائيل "ثابت ومستمر"، مؤكدة أن الحرب على الإرهاب ستبقى أولوية مشتركة بين الطرفين. جاءت تصريحات نويم خلال مؤتمر صحافي مشترك عقدته مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر والسفير الأمريكي في تل أبيب مايك هوكابي، في أعقاب الهجوم الدامي الذي وقع في العاصمة الأمريكية وأدى إلى مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية.
الزيارة، التي جاءت بتكليف مباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، تحمل دلالة سياسية تتجاوز طابع التضامن الدبلوماسي المعتاد. فهي إشارة صريحة إلى أن الولايات المتحدة ترى في استهداف البعثات الإسرائيلية – حتى داخل أراضيها – تهديدًا يتقاطع مع أمنها القومي، ويستدعي تحركًا سياسيًا وأمنيًا مشتركًا. نويم شددت في كلمتها على أن "يارون وسارة"، الموظفين القتيلين، كانا يتحليان بالشجاعة والأمل، وملتزمين بخدمة السلام، ما يضفي طابعًا إنسانيًا يكرّس رواية الضحية الإسرائيلية في سياق دولي متوتر.
بدوره، لم يتوانَ وزير الخارجية الإسرائيلي عن استثمار اللحظة لتأكيد الموقف الإسرائيلي التقليدي: "إسرائيل لن تستسلم أمام الإرهاب". ساعر ربط الهجوم مباشرة بموجة معاداة السامية، معتبرًا أن الرئيس ترمب أظهر التزامًا قويًا بمحاربتها، في وقت بات فيه الحديث عن معاداة اليهوديّة ورقة ضغط سياسية وإعلامية تسعى تل أبيب لتوظيفها دوليًا.
في الخلفية، كانت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية قد أكدت أن منفذ الهجوم – الذي فتح النار على موظفي السفارة الإسرائيلية أمام متحف يهودي في واشنطن – قد وُجهت إليه تهم القتل، بينما تواصلت الإدانات الدولية لما وُصف بأنه "هجوم على الرمزية الدبلوماسية والديانة اليهودية معًا".
هذا التطور يُعيد ترتيب أولويات العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، ويمنح ملف "محاربة الإرهاب" و"مكافحة معاداة السامية" أبعادًا أمنية وسياسية أشد حساسية. فالحادثة ليست مجرد عمل عنف فردي، بل أصبحت نقطة ارتكاز لتعزيز تحالف يزداد تماسكًا مع كل أزمة مشتركة، في وقت تتكثف فيه الضغوط الدولية على إسرائيل بسبب سلوكها في الأراضي الفلسطينية.
بين رسائل الدعم العاطفي والتأكيدات الأمنية الصارمة، يظل خطاب الطرفين متماسكًا حول سردية "الضحايا والأعداء المشتركين"، حيث يُعاد إنتاج التحالف القديم بصياغات جديدة، تستثمر في كل دم يُسفك – ولو في عاصمة القرار العالمي – لترسيخ ثنائية "إسرائيل/أمريكا في مواجهة البقية".
الخارجية الإسرائيلية تستدعي سفيرها
وفي تطور يعكس حساسية المرحلة السياسية في إسرائيل، استدعت وزارة الخارجية السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، لجلسة استماع رسمية بعد تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها دفاعًا عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهجومًا على المعارضة.
الاستدعاء، الذي تم بأمر من المدير العام للوزارة إيدن بار تال وبتوجيه من قسم التأديب في لجنة الخدمة المدنية، جاء على خلفية مقابلة إعلامية اتهم فيها لايتر "اليسار المتطرف ووسائل الإعلام" بمحاولة إسقاط نتنياهو، ووجه انتقادات حادة لمعارضي رئيس الوزراء، واصفًا اتهاماتهم له بإطالة الحرب في غزة لتحقيق مكاسب سياسية بأنها نوع من "التشهير الدموي".
وفي دفاعه عن موقفه، شدد لايتر على أنه من المشروع معارضة الحكومة، مضيفًا: "لقد عارضت حكومات خلال مسيرتي، وهذا حق مشروع، لكن هناك حدود لا يجب تجاوزها... لا تشهروا برئيس وزرائكم".
هذا الاستدعاء يعكس توترًا داخل مؤسسات الدولة بين ما يُفترض أن يكون موقفًا دبلوماسيًا محايدًا لممثل إسرائيل في واشنطن، وبين الانخراط المباشر في الصراع السياسي الداخلي، في وقت تشهد فيه إسرائيل واحدة من أكثر المراحل تعقيدًا في تاريخها الحديث، سواء في ساحة غزة أو في المشهد السياسي الداخلي المشتعل.