اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

نائبة مسلمة تفضح واقعة تحرش داخل البرلمان الأسترالي

النائبة الأسترالية فاطمة بيمان
النائبة الأسترالية فاطمة بيمان

أثارت النائبة الأسترالية فاطمة بيمان، أول امرأة محجبة في مجلس الشيوخ، جدلاً سياسياً واجتماعياً واسع النطاق بعد تقديمها شكوى رسمية ضد أحد زملائها في البرلمان، تتعلق بسلوك وصفته بـ"غير اللائق" خلال مناسبة اجتماعية ذات طابع مهني. وقد أفادت بيمان بأن زميلها الأكبر سناً، وتحت تأثير الكحول، اقترح عليها "شرب النبيذ والرقص على الطاولة"، في تجاهل واضح لهويتها الدينية والثقافية كامرأة مسلمة.
هذه الحادثة، التي جرى الكشف عنها في وسائل الإعلام البريطانية والأسترالية، ليست معزولة عن سياق أوسع، بل تندرج ضمن سلسلة من التوترات المتراكمة داخل المؤسسة البرلمانية الأسترالية، حيث تتقاطع مع قضايا متكررة تتعلق بالتمييز، والتحرش، والثقافة الذكورية المتجذرة، لا سيما ضد النساء من خلفيات ثقافية أو دينية مغايرة.
بيمان، التي تبلغ من العمر 30 عاماً، اتبعت نهجًا مباشراً وعلنيًا في معالجة الحادثة، قائلة في مقابلة مع شبكة «ABC»: "الوضوح هو اللطف"، مؤكدة أن جيلها لا يخشى التحدث بجرأة ضد ما وصفته بسلوكيات غير مهنية وغير مقبولة، حتى ضمن بيئة ما زالت تحمل بصمات تقاليد سلطوية وأبوية.
وتأتي شكوى بيمان في ظل بيئة سياسية بدأت تشهد تحولات طفيفة، خصوصاً بعد فضيحة بريتاني هيغينز التي فجّرت في عام 2021 نقاشاً وطنياً حول التحرش داخل أروقة البرلمان، ما أدى إلى تأسيس هيئة مستقلة للتحقيق في مثل هذه الشكاوى، وهي نفس الهيئة التي لجأت إليها بيمان.
رغم أنها أعربت عن رضاها عن سرعة التفاعل مع شكواها، إلا أن الحادثة أعادت تسليط الضوء على التحديات البنيوية التي تواجه النساء – وخاصة من الأقليات – داخل النظام السياسي الأسترالي، من تهميش وتحرش ومحاولات إسكات متكررة.

مسار سياسي مختلف

المفارقة اللافتة في مسيرة بيمان، أنها لا تخوض صراعاً فقط على السلوكيات الفردية غير اللائقة، بل أيضاً على مستوى السياسات والمواقف الأخلاقية. فقد كانت عضواً في حزب "العمال" حتى عام 2024، حين أعلنت انشقاقها بعد دعمها العلني لمقترح حزب "الخضر" بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، ما شكل صداماً حاداً مع خط الحزب الرسمي، ودفعها إلى تأسيس كيان سياسي جديد تحت اسم "صوت أستراليا".
تُجسّد فاطمة بيمان نموذجًا مركبًا للمرأة المسلمة المعاصرة، التي لا تكتفي بتمثيل ثقافتها ومجتمعها داخل البرلمان، بل تخوض معركة مزدوجة: ضد العنصرية المبطنة، وضد تحالفات الصمت والتواطؤ داخل النخب السياسية.

خلفية شخصية وإنسانية

وُلدت فاطمة بيمان في كابول عام 1995، وجاءت مع أسرتها إلى أستراليا في سياق الهجرة القسرية. قبل دخولها المعترك السياسي، عملت مساعدة صيدلي ومنظّمة نقابية، واختيرت في عام 2022 قدوة للمجتمع المسلم الأسترالي. هذا المسار الشخصي يعطي ثقلاً إضافيًا لموقفها، بوصفها امرأة شابة مهاجرة، تمكّنت من اختراق الحواجز الطبقية والثقافية لتصل إلى واحد من أعلى منابر القرار في البلاد.

تكشف قضية فاطمة بيمان عن تفاعل دينامي بين الأبعاد الشخصية والثقافية والسياسية في السياق البرلماني الأسترالي. هي ليست مجرد شكوى فردية، بل تجسيد لصراع أعمق: بين جيل شاب يسعى لتحديث الثقافة السياسية ومساءلة الموروث الذكوري، ومؤسسات لا تزال تكافح للخروج من ظلال الماضي.
بمثل هذه المواقف الجريئة، تُعيد بيمان تعريف دور السياسي – لا كموظف عمومي فحسب، بل كصوت مقاوم، يناضل من داخل النظام من أجل قيم العدالة والاحترام والتعددية الثقافية.