إيران تتمسك بالتخصيب.. خطوط حمراء في مواجهة الضغوط الأمريكية

في تطور يعكس تصلّب المواقف الإيرانية وتزايد التوتر في مسار المحادثات النووية، أعلنت طهران بوضوح رفضها القاطع لأي مقترح يهدف إلى تعليق تخصيب اليورانيوم، مؤكدة أن هذا الملف يُعد "خطًا أحمر" لا يمكن تجاوزه في إطار المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة. التصريحات التي صدرت اليوم عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي تأتي في لحظة دقيقة من تاريخ العلاقات الأمريكية الإيرانية، حيث تتزايد الشكوك الغربية حول نوايا طهران، في حين تصر الأخيرة على أنها لا تماطل، بل تسعى إلى اتفاق "عادل وواقعي".
لا تعليق لعمليات التخصيب
بقائي أكد أن طهران لن تقبل حتى بتعليق مؤقت لعمليات التخصيب، وهو ما يضع عقبة مركزية أمام التوصل إلى تسوية، خاصة مع تمسك بعض الأطراف الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، بضرورة الحد من أنشطة التخصيب كشرط أساسي لإعادة إحياء الاتفاق النووي. ويبدو أن الهوة بين الجانبين تتسع، في ظل عدم تحديد موعد جديد للجولة السادسة من المحادثات، ما يعكس تعثراً حقيقياً في المسار الدبلوماسي.
الموقف الإيراني، الذي بات أكثر صراحة وصرامة، يواجه ضغوطًا متعددة ليس فقط من واشنطن، بل أيضاً من الحلفاء الأوروبيين، حيث نقلت تقارير إعلامية عن مسؤولين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا تحذيرهم من أن طهران تستغل المفاوضات كوسيلة للمماطلة وكسب الوقت، في محاولة للإفلات من عقوبات إضافية محتملة.
في المقابل، تواصل إيران توجيه اتهاماتها لإسرائيل، معتبرة أنها تقف خلف ما تصفه بـ"الشائعات المضللة" حول نوايا طهران النووية، وتتهمها بمحاولة إفشال المسار التفاوضي عبر الضغط على الإدارة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين. بقائي أكد أن طموحات إيران النووية ذات طبيعة سلمية، وأن تخصيب اليورانيوم جزء لا يتجزأ من هذا البرنامج، ولا يعني بأي حال من الأحوال وجود توجهات عسكرية.
تصعيد الملف النووي
على الصعيد الإقليمي، لم تغفل طهران عن استثمار منبر الخارجية في الربط بين التصعيد في الملف النووي والمواقف من القضايا الإقليمية، حيث شدد بقائي على أن المأساة الجارية في غزة، التي وصفها بالإبادة الجماعية، تمثل المعضلة الأخطر في المنطقة. وندد بشدة بالمجزرة التي وقعت في إحدى مدارس الإيواء في غزة، معتبراً أن الصمت الغربي حيال الجرائم الإسرائيلية يشكل تواطؤاً فاضحاً، ويقوض كل الخطابات الأخلاقية التي ترفعها الدول الغربية في ساحات التفاوض الأخرى.
وفي المجمل، تعكس هذه التصريحات استراتيجية تفاوضية أكثر حدة من جانب إيران، تقوم على إعادة رسم قواعد اللعبة التفاوضية بما يتماشى مع رؤيتها الاستراتيجية، وتربط بين الملف النووي والقضايا الإقليمية، في محاولة لفرض معادلة جديدة على المجتمع الدولي: "التخصيب غير قابل للتفاوض، والمجازر في غزة غير قابلة للتجاهل".