اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

كندا بين رمزية التاج ومطامع واشنطن.. زيارة الملك تشارلز في ظل سجال السيادة والهوية

ملك المملكة المتحدة
ملك المملكة المتحدة

في لحظة مشحونة بالرمزيات السياسية والسيادية، يتوجه الملك تشارلز الثالث، ملك المملكة المتحدة، إلى كندا في زيارة تُحسب على الجانب الرمزي أكثر من كونها رسمية، لكنها تُعدّ ذات دلالات عميقة في سياق العلاقة التاريخية بين لندن وأوتاوا، وسط تصاعد نبرة المطامع الأميركية المعلنة من قبل الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي لا يخفي رؤيته لكندا باعتبارها "الولاية الأميركية الواحدة والخمسين".

الزيارة، التي تستمر ليومين، تأتي بدعوة من رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، وستشهد حدثًا غير مسبوق منذ نحو سبعة عقود، يتمثل في افتتاح الملك تشارلز لجلسات البرلمان الكندي، في سابقة لم تحدث منذ أن اضطلعت بها والدته الراحلة الملكة إليزابيث الثانية قبل 68 عامًا. بهذه الخطوة، يعيد التاج البريطاني تأكيده الرمزي على موقعه السيادي في كندا، إحدى الدول الـ15 التي لا تزال تعتبر الملك رأسًا للدولة.

شرعية رمزية

رغم أن الملك تشارلز، البالغ من العمر 79 عامًا، ما زال يخضع لعلاج السرطان، فإن إصراره على إتمام هذه الزيارة يعكس التزامه العلني تجاه كندا، لا بوصفها فقط إحدى دول الكومنولث، بل بصفتها أيضًا امتدادًا للشرعية الرمزية للتاج البريطاني في العالم الحديث.
وفي الخلفية، يبرز الجدل الأميركي–الكندي على السيادة، إذ يواصل دونالد ترمب إطلاق تصريحات مثيرة للجدل حول "ضم" كندا، تصريحات قوبلت برد قاطع من كارني، الذي اعتبر موقفه الحازم بهذا الشأن أحد مفاتيح فوزه في الانتخابات الأخيرة. وقد صرّح سفير كندا لدى بريطانيا، رالف غودال، تعليقًا على هذا الخطاب: "كندا ليست للبيع الآن، وليست للبيع أبدًا"، مؤكداً بذلك وحدة الموقف الرسمي والشعبي ضد أية محاولة للنيل من السيادة الوطنية.


الملك تشارلز، الذي حرص في مناسبات عدة على إظهار دعمه الرمزي لكندا، سواء بارتداء الميداليات الكندية أو باستخدام لقب "ملك كندا"، يواصل بهذا النهج تثبيت العلاقة الخاصة التي تربط التاج البريطاني بأوتاوا. وقد وصف علم كندا بأنه "رمز لا يعجز أبداً عن إثارة الفخر والإعجاب"، في رسالة واضحة إلى الداخل الكندي والخارج.


سيادة مستقلة


وتحمل هذه الزيارة، رغم قصر مدتها، دلالات استراتيجية في لحظة إقليمية متوترة، حيث تتقاطع الهويات التاريخية مع مطامح الهيمنة السياسية. فبينما تسعى كندا إلى تأكيد خصوصيتها كدولة ذات سيادة مستقلة وإن ظلت مرتبطة رمزيًا بالتاج البريطاني، تبرز الولايات المتحدة، أو على الأقل خطاب ترمب، كمحاولة لكسر هذا التوازن التاريخي.
بهذه الخلفية، تتحول زيارة الملك تشارلز إلى أكثر من مجرد حدث بروتوكولي، لتصبح نقطة ارتكاز رمزية في معركة السيادة والهوية، تعيد صياغة العلاقة بين كندا والتاج البريطاني، وتضع حدودًا واضحة أمام أي مطامع توسعية من الجوار الأميركي.

موضوعات متعلقة