اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

اقتحام بن غفير والمستوطنين للأقصى.. تصعيد مدروس في ذكرى ”ضم القدس” يُفجّر الغضب الإقليمي

الأقصى
الأقصى


في مشهد يحمل أبعادًا دينية وسياسية وأمنية شديدة الحساسية، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، صباح اليوم الاثنين، المسجد الأقصى برفقة مئات المستوطنين، في خطوة تستحضر رمزية الذكرى السنوية لما تُسميه إسرائيل "يوم القدس" – تاريخ احتلال القدس الشرقية وضمها عام 1967. هذه الخطوة، التي جاءت تحت حماية أمنية مشددة من الشرطة الإسرائيلية، تنذر بمزيد من التوترات في مدينة تخضع لتوازنات دقيقة ومتفجرة في آن معًا.


بن غفير، الذي ينتمي إلى أحد أكثر الأحزاب تطرفًا في الحكومة الإسرائيلية، استغل المناسبة الدينية – القومية لتوجيه رسالة صريحة عبر مقطع مصور نُشر على "تلغرام"، قال فيه: "صعدت إلى جبل الهيكل لمناسبة يوم القدس، صليت من أجل النصر في الحرب، وعودة الأسرى، ونجاح رئيس الشاباك الجديد". استخدامه لمصطلح "جبل الهيكل" بدلاً من "المسجد الأقصى" يعكس الإصرار الأيديولوجي على تكريس الرواية الدينية اليهودية في قلب واحدة من أكثر النقاط توترًا في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.


وبحسب وكالات أنباء فلسطينية، فإن الاقتحام لم يكن مجرد زيارة سياسية، بل جاء مصحوبًا بطقوس تلمودية علنية، ورفع للأعلام الإسرائيلية داخل المسجد، وأداء رقصات وصلوات، في مشهد استفزازي غير مسبوق. إحدى المستوطنات رفعت علم الاحتلال داخل باحات الأقصى، فيما تجوّل المستوطنون وهم يرتدون "الطاليت" ويحملون لفائف التوراة، مما يشير إلى محاولة فرض سيادة دينية رمزية تتجاوز مجرد التواجد العسكري.


الأمر اللافت هو التزامن بين هذا الاقتحام وبين "مسيرة الأعلام" المرتقبة، والتي تمر بمناطق حساسة في القدس الشرقية، أبرزها باب العمود وحي الواد في البلدة القديمة، حيث الغالبية الفلسطينية. هذه المسيرة التي عادةً ما ترافقها هتافات عنصرية وشعارات استفزازية، تشكل جزءًا من محاولة ترسيخ "الهوية الإسرائيلية الموحدة للقدس"، وفقًا للخطاب الرسمي، لكنها تُقرأ من الجانب الفلسطيني والعربي كاستفزاز متعمد وانتهاك صريح لحرمة المكان وتجاهل سافر لحقوق المقدسيين.


رد الفعل الإقليمي لم يتأخر، حيث أدانت وزارة الخارجية الأردنية "بأشد العبارات" اقتحام بن غفير للأقصى، واعتبرته "انتهاكًا صارخًا للوضع التاريخي والقانوني القائم"، مؤكدة أن إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، تتحمل كامل المسؤولية عن تداعيات هذه السياسات الاستفزازية. ويعكس الموقف الأردني حساسية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية في القدس، التي باتت اليوم عرضة لواحدة من أشد التحديات في العقود الأخيرة.


الاقتحام لا يمكن عزله عن السياق السياسي الإسرائيلي الداخلي؛ فبن غفير يسعى لتكريس حضوره السياسي والانتخابي عبر تغذية الخطاب القومي والديني المتطرف، خاصة في ظل التجاذبات داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن ملفات الحرب في غزة، والمفاوضات مع حماس، والأزمات الداخلية المتصاعدة. أما على المستوى الفلسطيني، فالمشهد يُشكّل جرحًا مفتوحًا في الوعي الجمعي، واستفزازًا مباشرًا قد يفجّر موجات من الاحتجاج الشعبي أو حتى المواجهات المسلحة، كما حدث في مرات سابقة عقب اقتحامات مشابهة.

خطيب الأقصى يحذر

حذر إمام وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، من تصعيد غير مسبوق في اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين على المسجد الأقصى، تزامنا مع ما يسمى ذكرى "توحيد القدس".

وأكد صبري في تصريحات لقناة الجزيرة أن "اليمين المتطرف هيمن على الحكومة الإسرائيلية، وبدأ ينقض بشراسة على المسجد الأقصى، في محاولة لفرض واقع جديد بالقوة".

وأضاف أن "ما يحصل هو اعتداء صارخ على حرمة الأقصى، وأن المستوطنين يحاولون إظهار أنهم باتوا يسيطرون على المسجد من خلال طقوسهم، ولن يكسب الاحتلال منه شيئا سوى مزيد من التوتر والاضطراب".

وأشار خطيب الأقصى إلى أن إجراءات الاحتلال تفسح للمستوطنين فرصة مواصلة عربدتهم وتدنيس الأقصى في الوقت الذي يفرض فيه الاحتلال حصارا على مدينة القدس وعلى دخول المصلين إلى المسجد.

وعبّر صبري عن أسفه الشديد لعدم وجود ردود فعل تتناسب مع ما يمر به الأقصى والقدس، وقال: لم يعد انتهاك حرمة الأقصى خافيا على أحد.

وأكد الشيخ أن المسجد الأقصى "وقف إسلامي خالص، ولن تغير هذه الاعتداءات من حقيقته شيئا، ولن تثني المقدسيين عن الدفاع عنه مهما بلغت التضحيات".

موضوعات متعلقة