محاكمة مرتقبة.. اتهام إمام أوغلو و11 آخرين بالتلاعب في انتخابات حزب الشعب الجمهوري

أفادت وكالة الأناضول الرسمية التركية، نقلًا عن وكالة الأنباء الألمانية، أن السلطات القضائية وجّهت تهمًا جنائية إلى عمدة إسطنبول المسجون، أكرم إمام أوغلو، إلى جانب 11 شخصًا آخرين، بتهمة التلاعب في نتائج التصويت خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري التركي في عام 2023. وتشير لائحة الاتهام إلى قيام المتهمين بعرض رشى سياسية ومادية، شملت وعودًا بوظائف في البلدية وبطاقات تموينية وترشيحات حزبية، بهدف التأثير على اختيار زعيم الحزب الجديد.
وبحسب وكالة "بلومبرغ"، فإن العقوبات المحتملة على هذه التهم قد تصل إلى السجن لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات، ما يضفي بعدًا جنائيًا على صراع داخلي في الحزب المعارض الأبرز في البلاد.
تحولات قيادية
وتأتي هذه التطورات في أعقاب التحولات القيادية التي شهدها حزب الشعب الجمهوري بعد هزيمة زعيمه السابق، كمال كيليجدار أوغلو، أمام الرئيس رجب طيب إردوغان في الانتخابات الرئاسية. فقد أسفر المؤتمر الذي انعقد حينها عن صعود أوزغور أوزيل إلى قيادة الحزب، في مشهد اعتُبر آنذاك إعادة تموضع للمعارضة في ظل الهزيمة الانتخابية.
غير أن المسار القانوني الحالي يهدد بإعادة خلط أوراق المشهد الداخلي للحزب. ففي حال قررت المحكمة إلغاء نتائج المؤتمر، فإن ذلك يعني إسقاط شرعية قيادة أوزيل، وفتح الباب أمام انتخابات جديدة قد تزيد من الانقسامات الداخلية وتضع الحزب أمام مفترق طرق حاسم.
من المقرر أن تعقد الجلسة القضائية التالية في 30 يونيو الجاري، وهي جلسة قد تحمل في طياتها بداية أزمة شرعية داخلية للحزب، في وقت حساس تمر فيه المعارضة التركية بمرحلة من التراجع والتشتت. كما أن محاكمة شخصية بارزة مثل إمام أوغلو، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع كأحد أبرز رموز المعارضة وأكثرهم شعبية، تضيف أبعادًا سياسية حادة إلى الملف، وتجعل من القضية أكثر من مجرد نزاع تنظيمي داخلي، بل جزءًا من معركة أوسع على مستقبل الديمقراطية التركية ومعايير التنافس السياسي فيها.
القضية تتجاوز حدود التهم القانونية لتسلط الضوء على تحديات بنيوية تواجهها الأحزاب المعارضة في تركيا، أبرزها هشاشة البنية الديمقراطية الداخلية، وقابلية النفوذ السياسي لاختراق العمليات الحزبية. كما تُبرز مدى التداخل بين أدوات الدولة والأحزاب، وتدفع للتساؤل حول مدى استقلال القضاء، خاصة في قضايا تمس التوازن السياسي في البلاد.
أكرم إمام أوغلو – صعود نجم معارض
يُعد أكرم إمام أوغلو من أبرز الوجوه الصاعدة في المعارضة التركية، وخاصة بعد فوزه برئاسة بلدية إسطنبول مرتين عام 2019، رغم محاولات السلطة إلغاء الانتخابات وإعادتها. وقد مثل فوزه ضربة رمزية قوية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، نظرًا إلى الأهمية السياسية والاقتصادية الكبرى لإسطنبول.
منذ ذلك الحين، أصبح إمام أوغلو يُنظر إليه كمرشح محتمل قوي في أي استحقاق رئاسي مستقبلي، ما جعله تحت مراقبة مستمرة من قبل السلطة وأجهزة القضاء.