اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

شارع باسم نصر الله بدلًا من خالد الإسلامبولي.. رمزية التغيير وتقارب القاهرة وطهران

خالد الإسلامبولي
خالد الإسلامبولي

في خطوة رمزية تحمل أبعاداً دبلوماسية عميقة، أعلنت السلطات الإيرانية، الأحد، تغيير اسم شارع "خالد الإسلامبولي" في العاصمة طهران إلى "سيد حسن نصر الله"، الأمين العام لحزب الله اللبناني. هذا التغيير ليس مجرد تعديل اسمي عابر في لوحات المرور، بل يمثل مؤشراً قوياً على تحولات سياسية جارية في علاقة إيران بمحيطها العربي، وعلى وجه الخصوص مع مصر.

خلفية التسمية القديمة

سُمي الشارع سابقاً باسم "خالد الإسلامبولي"، وهو الضابط المصري الذي اغتال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981. وقد شكلت هذه التسمية لعقود طويلة نقطة توتر خفي ومعلَن بين القاهرة وطهران، إذ اعتُبرت بمثابة تمجيد لعملية اغتيال رئيس دولة، ومساس مباشر بالسيادة والكرامة المصرية. وقد كانت تلك التسمية أحد أبرز العوائق أمام تطبيع كامل للعلاقات بين البلدين، لا سيما وأن العلاقات الدبلوماسية قد انقطعت أصلاً منذ عام 1979، عقب استقبال مصر للشاه المخلوع محمد رضا بهلوي.

الدلالة السياسية للتغيير

إن قرار تغيير الاسم إلى "سيد حسن نصر الله" يشير إلى أكثر من مجرد تخلي عن رمزية خالد الإسلامبولي؛ بل يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانفتاح الإيراني على مصر، ويسعى إلى إزالة "الألغام الرمزية" التي أعاقت التقارب سابقاً. وكون التغيير جاء بتنسيق مع وزارة الخارجية الإيرانية يعزز من فرضية أن الخطوة تم التخطيط لها كجزء من استراتيجية دبلوماسية شاملة، وليست مجرد مبادرة بلدية.

تقارب متسارع في العلاقات

في السياق ذاته، تكشف تصريحات نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، عن مستوى غير مسبوق من التفاهم بين القاهرة وطهران. لقاءاته المتكررة بالرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إضافةً إلى وصفه للعلاقات بأنها "لم تصل لهذا المستوى من الثقة من قبل"، كلها مؤشرات على وجود نية سياسية واضحة لإعادة تشكيل العلاقة بين البلدين على أساس المصالح المشتركة والاستقرار الإقليمي.

وقد توّجت القاهرة هذا المسار باستضافة عراقجي في 3 يونيو، إلى جانب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، وهو ما يعكس اهتمام مصر بدور فاعل في ملف البرنامج النووي الإيراني، وربما سعيها لتكون وسيطاً في أحد أعقد الملفات الدولية.

حزب الله في الصورة: اختيار نصر الله بديلاً

اختيار اسم حسن نصر الله بديلاً لخالد الإسلامبولي لا يخلو من حسابات سياسية معقدة. فهو يمثل تحولاً من تمجيد "العمل الفردي المسلح" إلى الاحتفاء بزعماء محاور إقليمية يدورون في فلك "المقاومة المنظمة" والمشروع الإيراني. وقد يرى البعض في القاهرة ذلك خطوة رمزية على قدر من الحرج، نظراً لحساسية موقف مصر من حزب الله، إلا أن السكوت المصري الرسمي عن الخطوة حتى الآن يعكس نضجاً دبلوماسياً وحرصاً على عدم إجهاض مسار الانفتاح.

رمزية تتجاوز التسمية

إن تغيير اسم الشارع ليس قراراً عمرانياً، بل خطوة سياسية مدروسة تشير إلى نزع فتيل أزمة قديمة كانت تعيق العلاقات بين قوتين محوريتين في الشرق الأوسط. كما أن الخطوة تفتح الباب أمام مزيد من التنسيق السياسي، وربما الاقتصادي، بين مصر وإيران، في وقت تعاني فيه المنطقة من تصاعد التوترات وتغير في موازين القوى.

وفي ضوء هذه التطورات، يمكن القول إن "شارع الإسلامبولي" الذي ظل شاهداً على القطيعة، بات اليوم مرآة لانفراج محتمل، و"شارع نصر الله" قد يتحول إلى ممر سياسي نحو خريطة شرق أوسط جديد.