اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

القنبلة القذرة.. سيناريوهات ”اليأس النووي” الإيراني في مواجهة إسرائيل والمنطقة

القنبلة القذرة
القنبلة القذرة

في تقرير مثير للجدل نشره معهد أمريكان إنتربرايز، سلّط الضوء على ما اعتبره "السيناريو الأخطر" في المواجهة المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، حيث تحدث عن احتمال لجوء الجمهورية الإسلامية إلى استخدام ما يُعرف بـ"القنبلة القذرة" في لحظة "يأس استراتيجي"، وذلك كوسيلة للانتقام وإحداث دمار نفسي وجغرافي واسع دون الحاجة لتفجير نووي تقليدي.

ما هي القنبلة القذرة؟

القنبلة القذرة (Dirty Bomb) هي سلاح تقليدي يُدمج فيه متفجرات مع مواد مشعة. الهدف من استخدامها ليس إحداث دمار لحظي هائل كما في القنابل النووية الانشطارية، بل تلويث مناطق حضرية بالكامل بالإشعاع، مما يؤدي إلى هلع جماعي، أزمات صحية طويلة الأمد، وتهجير واسع للسكان من المناطق المتضررة.

وبحسب التقرير، تمتلك إيران القدرة على إنتاج مثل هذه القنابل باستخدام مخزونها الكبير من المواد المشعة، دون الحاجة إلى التقدم في تصنيع سلاح نووي كامل. وهذا يجعل القنبلة القذرة "سلاح الفقراء" في المعركة النووية، لكنها تبقى قادرة على تعطيل منظومات الأمن والاستقرار الإقليمي.

سيناريو الهجوم على إسرائيل والدول العربية

يرى التقرير أن إسرائيل، وإن كانت قد تمكنت من منع إيران حتى الآن من تصنيع قنبلة نووية تقليدية، إلا أنها لم تُلغِ الخطر بالكامل. إذ يمكن لطهران أن ترد باستخدام قنبلة قذرة ضد المدن الإسرائيلية الكبرى، مما يحقق هدفين: نشر الرعب في الداخل الإسرائيلي، ومعاقبة الدول العربية المتحالفة مع تل أبيب.

ويذهب التقرير إلى أبعد من ذلك، بافتراض حالة يُسقط فيها الأردن أو دولة خليجية صاروخًا إيرانيًا مزوّدًا برأس حربي مشع قبل أن يصل إلى إسرائيل. في هذه الحالة، سيكون التلوث الإشعاعي الذي يخلفه على الأرض "جزءًا من العقاب" كما قد يراه النظام الإيراني، حتى لو لم يصل الصاروخ إلى هدفه. بهذا المعنى، تصبح كل دولة على خط المواجهة "رهينة محتملة" في حرب غير تقليدية.

تبرير دعوة إسرائيل إلى اغتيال خامنئي

ربما الجزء الأكثر إثارة في التقرير يتمثل في دعوته الصريحة لاغتيال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي. إذ يرى المعهد أن خامنئي، بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة الإيرانية، هو العقل المدبر لأي استخدام محتمل لسلاح مشع، وبالتالي فإن استهدافه يعد "مبررًا دستوريًا" في سياق الحرب الوقائية.

وفي تبرير أكثر حدّة، يستند التقرير إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقناة ABC News، حيث قال إن قتل خامنئي "سينهي الحرب ويرسي السلام". وهي مقولة تُظهر حجم الرهان الإسرائيلي على خيار التصعيد النوعي لحسم المواجهة، بدلًا من البقاء في دوامة الضربات المتبادلة.

الموقف الأمريكي: دعم غير مباشر وتحذيرات قاسية

يحاول التقرير دفع الولايات المتحدة نحو موقف أكثر صرامة، حتى وإن لم تشارك عسكريًا بشكل مباشر. ويقترح إدماج "العمليات المعلوماتية" في أي خطة هجومية إسرائيلية، من خلال فضح أسماء العلماء والمهندسين المرتبطين ببرنامج الأسلحة المشعة الإيراني.

كما يدعو التقرير الرئيس الأمريكي - ويقصد دونالد ترامب إن عاد إلى البيت الأبيض - لاستخدام منصبه كمنبر للردع، برسائل علنية تشير إلى أن أي شخص يشارك في إعداد قنبلة قذرة "لن يُقتل فقط، بل ستُدمّر ممتلكاته ومجتمعه بالكامل".

هل تملك إيران القدرة فعلاً؟

يتهم التقرير الإدارة الأمريكية السابقة، وأجهزة الاستخبارات الغربية، بخطأ كبير في تقدير "الخط الأحمر النووي"، حين جعلت عتبة الخطر تتمثل في حيازة 20 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 90%.
ويشير إلى أن القنابل النووية الفعلية، مثل تلك التي ألقيت على هيروشيما (قنبلة "الولد الصغير")، كانت تحتوي على يورانيوم مخصب بنسبة 80% فقط، وهو مستوى حققته إيران بالفعل في مراحل عدة.

ولمّح التقرير إلى أن لدى إيران فائضًا كبيرًا من اليورانيوم المُخصب بما يتجاوز بكثير حاجات الطاقة المدنية أو الاستخدامات الطبية، مما يجعل هذا الفائض أرضًا خصبة لتطوير أسلحة غير تقليدية، سواء نووية صرفة أو قذرة مشعة.

بين الردع والتصعيد: مستقبل قاتم

في ختام تحليله، لا يستبعد المعهد أن تقوم إيران بتصعيد أكبر من المتوقع، خصوصًا في ظل ما يصفه بـ"نفس خامنئي الأخير"، إذ يبلغ المرشد 86 عامًا، ويبدو - وفق التقرير - مصممًا على رؤية "إنجاز حياته النووي" يتحقق قبل وفاته.

وهو ما يربط "اليأس الشخصي" لدى القيادة الإيرانية بـ"يأس استراتيجي"، يدفعها إلى اتخاذ قرارات قد تجرّ المنطقة إلى دوامة من الفوضى الإشعاعية، والعنف الرمزي، والتلوث السياسي والبيئي، بلا خطوط حمراء واضحة.