تصعيد ممنهج وحصار ميداني في الضفة وغزة.. الاحتلال الإسرائيلي يوسّع عمليات القمع والتجريف والمصادرة

تشهد مدن الضفة الغربية، وعلى رأسها طولكرم ومخيم نور شمس، تصعيدًا ميدانيًا غير مسبوق منذ أكثر من أربعة أشهر، حيث تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات اقتحامها اليومية، وسط حالة حصار خانق وتدمير واسع للبنى التحتية وملاحقة مستمرة للسكان المدنيين.
في طولكرم، دخلت الحملة يومها الـ121 على التوالي، فيما يتعرض مخيم نور شمس لحصار دامٍ تجاوز الـ108 أيام، مترافق مع تفتيشات قسرية، إغلاقات شاملة للشوارع الرئيسية (لا سيما شارع نابلس ودوار الشهيد ثابت ثابت)، وتحويل المدينة إلى ثكنة عسكرية، بما في ذلك تطويق المستشفى الحكومي ومنع الوصول إليه. وتم رصد مصادرة مفاتيح سيارات الأجرة، وإيقاف السائقين وسط الشارع، في سلوك يعكس عقابًا جماعيًا.

إلى جانب ذلك، شملت عمليات الاحتلال اقتحامًا لمحلات تجارية ومكاتب مالية، كـ"محلات الخليج" و"فخر الدين للصرافة"، واعتداءات على المكاتب التابعة لحركة فتح، مع العبث بالمحتويات والملفات في مشهد يعيد إنتاج سياسة "كسر العظم" ضد البنية التنظيمية والسياسية الفلسطينية.

مداهمة المنازل

في مشهد آخر من التصعيد، قامت قوات الاحتلال بمداهمة عدد من المنازل في الحي الجنوبي لطولكرم، واستهدفت أسرى محررين، أبرزهم: شذاي سلمان عودة، وعلي سلمان عودة، في محاولة واضحة للضغط على العائلات لتسليم أبنائها، باستخدام أسلوب الإرهاب النفسي والمعنوي عبر تكرار الاقتحامات وتخريب الممتلكات.
أما مخيم نور شمس، فقد تعرض خلال الأيام الماضية لحملة هدم وتجريف، طالت أكثر من 20 مبنى سكنيًا، ضمن خطة تهدف لتغيير الطابع الجغرافي للمخيم. وتفيد المعطيات إلى وجود مخطط لهدم 106 مبانٍ في المخيمين، موزعة بين طولكرم (58 مبنى) ونور شمس (48 مبنى)، بزعم "فتح طرق أمنية".
الأضرار في شارع نابلس الرابط بين المخيمين هائلة، حيث زرع الاحتلال سواتر ترابية متقطعة، ونفّذ أعمال تجريف مكثفة، ما أدى إلى شلل شبه كامل في حركة السكان.

نهب وحرق ممنهج

وفي سياق الخسائر البشرية، فقد أسفرت الهجمات منذ بدء الحملة عن استشهاد 13 فلسطينيًا، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما كانت في شهرها الثامن من الحمل، إضافة إلى دمار واسع للمنازل والمركبات، وحالات نهب وحرق ممنهج، فيما تشير الإحصاءات إلى تدمير أكثر من 400 منزل كليًا، و2573 جزئيًا.
في غزة، يتواصل القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع، حيث استُشهد عدد من المواطنين في خان يونس، بيت لاهيا، حي الرمال، ومدينة غزة، نتيجة قصف جوي ومدفعي مكثف استهدف منازل مأهولة بالسكان، بما في ذلك محيط مستشفى العودة.
أما في نابلس، فقد ارتقى الشاب محمود فيصل الخراز متأثرًا بإصابته برصاص الاحتلال خلال اقتحام المدينة. كما داهمت قوات الاحتلال محلات الصرافة والمجوهرات وسط السوق التجاري، في سياسة واضحة لتجفيف الموارد الاقتصادية للفلسطينيين.

وعلى صعيد مصادرة الأراضي، أعلنت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن سلطات الاحتلال استولت على 35 دونمًا من أراضي المواطنين في نابلس وقلقيلية، عبر ستة أوامر عسكرية تهدف لإقامة أبراج مراقبة، شوارع عسكرية، ومناطق عازلة تحاصر منازل الفلسطينيين.
هذه الأوامر تأتي ضمن سياسة متصاعدة منذ بداية عام 2025، حيث أصدرت سلطات الاحتلال 16 أمرًا عسكريًا للاستيلاء على الأراضي، في محاولة لفرض وقائع ميدانية جديدة تخدم المشروع الاستيطاني على حساب الوجود الفلسطيني.