اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

بعد مجزرة رفح.. حماس تتهم إسرائيل باستخدام الجوع كمصيدة للقتل الجماعي وتطالب بتحقيق دولي

حماس
حماس

في مشهد يختزل مأساة غزة المتفاقمة، تحوّلت مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في غرب رفح، فجر الأحد، إلى مسرح جديد لمجزرة دموية، راح ضحيتها عشرات المدنيين الفلسطينيين الذين كانوا يتزاحمون أملاً في الحصول على ما يسدّ الرمق في ظلّ حصار خانق ومعاناة ممتدة.

فبحسب بيان رسمي صادر عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فقد ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي "مجزرة وحشية" باستهدافها المباشر لآلاف الفلسطينيين الذين تجمّعوا عند نقاط توزيع المساعدات في المنطقة الغربية من رفح. وأسفرت العملية، وفق ما أكدته الحركة، عن استشهاد أكثر من 35 مدنيًا، إضافة إلى إصابة نحو 158 آخرين بجروح متفاوتة، ما يرفع منسوب القلق بشأن السياسات الإسرائيلية تجاه المدنيين في القطاع، خصوصًا في ظل تصاعد الهجمات على رفح خلال الأيام الأخيرة.

حماس، في بيانها، لم تكتفِ بإدانة المجزرة، بل وصفتها بأنها تعكس "الطبيعة الفاشية للاحتلال"، معتبرة أن آلية توزيع المساعدات باتت تُستخدم كغطاء لارتكاب جرائم منظمة بحق المدنيين. وأشارت الحركة إلى أن "الاحتلال حوّل هذه المراكز إلى مصائد موت، يستدرج إليها الجوعى والنازحين، ثم يفتك بهم دون تمييز، باستخدام النار الثقيلة والطائرات المُسيّرة، في مشهد لا يمتّ للإنسانية بصلة".

الهجوم، الذي وقع بينما كان آلاف المدنيين يتوافدون على مراكز الإغاثة، شهد إطلاق نار من دبابات وآليات إسرائيلية تجاه الحشود، بالإضافة إلى استخدام طائرات "كواد كابتر" لإطلاق النار من الجو على المواطنين العُزّل، ما أدى إلى تفاقم عدد الضحايا في وقت قياسي.

مطالب واضحة وصارخة

المطالب السياسية لحماس جاءت واضحة وصارخة؛ إذ دعت الأمم المتحدة ومؤسساتها الدولية إلى اتخاذ "قرارات عاجلة وملزمة" لإجبار الاحتلال على وقف ما وصفته بـ"الآلية الدموية في توزيع المساعدات"، محذّرة من تحوّل الجوع الإنساني إلى سلاح قتل بطيء أو مباشر. كما شددت على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للنظر في ما اعتبرته "جرائم ممنهجة ضد المدنيين"، وتوثيق الانتهاكات المتكررة التي تستهدف الأبرياء في رفح وسائر قطاع غزة.

الحدث يعيد إلى الواجهة إشكالية "عسكرة المساعدات" واستخدامها كأداة ضغط أو فخاخ قاتلة في مناطق النزاع، ويطرح تساؤلات جدية حول دور المنظمات الدولية، وآليات الرقابة على العمليات الإنسانية التي تجري تحت نيران الاحتلال. كما يزيد من حدة التوتر الدولي المتعلق بالمجزرة المحتملة في رفح، التي كانت موضع تحذير من أكثر من طرف حقوقي وأممي خلال الأسابيع الماضية.

ما جرى في رفح لا يُمكن قراءته بوصفه حادثًا عرضيًا في حرب مفتوحة، بل هو، كما تشير حماس، "رسالة دموية" ضمن سياسة أوسع تتعمّد خنق غزة من كل الجهات: الحرب، والحصار، و"المساعدات القاتلة".

600 يوم من القتل

منذ السابع من أكتوبر 2023، يواجه قطاع غزة إبادة جماعية ممنهجة أسفرت حتى الآن عن أكثر من 178 ألف شهيد وجريح، الغالبية الساحقة منهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات الآلاف من النازحين الذين باتوا بلا مأوى أو غذاء، في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الإنسانية والطبية والخدمية.

العدوان المتواصل لا يستثني أحدًا: المرضى في المستشفيات، الأطباء أثناء أداء واجبهم، الأطفال في ملاجئهم، وحتى الجوعى في طوابير انتظار المساعدات.

وفي ظل صمت دولي متزايد وغياب آلية ردع فعالة، تتواصل فصول المجازر، ويترسخ واقع إنساني مرير يُنذر بكارثة تفوق الوصف.