اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

نجا من 6 اغتيالات.. عز الدين الحداد الرجل الذي يملك مفاتيح الحرب والهدنة في غزة

عز الدين الحداد
عز الدين الحداد

بعد اغتيال محمد السنوار، القائد العسكري البارز في حركة حماس بقطاع غزة، برز اسم عز الدين الحداد، المعروف بلقب "أبو صهيب"، كخليفة محتمل في توقيت بالغ الحساسية من الصراع المستمر مع إسرائيل. يبلغ الحداد من العمر 55 عامًا، ويُنظر إليه اليوم كأحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في تركيبة القرار العسكري والسياسي داخل الحركة، وسط مشهد غارق في التعقيدين الميداني والدبلوماسي.

من الظل إلى القيادة


بدأ الحداد نشاطه داخل جهاز الأمن الداخلي لحركة حماس، حيث عمل إلى جانب يحيى السنوار، في ملاحقة من تُشتبه بتعاونهم مع إسرائيل. هذا الدور أتاح له الانخراط مبكرًا في بنية الحركة الأمنية والاستخباراتية، ونسج شبكة علاقات وثيقة مع قيادات الصف الأول. ومع مرور الوقت، تدرّج الحداد ليصبح صاحب نفوذ معتبر داخل الجناح العسكري، وصولًا إلى قيادة لواء شمال غزة، وتولّيه لاحقًا رئاسة كتائب عز الدين القسام في مدينة غزة عام 2021.

سجل نجاته وتراكم المهام


نجا الحداد من ست محاولات اغتيال، بحسب صحيفة تلغراف البريطانية، ما جعله شخصية تحظى بثقة قيادات الحركة في أوقات التأزم. وبحلول يناير 2024، كلّفته الحركة بإعادة بناء البنية التحتية المدنية والعسكرية خلال فترة من الهدوء النسبي، كما أوكلت إليه مهمة الإشراف على ترتيبات إطلاق سراح الأسرى – وهي مهام تشير إلى مكانة استراتيجية داخل المؤسسة العسكرية والسياسية لحماس.

الدور في عملية 7 أكتوبر

بحسب التايمز البريطانية، كان الحداد أحد المخططين الأساسيين لعملية التسلل الواسعة إلى الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر 2023. تشير الصحيفة إلى أنه نسّق مع قادة ميدانيين آخرين، ووزّع أوامر مكتوبة قبيل العملية، ما يعكس دوره التنفيذي والمركزي في القرارات القتالية الكبرى. هذه المعطيات تفسر جزئيًا سبب تصنيفه من قِبل الاستخبارات الإسرائيلية كهدف بالغ الخطورة، مع تخصيص مكافأة قدرها 750 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى تحديد مكانه.

سلطة القرار وتعطيل التفاوض


تكشف التقارير الاستخباراتية عن أن الحداد لا يكتفي بإدارة العمليات الميدانية، بل يملك أيضًا "حق الفيتو" على مقترحات وقف إطلاق النار، ومنها مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف. وبالرغم من إعلان حماس موافقتها المبدئية على المقترح، إلا أن رفض الحداد له – بسبب الجدول الزمني غير المناسب من وجهة نظره – وضعه في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي، الذي يعتبره العقبة الأخيرة أمام التوصل إلى اتفاق تهدئة.

ثقل شخصي وضغوط عائلية

فقد الحداد اثنين من أبنائه وحفيده في غارات إسرائيلية خلال الشهور الماضية، ما يضفي على حضوره الميداني بُعدًا شخصيًا بالغ القسوة، قد ينعكس في تصلّبه التفاوضي وسلوكياته القتالية. ومع كونه آخر القادة الباقين ميدانيًا من بين خمسة قياديين أصليين لحماس في شمال القطاع، تزداد رمزية موقعه وقدرته على التأثير، لا سيما في ظل واقع تآكل القيادة بسبب الاستهدافات المتكررة.

يشتهر الحداد بسلوك أمني صارم؛ يتجنّب الظهور العلني، ويغيّر مكانه باستمرار، ولا يثق إلا بدائرة ضيقة من المقربين، وفق نيويورك تايمز. هذه الإجراءات تعكس إدراكه للخطر المحدق به، كما تسلط الضوء على نوعية القادة الذين باتت حماس تعتمد عليهم في المرحلة الحالية: قادة ظل، ذوو سيرة ميدانية صلبة، ويمسكون بخيوط القرار بعيدًا عن الأضواء.

سياق تفاوضي مأزوم


يأتي كل ذلك في ظل تعثر المسارات التفاوضية، ورفض إسرائيل الانخراط في أي اتفاق قبل "القضاء التام على حماس"، بحسب ما تنقل التايمز. في المقابل، يواصل الوسطاء الدوليون مساعيهم، بينما يتحوّل موقف الحداد إلى عامل حاسم، سواء في إفشال أو إنجاح تلك المبادرات.
تختصر شخصية عز الدين الحداد ملامح المرحلة الحالية من الصراع في غزة: غلبة البعد الأمني والعسكري، تآكل القيادات التقليدية، تصاعد دور القادة الميدانيين ذوي الكاريزما، وانسداد أفق التسوية نتيجة لتشابك العوامل النفسية والسياسية والرمزية. وبينما تتقدّم الحرب على الأرض، يظل الحداد رمزًا لفصاحة الميدان ورفض التفاوض بشروط الخصم، ما يجعله لاعبًا رئيسيًا – لا في غزة فقط، بل في مسار النزاع الفلسطيني الإسرائيلي برمته.

موضوعات متعلقة