أزمة قانون التجنيد تهز الائتلاف الحاكم في إسرائيل.. سيناريوهات تفكك محتمل وانتخابات مبكرة

في خضم تصاعد الأزمة السياسية داخل إسرائيل، وعلى خلفية فشل حكومة بنيامين نتنياهو في تمرير قانون يمنح إعفاءً من الخدمة العسكرية لليهود المتشددين (الحريديم)، تقدم حزب المعارضة "يش عتيد" (هناك مستقبل) بمقترح لحل الكنيست (البرلمان) وتبكير موعد الانتخابات، محدداً يوم 11 يونيو المقبل كموعد للتصويت. ويعكس هذا التحرك توتراً متزايداً في بنية الائتلاف اليميني الحاكم، ويضع حكومة نتنياهو في مهبّ رياح التغيير.
تركيبة الكنيست ومعادلة الحل
يتكوّن الكنيست من 120 مقعداً، ويشترط لحله تصويت الأغلبية المطلقة بواقع 61 صوتاً على الأقل. ورغم أن حكومة نتنياهو تحظى حالياً بأغلبية 68 مقعداً، فإن هذا التماسك النسبي يواجه اختبارات حقيقية في ظل احتدام الخلافات بين مكوناته، وخاصة مع الأحزاب الدينية المتشددة، التي ترى في عدم تمرير قانون الإعفاء تهديداً مباشراً لقاعدتها الشعبية والروحية.
مقترح "يش عتيد" لحل الكنيست يحتاج إلى أربع جولات تصويتية، يمكن أن تُستكمل في يوم واحد أو تمتد على أشهر، تبعاً للتوازنات والمساومات داخل البرلمان. وفي حال تم إقرار المقترح نهائياً، فإن الانتخابات يجب أن تُجرى في غضون خمسة أشهر، أي قبل عام تقريباً من انتهاء ولاية الكنيست المقررة في خريف 2026.
الحسابات المعقدة داخل الائتلاف
تعود جذور الأزمة الحالية إلى انعدام التوافق بشأن إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، وهي قضية طالما شكّلت نقطة توتر في الحياة السياسية الإسرائيلية. ورغم أن حزب "يهدوت هتوراه" وحزب "شاس" -اللذان يمثلان الحريديم- يشكلان معاً كتلة من 18 نائباً ضمن الائتلاف الحاكم، إلا أن عدم تمرير القانون شكّل إحراجاً سياسياً ودينياً لهما.
وقد أشارت مصادر إعلامية إسرائيلية إلى أن قيادات الحريديم أبلغت ممثليهم بضرورة الانسحاب من الحكومة في حال استمر الوضع على ما هو عليه. ففي اجتماع مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، يولي إدلشتاين، وصف ممثلو "يهدوت هتوراه" اللقاء بـ"الفاشل"، وتلقى موشيه جافني، رئيس حزب "ديجل هتوراه"، أوامر دينية صريحة بالخروج من الحكومة والعمل على تفكيكها.
أما حزب "أغودات يسرائيل"، الفصيل الآخر ضمن "يهدوت هتوراه"، فقد بدأ بالفعل خطوات نحو الدفع بحل الكنيست، مما يضيف مزيداً من الضغوط على نتنياهو ويدفع بمزيد من الكتل نحو التفكير في إعادة تشكيل المشهد السياسي.
سيناريوهات محتملة
تمرير التصويت وحل الكنيست:
في حال نجح "يش عتيد" في تأمين 61 صوتاً أو أكثر، سيتم حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة، مما يعني نهاية مبكرة لحكومة نتنياهو.
انسحاب الحريديم من الائتلاف:
قد تختار أحزاب الحريديم مغادرة الحكومة دون دعم حل الكنيست، ما يفتح الباب أمام حكومة أقلية تستمر في الحكم مع تآكل شرعيتها السياسية.
تحالف تكتيكي بين الحريديم والمعارضة:
إذا قررت الأحزاب المتشددة الانضمام إلى المعارضة مؤقتاً لدعم التصويت على حل الكنيست، فإن ذلك سيوجه ضربة قاصمة لنتنياهو، رغم أن هذا التحالف قد يكون ظرفياً ومصلحياً لا أكثر.
استمرار المراوحة وتعليق المقترح:
قد يختار "يش عتيد" سحب المقترح في حال شعر بعدم توفر الأصوات الكافية، مما يُبقي الحكومة في وضع هش وغير مستقر، ويطيل أمد الأزمة.
تكشف أزمة "قانون التجنيد" عن عمق التناقضات داخل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، وعن هشاشة التحالفات التي تربط بين مكونات متباينة أيديولوجياً. في حال لم تُحل هذه الإشكالية، فإن الحكومة مهددة بالسقوط، ليس فقط عبر تصويت المعارضة، بل أيضاً من خلال انسحاب الحلفاء الدينيين الذين شكلوا على مدار سنوات حجر الزاوية في استمرار حكم اليمين.