اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

الاتحاد الأوروبي يناقش الحرب الأوكرانية وتعزيز قدراته الدفاعية

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

يعقد وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي اجتماعًا محوريًا اليوم الثلاثاء في العاصمة البلجيكية بروكسل، وسط ملفات معقدة ومتداخلة تتصدرها الحرب المستمرة في أوكرانيا، وتصاعد التوترات في الشرق الأوسط، وأزمة جاهزية القدرات الدفاعية الأوروبية في مواجهة تحديات متسارعة.

أولويات طارئة.. الحرب في أوكرانيا وتوسيع العقوبات


يأتي الاجتماع في ظل استمرار النزاع الروسي-الأوكراني دون أفق واضح للحل، وبعد فشل جولة جديدة من المفاوضات بين مبعوثي كييف وموسكو بشأن وقف إطلاق النار المقترح من الجانب الأوكراني. ومن المتوقع أن يُشارك وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيها، في الاجتماع عبر الفيديو، ليعرض أمام وزراء الاتحاد الأوروبي آخر مستجدات الميدان، ويحثهم على مواصلة الدعم الحاسم لبلاده.


وفي هذا السياق، يعتزم وزراء الخارجية إقرار الحزمة السابعة عشرة من العقوبات الأوروبية على روسيا، وهي حزمة نوعية تستهدف للمرة الأولى ما يُعرف بـ"أسطول الظل الروسي"، وهو شبكة سفن غالبًا ما تعمل بملكيات مبهمة وبدون تأمين واضح، تُستخدم للتحايل على سقف أسعار النفط الذي فرضه الغرب على موسكو. ويُعد هذا التطور خطوة تصعيدية جديدة في استراتيجية الضغط على روسيا، بهدف تضييق الخناق على مصادر تمويل حربها.


العقوبات الجديدة تشمل أيضًا تجميد أصول وحظر دخول الاتحاد الأوروبي لأكثر من 12 شخصية روسية أو متعاونة مع النظام الروسي، إلى جانب استهداف عشرات الشركات المتورطة في عمليات التفاف على العقوبات المفروضة مسبقًا، ما يعكس نية أوروبية واضحة لزيادة فعالية منظومة الردع الاقتصادية.


دعم عسكري مستمر وسباق نحو تعزيز الجاهزية الدفاعية


في الجانب الدفاعي، يناقش وزراء الدفاع الأوروبيون سُبل تعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا، الذي لا يزال يُعدّ شريانًا رئيسيًا لصمودها في وجه الحرب المستمرة منذ فبراير 2022. ومن المنتظر أن ينضم وزير الدفاع الأوكراني، روستم أوميروف، إلى المشاورات عبر الفيديو، لتحديد الأولويات العسكرية الملحة على الأرض.
وفي مؤشر على تزايد التنسيق بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، سيُشارك الأمين العام للناتو الجديد، مارك روته، شخصيًا في اللقاءات، بما يعكس تصاعد التقارب الاستراتيجي بين المؤسستين في ظل التحديات الأمنية المشتركة، وعلى رأسها التهديد الروسي المتصاعد، والفراغات الجيوسياسية في مناطق النزاع.
ويُتوقع أن يشكل اقتراح إنشاء صندوق دفاع أوروبي بقيمة 150 مليار يورو (169 مليار دولار) نقطة نقاش رئيسية، خصوصًا في ظل الحاجة الملحة لتعزيز الإنفاق الدفاعي المشترك، وتوحيد السياسات الأمنية في ظل تراجع مظلة الاعتماد على واشنطن. هذا الصندوق، إن أُقر، سيكون خطوة نوعية نحو بناء قدرة دفاعية أوروبية أكثر استقلالًا وفاعلية.


الشرق الأوسط على الطاولة.. غزة وسوريا في قلب المشهد


إلى جانب الأزمة الأوكرانية، يولي الوزراء الأوروبيون اهتمامًا بالغًا بتطورات الأوضاع في قطاع غزة وسوريا، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية التي باتت تُهدد بامتداد دائرة العنف. ويمثّل الاجتماع فرصة لمراجعة موقف الاتحاد الأوروبي من مجريات الأحداث في الشرق الأوسط، في محاولة لتفادي أي تداعيات أمنية قد تنعكس مباشرة على حدود أوروبا الجنوبية.


الاتحاد الأوروبي بين اختبار القيادة وضغط اللحظة


تكشف أجندة هذا الاجتماع عن حجم التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي اليوم، فهو مُطالَب باتخاذ قرارات شجاعة في زمن التردّد العالمي، من دعم واضح لأوكرانيا، إلى بناء بنية أمنية ودفاعية مستقلة، مرورًا بتوازن دقيق في تعامله مع التوترات الشرق أوسطية.
وبينما يزداد الاستقطاب الدولي عمقًا، تجد أوروبا نفسها أمام اختبار لمكانتها الجيوسياسية: هل تستطيع التحول من تكتل اقتصادي إلى قوة فاعلة قادرة على تشكيل السياسات العالمية، أم ستظل تُجاهد في هامش الأحداث الكبرى؟ الإجابة ستُرسم من بروكسل، واحدة من العواصم القليلة التي بات يُصاغ فيها مستقبل التوازن العالمي.

موضوعات متعلقة