اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

بعد تفكيك USAID.. هل يستطيع مكتب اللاجئين قيادة الاستجابة الإنسانية الأمريكية؟

 USAID
USAID

في خطوة تكشف عن تحوّل بنيوي في إدارة الولايات المتحدة لاستجابتها للكوارث الخارجية، أُسندت مهام التعامل مع هذه الأزمات إلى مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، وذلك وفقاً لما ورد في برقية داخلية وُزّعت على السفارات والمراكز الدبلوماسية الأمريكية. هذا المكتب، الذي يُعنى تقليدياً بقضايا اللجوء والهجرة، أصبح الآن في موقع قيادة الاستجابة الإنسانية، بعد أن انتُزعت هذه الصلاحيات من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، الذراع التقليدي للمساعدات الخارجية.


هذا التحوّل الإداري لم يأتِ بمعزل عن السياق السياسي والإيديولوجي الذي يطبع إدارة الرئيس دونالد ترامب، والتي تبنّت منذ تسلمها الحكم سياسة تقليص دور الحكومة الفيدرالية وتقويض المؤسسات التي تُعنى بالشؤون الإنسانية والتنموية، وعلى رأسها (USAID). وقد أشرف على عملية "تفكيك" الوكالة، حسب ما أوردته المقتطفات، رجل الأعمال المثير للجدل إيلون ماسك، في مشهد يعكس تداخلاً غير معتاد بين رؤوس الأموال والقرارات السيادية ذات الطابع الإنساني.

التدخل الإنساني الأمريكي

هذا الانقلاب المؤسسي كانت له آثار فورية على الأرض، تمثّلت في ما وصفه خبراء بالتأخر والقصور في الاستجابة الأمريكية للزلزال المدمر الذي ضرب ميانمار في 25 مارس. فقد افتقرت الجهة الجديدة المكلّفة إلى الخبرة والموارد اللازمة، مما أضعف فاعلية التدخل الإنساني الأمريكي في لحظة كانت تتطلب استجابة احترافية وسريعة.
وقد شدّدت البرقية الرسمية التي عُرفت باسم "جميع المراكز الدبلوماسية والقنصلية" على ضرورة استشارة البعثات الأمريكية الخارجية لمكتب السكان واللاجئين والهجرة في كل ما يتعلق بإعلانات الكوارث الخارجية، محددة سقفاً مالياً أولياً يبلغ 100 ألف دولار لدعم الاستجابة، مع إمكانية زيادة المبلغ بناءً على حجم الحاجة الإنسانية.

خطة ترامب

لكن ما يثير قلق المراقبين ليس فقط إعادة توزيع الأدوار داخل مؤسسات الدولة، بل أيضاً الوجه الجديد الذي تكتسبه السياسة الأمريكية تجاه المهاجرين. فبحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، تعمل إدارة ترامب على تنفيذ خطة لاستخدام ما يصل إلى 250 مليون دولار من المساعدات الخارجية لتمويل عمليات ترحيل المهاجرين من مناطق النزاع، بما في ذلك حوالي 700 ألف مهاجر من أوكرانيا وهايتي.


ويبدو أن هذه الخطة تتجاوز الأطر المعتادة، إذ تعرض منحاً مالية بقيمة ألف دولار للمهاجرين الذين يختارون "العودة الطوعية"، متجاوزة بذلك الدور التقليدي الذي تلعبه المنظمة الدولية للهجرة. وقد رأت الصحيفة أن هذا التوجّه يُعد سابقة في السياسة الأمريكية، لا سيما وأنه يشمل مهاجرين فرّوا من أوضاع كارثية.
هذه الإجراءات تأتي في سياق خطة أوسع تسعى إلى تقليص المساعدات الخارجية بنسبة تصل إلى 80%، وإلغاء برامج موجهة لدول تمر باضطرابات مثل أوكرانيا وهايتي، مما يثير تساؤلات حول البعد الإنساني في الاستراتيجية الأمريكية، وحدود التسييس المتزايد للمساعدات الخارجية.


في المجمل، تكشف هذه التطورات عن تحوّل جذري في العقيدة الأمريكية تجاه العمل الإنساني، حيث باتت اعتبارات الهجرة والسيطرة الأمنية تتغلّب على الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية، ما يهدد بنسف التقاليد الدبلوماسية التي طالما اعتمدت عليها واشنطن في تعزيز نفوذها الناعم حول العالم.

موضوعات متعلقة