اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

تهديد العدالة الدولية يصطدم بتطرف ”بن غفير”: ”لن يردعني أمر اعتقال”

بن غفير
بن غفير

في تصعيد قانوني غير مسبوق، تلوح المحكمة الجنائية الدولية (ICC) بإجراءات صارمة ضد قيادات بارزة في الحكومة الإسرائيلية، على خلفية سياسات الاستيطان في الضفة الغربية، التي تعتبرها جهات دولية انتهاكًا للقانون الدولي. فقد أفادت صحيفة وول ستريت جورنال، نقلًا عن مصادر مطلعة داخل المحكمة، أن المدعي العام كريم خان كان على وشك تقديم طلب لإصدار أوامر اعتقال بحق كل من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، قبل أن يغادر في إجازته السنوية.


التحقيقات التي تقودها المحكمة الجنائية الدولية منذ سنوات حول جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، دخلت الآن مرحلة جديدة وأكثر حدة، مع تحرك فعلي لاستهداف مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى. التهم المطروحة، بحسب التسريبات، تتعلق بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وهي سياسة لطالما وُصفت من قبل المجتمع الدولي بأنها تشكل انتهاكًا واضحًا لاتفاقيات جنيف، وتُعتبر عقبة أمام أي تسوية سياسية عادلة.

بجاحة إسرائيلية معتادة


في أول رد فعل من الجانب الإسرائيلي، جاء تعليق إيتمار بن غفير ناريًا وغير مبالٍ، إذ قال: "المدعي العام في لاهاي لا يخيفني، ولن يردعني أي أمر اعتقال عن مواصلة العمل لأجل شعب وأرض إسرائيل." هذا التصريح يعكس نهج بن غفير الذي طالما اتسم بالعدائية تجاه القانون الدولي، وتجاهل قرارات المؤسسات القضائية العالمية، مستندًا إلى أيديولوجية يمينية دينية ترى في الضفة الغربية جزءًا لا يتجزأ من "أرض إسرائيل الكبرى".


يُنظر إلى هذه التطورات على أنها اختبار حقيقي لمدى جدية المحكمة الجنائية الدولية في مساءلة قادة دول ديمقراطية حليفة للغرب، خصوصًا إسرائيل التي لطالما تمتعت بحصانة غير معلنة في ملفات تتعلق بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. كما أن هذه الخطوة المحتملة ستضع المجتمع الدولي، وخاصة الدول الغربية، أمام معضلة قانونية وسياسية في حال تنفيذ أوامر الاعتقال، حيث سيكون عليهم الاختيار بين احترام التزاماتهم الدولية تجاه المحكمة أو الحفاظ على علاقاتهم الاستراتيجية مع تل أبيب.


على الجانب الفلسطيني، يمكن اعتبار هذه الخطوة إن تمت، نصرًا دبلوماسيًا طال انتظاره، إذ إنها تعني اعترافًا رسميًا بوجود مسؤولية جنائية مباشرة عن السياسات التوسعية الإسرائيلية، وهو ما قد يعزز مسار المساءلة الدولية ويفتح الباب أمام مطالبات أوسع بالعدالة.


يبقى السؤال الآن هل ستنجح المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة دولة مدعومة من قوى عظمى مثل الولايات المتحدة؟ أم أن الضغوط السياسية ستفرغ التهديد من مضمونه كما حدث في ملفات سابقة؟ ما هو مؤكد أن المشهد يزداد تعقيدًا، وأن قرار كريم خان المنتظر قد يشكل منعطفًا تاريخيًا في مسار العدالة الدولية في الشرق الأوسط.