اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

العالم في خطر.. الإنفاق العسكري المتزايد يزيد انبعاثات الغازات الدفيئة

الإنفاق العسكري يزيد من انبعاث الغازات الدفيئة
الإنفاق العسكري يزيد من انبعاث الغازات الدفيئة

يعتقد باحثون أن زيادة الإنفاق الدفاعي في جميع أنحاء العالم من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم أزمة المناخ، ما سيؤدي إلى مزيد من الصراعات، ويُشكّل التحشيد العسكري العالمي تهديداً وجودياً لأهداف المناخ، ويُقوّض جهود التنمية المستدامة.

وقالوا إن إعادة التسليح التي يخطط لها حلف شمال الأطلسي (الناتو) وحدها، من شأنها أن تزيد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 200 مليون طن سنوياً.

ومع انخراط العالم في أكبر عدد من النزاعات المسلحة منذ الحرب العالمية الثانية، شرعت الدول في حملات إنفاق عسكري بلغ مجموعها رقماً قياسياً وصل إلى 2.46 تريليون دولار في عام 2023.

واعتبر الباحثون أن كل دولار يُستثمر في معدات جديدة لا يُمثّل كلفة كربونية مقابلة فحسب، بل يُمثّل أيضاً كلفة فرصة بديلة للعمل المناخي المحتمل، إضافة إلى العدد الهائل من القتلى الناتج عن النزاعات المسلحة.

قلق حقيقي

وقالت الباحثة في مرصد النزاعات والبيئة والمؤلفة، إيلي كيني: «هناك قلق حقيقي بشأن الطريقة التي نُعطي بها الأولوية للأمن على المدى القصير، ونُضحّي بالأمن على المدى الطويل».

وأضافت: «بسبب هذا النهج غير المدروس الذي نتبعه، تستثمر الدول الآن في الأمن العسكري الصارم، ما يزيد الانبعاثات العالمية، ويفاقم أزمة المناخ مستقبلاً».

ومن المرجح أن يؤدي هذا إلى مزيد من العنف، حيث يُنظر إلى تغير المناخ نفسه، الآن، بشكل متزايد كمحرك للصراع، وإن كان بشكل غير مباشر. ففي منطقة دارفور في السودان، ارتبط الصراع بالتنافس على الموارد الشحيحة، بعد فترات جفاف وتصحر طويلة.

وفي القطب الشمالي، يؤدي انحسار الجليد البحري إلى توترات حول من يمتلك السيطرة على موارد النفط والغاز والمعادن الحيوية التي أصبحت متاحة حديثاً.

قليل من الجيوش يتحلى بالشفافية بشأن حجم استخدامه للوقود الأحفوري، لكن الباحثين قدّروا أن هذه الجيوش مجتمعة مسؤولة بالفعل عن 5.5% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.

ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم مع تصاعد التوترات في عدد من المناطق، مع إشارة الولايات المتحدة - التي كانت لعقود أكبر مُنفق عسكري في العالم - إلى أنها تتوقع من حلفائها في «الناتو» تخصيص موارد أكبر بكثير لقواتهم المسلحة.

زيادة العسكرة

ووفقاً لمؤشر السلام العالمي، ازدادت العسكرة في 108 دول عام 2023، مع انخراط 92 دولة في صراعات مسلحة في مناطق تراوح بين أوكرانيا وغزة وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ومع تصاعد التوترات بين الصين والولايات المتحدة بشأن تايوان، فضلاً عن اشتعال الصراع المجمّد بين الهند وباكستان، تضخ الحكومات التي تخشى الحرب استثمارات ضخمة في جيوشها.

وفي أوروبا، كانت الزيادة هائلة بشكل خاص، فبين عامي 2021 و2024، ارتفع إنفاق دول الاتحاد الأوروبي على الأسلحة بأكثر من 30%، وفقاً للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. وفي مارس، أشار الاتحاد الأوروبي - الذي شعر بالقلق إزاء خفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب المساعدات العسكرية والدعم الدبلوماسي لأوكرانيا - إلى أن هذا الإجراء سيُتخذ على نطاق أوسع، مع مقترحات لإنفاق إضافي بقيمة 800 مليار يورو على مستوى الاتحاد، محدّدة في خطة بعنوان «إعادة تسليح أوروبا».

تهديد حقيقي

وفي دراسة لمكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، بحثت كيني وزملاؤها التأثير المحتمل لزيادة التسليح على تحقيق أهداف المناخ. وما توصلوا إليه كان مثيراً للقلق، فالزيادة المحتملة في الانبعاثات الناتجة عن إعادة تسليح «الناتو» وحدها تُعادل إضافة كلفة دولة كبيرة ومكتظة بالسكان، مثل باكستان، إلى ميزانية الكربون المتبقية في العالم.

وقالت كيني: «يُركز تحليلنا تحديداً على التأثير في (الهدف 13) من أهداف التنمية المستدامة، وهو العمل المناخي لاتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره»، مضيفة: «ما تخلص إليه دراستنا - بالنظر إلى الأهداف الفرعية المختلفة لذلك - هو أن هناك تهديداً حقيقياً للعمل المناخي العالمي بسبب الزيادة العالمية في الإنفاق العسكري». ومن بين جميع وظائف الدول، تُعدّ الجيوش فريدة من نوعها في استهلاكها للكربون.

أسباب المشكلة

وبيّـن مشارك آخر في الدراسة، لينارد دي كليرك، وهو من مبادرة محاسبة انبعاثات غازات الدفيئة في الحروب، أن أسباب المشكلة تكمن أولاً في المعدات التي تشتريها الدول، والتي تتكون أساساً من كميات كبيرة من الفولاذ والألمنيوم يستهلك إنتاجها كميات كبيرة من الكربون. وأوضح أيضاً أنه خلال العمليات، تكون الجيوش شديدة الحركة، وتستخدم الوقود الأحفوري (الديزل) للتنقل وللعمليات البرية، و«الكيروسين» للعمليات الجوية، كما تستخدم في العمليات البحرية «الديزل» بشكل أساسي، إذا لم تكن تعمل بالطاقة النووية.

سرية

نظراً للسرية التي عادة ما تُحيط بالجيوش وعملياتها، يصعب معرفة مقدار غازات الدفيئة التي تنبعث منها، غير أن دول شمال حلف شمال الأطلسي (الناتو) فقط هي التي تُبلغ عن انبعاثاتها بما يكفي، ليتمكن العلماء من تقديرها.