اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

«الدعم السريع» يقصف مخازن الغذاء بالفاشر.. و«درع السودان» تعزز موقف الجيش

الوضع في كردفان بالسودان
الوضع في كردفان بالسودان

* التصعيد على أشده في غرب كردفان وبدء انحسار وباء الكوليرا في الخرطوم

تحتدم المعارك والمواجهات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في مناطق الخوي والنهود بغرب كردفان والدبيبات جنوبها، وسط تضارب في الأنباء حول السيطرة على تلك المناطق.

في الأثناء وصلت أمس الجمعة قوات كبيرة من "درع السودان" بقيادة اللواء أبو عاقلة كيكل، التي تقاتل إلى جانب الجيش، نحو كردفان. ونشرت الصفحة الرسمية لهذه القوات على "فيسبوك" فيديوهات وصوراً تظهر رتلاً يضم مئات المقاتلين وعشرات العربات بقيادة كيكل، وهي في طريقها إلى إقليم كردفان.

ولعبت "درع السودان" دوراً كبيراً في تحرير ولاية الجزيرة وشرق الخرطوم.

سيطرة الجيش السوداني

وفيما تحدثت أنباء عن إحكام الجيش والقوات المشتركة السيطرة على مدينة الخوي أكد قائد ثاني قوات "الدعم السريع" عبدالرحيم دقلو سيطرة قواته على المدينة إلى جانب منطقتي الحمادي والهشابة في محاور إقليم كردفان المختلفة. وأوضح دقلو في خطاب مصور أن قواته لم تعد تقاتل وحدها، بل تشارك معها قوات تتبع لكل من عبدالعزيز الحلو قائد الحركة الشعبية - شمال، وحركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي بقيادة الهادي إدريس، "ويتوقع أن تنضم إليها قوات تتبع لكل من الطاهر حجر، تجمع قوى تحرير السودان، وحركة العدل والمساوة - جناح سليمان صندل".

تصريحات متضاربة

لكن المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة العقيد أحمد حسين مصطفى أكد بدوره أن "الوضع الميداني والعملياتي في كردفان ممتاز ومطمئن"، وأن "الدعم السريع" فقدت كثيراً في العمليات العسكرية الأخيرة، "ولن تستطيع فعل شيء أمام أبطال الجيش والقوات المشتركة". وأشار مصطفى إلى أن عدداً من قادة "الدعم السريع" ظلوا طوال الفترة الماضية، "يدعون القبائل إلى الاستنفار للزج بأبنائها في معارك خاسرة، لرفع معنوياتهم المنهارة نتيجة الخسائر المتتالية التي تكبدوها في معارك عدة بكردفان ودارفور وأم درمان".

من جهته اعتبر مستشار قائد قوات "الدعم السريع" إبراهيم مخير أن الانتصارات التي حققتها قواتهم بتحرير مناطق استراتيجية في غرب وجنوب كردفان "نقطة تحول كبيرة في سير المعارك"، منوهاً إلى أنها "ترتب صفوفها وتعد العدة للسيطرة على مواقع مهمة في المرحلة المقبلة" في إشارة إلى مدينتي الأبيض والفاشر.

الدعم السريع يقصف مخازن الغذاء

في شمال دارفور واصلت "الدعم السريع" قصفها العشوائي على المدينة الفاشر، مما أدى إلى تدمير واحتراق مخازن برنامج الأغذية العالمي بما فيها الإمدادات الغذائية بصورة كلية. وحذرت تنسيقية لجان المقاومة الفاشر من مؤشرات خطرة لانتشار وباء الكوليرا في شمال دارفور، حيث سجلت إصابات مؤكدة في مدينة كتم (120 كيلومتراً شمال غربي الفاشر).

اتهامات حكومية

واتهمت الخارجية السودانية "الدعم السريع" بارتكاب سلسلة جرائم إنسانية "بقصفها وإحراقها مستودعات برنامج الغذاء العالمي بالفاشر واستهدافها مستشفى الضمان بمدينة الأبيض شمال كردفان"، وقالت في بيان إن "(الدعم السريع) هاجمت بالمسيرات سوقاً شعبية بمدينة الخوي وقتلت ثمانية مدنيين، إلى جانب استهداف حي سكني في مدينة الدبيبات، جنوب كردفان، حيث قُتل مواطنان اثنان".

جريمة جديدة

ووصف حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي في منشور على منصة "إكس" استهداف "الدعم السريع" الإمدادات الغذائية في مخازن برنامج الغذاء العالمي في مدينة الفاشر بأنه يمثل جريمة إنسانية جديدة، مؤكداً استمرار المقاومة على مختلف الجبهات.

‏كما أدانت الولايات المتحدة قصف مخازن برنامج الأغذية العالمي، ودعا مكتب الشؤون الأفريقية بالخارجية الأميركية في بيان إلى وقف القصف العشوائي في المناطق المدنية، مشدداً على ضرورة حماية المدنيين وضمان الوصول الإنساني الآمن من دون عوائق.

ضحايا الأبيض

في شمال كردفان ارتفعت حصيلة ضحايا القصف الذي شنته مسيرة تابعة لـ"الدعم السريع" على مستشفى "الضمان" الاجتماعي بمدينة الأبيض عاصمة الولاية، إلى ستة قتلى، وهي مرشحة للارتفاع، فضلاً عن جرح آخرين، بينهم أطفال ونساء، وبعضهم في حال خطرة، وخروج المستشفى عن الخدمة.

وأدانت منظمة الصحة العالمية الهجوم على المستشفى مطالبة الأطراف السودانية بوقف الهجمات على المنشآت الصحية والبنية التحتية.

ونددت "شبكة أطباء السودان" في بيان بالهجوم محذرة من إسهامه في انهيار المنظومة الطبية في السودان بالنظر إلى الكارثة الإنسانية التي تعيشها مدن مثل الخرطوم والفاشر بسبب استهداف المرافق الصحية، وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك العاجل.

الاستراتيجية ذاتها

في السياق أوضح المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية اللواء عبدالهادي عبدالباسط أن الجيش يدير معركته في كردفان بالاستراتيجية السابقة نفسها التي تقوم على القضاء على أكبر قدر من قوتهم البشرية وتدمير آلياتهم وأسلحتهم "من دون التمسك بالأرض باستدراجهم للهجوم بأعداد كبيرة ومحاصرتهم لاحقاً"، وكشف عبدالباسط عن أن الجيش انسحب تكتيكياً بعدما أوقع بـ"(الدعم السريع) خسائر بشرية فادحة لا يمكن تعويضها خلال معارك مدينتي الخوى والدبيبات"، ولفت المتخصص الأمني إلى أن حشود هذه القوات "هدفت، أساساً، لتعطيل حركة متحرك الصياد الذي يقوم بعمليات خاصة بكردفان في طريقه نحو دارفور"، معتبراً أن تلك الحشود "ستكون فريسة سهلة للطيران والمسيرات، يجعل القضاء عليها الحلقة الأخيرة في المعركة وبداية الانهيار الكامل للمتمردين وإيذاناً بتحرير كل دارفور".

الكوليرا

صحياً أكد التقرير الوبائي اليومي لوزارة الصحة بالخرطوم، ارتفاع نسبة التعافي وسط مصابي الكوليرا في ولاية الخرطوم إلى 92 في المئة، كما انخفضت حالات الوفاة بالوباء إلى 23 لليوم من جملة 1375 مصاباً.

وتشهد ولاية الخرطوم تفشياً واسعاً لوباء الكوليرا، بخاصة في محليتي أم درمان وكرري، حيث أصيب الآلاف بالمرض نتيجة انقطاع التيار الكهربائي وشح مياه الشرب النقية لأكثر من ثلاثة أسابيع، فضلاً عن ظهور عديد من الحالات بمعظم ولايات البلاد.

توقع الانحسار

وتوقع وزير الصحة الاتحادي السوداني هيثم إبراهيم أن تنجح حزمة الترتيبات والإجراءات التي تم اتخاذها في احتواء وباء الكوليرا خلال الأيام القليلة المقبلة، وأوضح أن العمل "يجري لتفادي حدوث انفجار وبائي بعد حالات الإصابة التي رصدت بعدد من الولايات من نهر النيل وشمال كردفان والنيل الأبيض وجنوب دارفور"، وكشف إبراهيم عن أن تدخلات الوزارة المتوالية التي تمت بولاية الخرطوم، بالتضافر مع الحكومة الولائية والمنظمات، هدفت إلى تقليل نسبة الوفيات إلى أقل من واحد في المئة، وأسفرت بالفعل عن انخفاض واضح في المنحنى الوبائي.

التفشي

وأشار إبراهيم إلى أن ما حدث بالخرطوم ليس تفشياً جديداً، حيث كان الوباء موجوداً بالسودان طوال السنوات الثلاث الماضية، لكن موجة التفشي والانتشار حدثت نتيجة تدهور الأوضاع الصحية والبيئية وتخريب مصادر المياه الرئيسة في عدد من الولايات، "ما اضطر المواطنين للتعاطي مع مياه ملوثة"، مشيراً إلى أن الانفجار الوبائي الأخير في ولاية الخرطوم، تم على موجتين متوقعتين، لأنه كلما خرجت "الدعم السريع" من منطقة "تركت مرافقها مخربة بصورة كاملة، بخاصة مصادر المياه، وغالبها ملوث".

والانفجار الأول، بحسب إبراهيم، كان أقل شراسة في منطقة جبل أولياء جنوب الخرطوم وتم احتواؤه بصورة كبيرة، فيما "الانفجار الأخير، والأكثر شراسة، انطلق من بؤرة منطقة الصالحة، وشهد زيادة مطردة في الإصابات تمت متابعتها عبر برنامج التقصي المرضي اليومي للأوبئة عامة، والكوليرا خاصة في كل البلاد، مما ساعد في عمليات الاحتواء السريعة"، وأشار إلى أن الزيادة الكبيرة في معدلات الإصابة خلال الأيام الـ 10 الأخيرة، كانت عقب تحرير منطقة الصالحة جنوب أم درمان "وإعلان الخرطوم خالية من التمرد وبدء عودة المواطنين".

ملايين الجرعات

وأكد وزير الصحة أن تدخلات عديدة تمت على محاور عدة شملت توفير إمدادات كافية من المحاليل، عبر منظمة الصحة العالمية ومنظمات أخرى، وفتح أكثر من 10 مراكز للعزل بسعة 800 سرير، إذ اختفت معها المشاهد المؤلمة "لحالات كانت تفترش الأرض وظلال الأشجار". ولفت إبراهيم إلى أن وزارته ستتسلم خلال اليومين المقبلين 2.7 مليون جرعة لقاح ضد الكوليرا مخصصة للمحليات المتأثرة أخيراً بولاية الخرطوم، حيث سيستكمل التطعيم الذي كان قد بدأ سابقاً في محلية جبل أولياء وتوزع الجرعات على بقية المحليات، مشيراً إلى عمل كبير يجري مع حكومة ولاية الخرطوم بالتعاون مع عدد من المنظمات في مجالات الصحة، في كل المحلياًت، وتشغيل محطات المياه وتوسيع مصادرها الآمنة، فضلاً عن توعية وإرشاد المواطنين بالإرشادات الصحية اللازمة.

موضوعات متعلقة