غزة تنزف.. 54,418 شهيدًا و124,190 مصابًا منذ بدء العدوان

في مشهد يتكرر بشكل مأساوي، تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في توسيع نطاق عملياتها ضد المدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية، في ما يبدو أنه تصعيد ممنهج يتجاوز الأهداف العسكرية إلى سياسة معتمدة للقتل الجماعي والتهجير القسري، وسط صمت دولي لافت.
ففي قطاع غزة، استشهد عشرات المدنيين يوم الأحد، في سلسلة من الغارات الجوية التي نفذتها المروحيات الإسرائيلية، مستهدفة مناطق سكنية في مدينة غزة وخان يونس. وتركز القصف حول دوار التشيل في جورة اللوت شرقي خان يونس، كما طال منزلاً لعائلة السلول في محيط مسجد السنة جنوب مخيم النصيرات، ما أسفر عن سقوط شهداء لم يُعرف عددهم بعد.
استهداف ممنهج لنقاط توزيع المساعدات
أحد أكثر مشاهد اليوم قسوةً وقع قرب محور نتساريم وسط القطاع، حيث استُهدفت نقطة توزيع مساعدات إنسانية، ما أدى إلى استشهاد 32 مدنيًا وإصابة نحو 200 آخرين، من بينهم خمس حالات حرجة في وضع موت سريري. ووفق مصادر ميدانية، فإن هذا الاستهداف هو الثاني خلال ساعات، بعد إطلاق نار صباح اليوم على مدنيين خلال محاولتهم استلام مساعدات من منطقة المواصي برفح، ما أدى إلى سقوط 31 شهيدًا.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن قوات الاحتلال سبق أن استهدفت نقاط توزيع مساعدات في رفح خلال الأيام الماضية، وهو ما اعتبرته منظمات الأمم المتحدة جزءًا من مخطط لتهجير السكان قسرًا وتجريدهم من مقومات الصمود، بما يندرج ضمن استراتيجية تطهير عرقي متصاعدة.
وبحسب تقارير صادرة عن مؤسسة "غزة للإغاثة الإنسانية"، فإن عدد الشهداء منذ بدء العمل بآلية "شركاء توزيع المساعدات" في 27 مايو بلغ 49 شهيدًا و305 مصابين، في وقت باتت فيه هذه المواقع تُستهدف بانتظام رغم وضوح هويتها الإنسانية.
طولكرم تحت الحصار والهدم
على الجانب الآخر، يتواصل العدوان الإسرائيلي على مخيمات الضفة الغربية، حيث دخل حصار مدينة طولكرم ومخيم نور شمس يومه الـ126 والـ113 على التوالي، في ظل عمليات اقتحام متكررة، وهدم للمنازل، وتفتيش استفزازي متواصل.
وشهد الأسبوع الماضي تصعيدًا لافتًا في مخيم نور شمس، حيث هُدمت أكثر من 20 بناية سكنية في الحارة الرئيسية، ضمن خطة إسرائيلية تستهدف 106 مبانٍ في المخيمين: 58 منها في مخيم طولكرم، و48 في نور شمس. وأُمهل السكان في بعض الحالات ثلاث ساعات فقط لإخلاء منازلهم قبل تنفيذ قرارات الهدم الفوري.
وشهدت المدينة والمخيمان تحركات مكثفة لقوات الاحتلال، التي جابت الشوارع وأقامت حواجز فجائية، فيما استُخدمت مكبرات الصوت بشكل استفزازي لبث تهديدات مباشرة للسكان.
كما تحولت منازل عديدة إلى ثكنات عسكرية بعد إخلاء سكانها بالقوة، لا سيما في شارع نابلس الذي يربط بين المخيمين، والذي أُغلق بسواتر ترابية، مما شل الحركة وأفقده مقومات الحياة الطبيعية. وأسفر العدوان على طولكرم حتى الآن عن استشهاد 13 مواطنًا، من بينهم طفل وامرأتان، إحداهما حامل، إلى جانب اعتقال عشرات الشبان.
أرقام صادمة ومأساة متفاقمة
بحسب وزارة الصحة في غزة، فقد ارتفع عدد الشهداء في القطاع إلى 54,418 شهيدًا منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، فيما بلغ عدد الجرحى 124,190، بينما لا يزال العديد من الضحايا تحت الأنقاض، في ظل عجز فرق الإنقاذ والدفاع المدني عن الوصول إليهم بسبب استمرار القصف وغياب المعدات.
وفي الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، وصل إلى مستشفيات القطاع 37 شهيدًا و136 مصابًا، بينهم خمس جثامين انتُشلت من تحت الأنقاض. في ظل هذه الأرقام، بات من الواضح أن التصعيد الإسرائيلي تجاوز مرحلة "الردع العسكري"، ليدخل في عمق الكارثة الإنسانية.