أوروبا تطور قدراتها القتالية جواً وبحراً.. ما التفاصيل؟

وافقت المفوضية الأوروبية الإثنين على إنشاء مشروع مشترك بين مجموعة الدفاع البريطانية "بي إيه إي سيستمز" ومجموعة الدفاع الإيطالية "ليوناردو" والشركة اليابانية العامة "جابان إركرافت إنداستريل إنهانسمنت" لتطوير طائرة مقاتلة بشكل مشترك، فيما أعلنت بريطانيا أنها ستبني 12 غواصة هجومية جديدة مع إطلاقها مراجعة دفاعية شاملة بهدف رفع جاهزيتها القتالية لمواجهة "العدوان الروسي" والطبيعة المتغيرة للصراع.
قتال جوي عالمي
وسيكون هذا المشروع المشترك "المتعاقد الرئيسي" لـ"برنامج القتال الجوي العالمي"، وهو مشروع لتطوير مقاتلة شبح من الجيل السادس بحلول عام 2035. ويهدف إلى التنافس مع "نظام القتال الجوي المستقبلي" الذي تدعمه باريس وبرلين ومدريد.
ورأت المفوضية أن الاتفاق "لن يثير مخاوف بشأن المنافسة"، مشيرة إلى "غياب أي تداخلات جديدة بين أنشطة الشركات في السوق المعنية، وهي السوق الوطنية الإيطالية للطائرات المقاتلة المتعددة الأدوار".
وستحلّ المقاتلة المستقبلية، وهي طائرة ضخمة على شكل حرف "V" وذيل مزدوج، محل طائرات إف-2 اليابانية وطائرات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية.
وسيكون مقر الشركة الجديدة في المملكة المتحدة، وسيكون رئيسها التنفيذي الأول الذي لم يُعلن عن اسمه بعد إيطاليا وسيتم نشر فرق عمل مشتركة في الدول الثلاث.
ثلاثة تغييرات جوهرية
وحذر رئيس الوزراء كير ستارمر خلال إطلاقه المراجعة في غلاسكو من أن "التهديد الذي نواجهه الآن أخطر وأكثر إلحاحا وأقل قابلية للتوقع من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة".
وأضاف "نواجه حربا في أوروبا ومخاطر نووية جديدة وهجمات إلكترونية يومية وعدوانا روسيا متزايدا في مياهنا يهدد أجواءنا أيضا".
وجاء في مراجعة الدفاع الاستراتيجي التي تقيّم التهديدات التي تواجه المملكة المتحدة وتقدّم توصيات، أن بريطانيا تدخل "حقبة جديدة من التهديدات".
وأكد ستارمر أنه نتيجة لذلك فإن حكومته تهدف إلى تحقيق ثلاثة "تغييرات جوهرية".
وقال "أولا ننتقل إلى الجاهزية القتالية كهدف أساسي لقواتنا المسلحة" مضيفا "لكل فئة من المجتمع ولكل مواطن في هذا البلد دور يؤديه، وعلينا أن ندرك أن الأمور تغيّرت في عالم اليوم. خط المواجهة، إن صح التعبير، موجود هنا".
كما أصر رئيس الوزراء على أن سياسة الدفاع البريطانية ستقوم دائما على مبدأ "حلف الناتو (حلف شمال الأطلسي) أولا"، مشيرا إلى أن بلاده "ستسرّع الابتكار بوتيرة أشبه بأوقات الحرب حتى نتمكن من مواجهة تهديدات اليوم والغد".
زيادة الإنفاق الدفاعي
وقال وزير الدفاع البريطاني جون هيلي أمام البرلمان في وقت لاحق الاثنين إن العالم دخل "عصرا جديدا"، وتعهد جعل الجيش البريطاني "أكثر فتكا بعشر مرات" من خلال الجمع بين تكنولوجيا المسيرات المستقبلية والذكاء الاصطناعي و"المعادن الثقيلة للدبابات والمدفعية".
وقال "نواجه حربا في أوروبا، وعدوانا روسيا متزايدا، ومخاطر نووية جديدة، وهجمات إلكترونية يومية في الداخل".
وأضاف "يعمل أعداؤنا بشكل متزايد بالتحالف مع بعضهم، بينما تُغيّر التكنولوجيا طريقة خوض الحروب - نحن في عصر جديد من التهديدات".
تسابق المملكة المتحدة الزمن لإعادة التسلح في مواجهة التهديد الروسي والمخاوف من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يساعد في حماية أوروبا.
وأصر ستارمر على أن هذه الخطة ستكون بمثابة "نموذج للقوة والأمن لعقود"، مع الأخذ في الاعتبار الاستخدام المتزايد للطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي في ساحة المعركة.
في فبراير، أعلن ستارمر أنه سيرفع الإنفاق الدفاعي للمملكة إلى ما نسبته 2,5 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي بحلول العام 2027، مقارنة بـ2,3 في المئة حاليا، لمواجهة التحديات الأمنية الجديدة في أوروبا، في حين تحضّ الولايات المتحدة شركاءها في حلف شمال الأطلسي على زيادة الاستثمار الدفاعي.
وتطمح الحكومة العمّالية إلى بلوغ مستوى 3 في المئة في الدورة التشريعية المقبلة، أي بعد العام 2029.
وأعلنت حكومة حزب العمال أنها ستخفض المساعدات الخارجية البريطانية لتمويل الإنفاق.
وبناء على توصيات المراجعة التي قادها الأمين العام السابق لحلف الناتو جورج روبرتسون، أعلنت الحكومة الأحد أنها ستعزز مخزوناتها وقدراتها الإنتاجية للأسلحة والتي يمكن زيادتها عند الحاجة.
وأعلنت الحكومة أن المملكة المتحدة تعتزم استثمار 1,5 مليار جنيه استرليني (1,8 مليار يورو) لبناء مصانع جديدة.
وستموّل الحكومة بناء "ستة مصانع جديدة على الأقل" لإنتاج الذخائر و"ما يصل إلى سبعة آلاف قطعة سلاح على المدى البعيد" في البلاد.
ومساء الأحد، أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستبني ما يصل إلى 12 غواصة هجومية جديدة كجزء من تحالفها العسكري "أوكوس" مع أستراليا والولايات المتحدة.
وتستعد لندن حاليا لتشغيل سبع غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية من فئة "أستيوت" والتي سيتم استبدالها بـ 12 غواصة من طراز "أوكوس" اعتبارا من أواخر ثلاثينات القرن الحادي والعشرين.
كما أعلنت وزارة الدفاع أنها ستستثمر 15 مليار جنيه إسترليني في برنامجها للرؤوس الحربية النووية، وتعهدت الأسبوع الماضي تخصيص مليار جنيه إسترليني لإنشاء "قيادة إلكترونية" للمساعدة في ساحة المعركة.
"تحدي" الصين
وتعود آخر مراجعة دفاعية من هذا النوع إلى العام 2021 من قبل الحكومة المحافظة السابقة، وتمت مراجعتها عام 2023 بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
وقال روبرتسون إن المراجعة تتناول التهديدات من روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، واصفا إياها بـ "الرباعية القاتلة".
لكن في مقال رأي بصحيفة "ذي صن"، لم يذكر ستارمر الصين محذرا في الوقت نفسه من أن "الكرملين يتعاون مع حلفائه في إيران وكوريا الشمالية".
ويتماشى تخفيف حدة اللهجة تجاه الصين مع جهود حكومة حزب العمال لتحسين العلاقات مع بكين والتي وصلت إلى مستويات متدنية جديدة في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك المحافظة.
ويصف التقرير روسيا بأنها تهديد "مباشر وملّح"، لكنه يعتبر الصين أنها "تحد معقد ومستمر"، وفقا لصحيفة "ذي جارديان".
كما تدرس بريطانيا تعزيز قوتها الرادعة من خلال شراء طائرات قادرة على حمل صواريخ نووية من الولايات المتحدة، وفقا لصحيفة "صنداي تايمز".
هذا وأوصت مراجعة دفاعية بريطانية بأن يكون الشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهندي والهادي من المناطق ذات الأولوية للمشاركة الدفاعية بعد منطقة أوروبا والأطلسي.