اختراق غير مسبوق.. إسرائيل تعلن اغتيال قائد خاتم الأنبياء الجديد

في تصعيد غير مسبوق للحرب السرّية بين إسرائيل وإيران، أعلنت تل أبيب اغتيال اللواء علي شادماني، القائد الجديد لمقر "خاتم الأنبياء" المركزي التابع للحرس الثوري الإيراني، وذلك بعد أيام فقط من تعيينه خلفاً لغلام علي رشيد، الذي لقي حتفه هو الآخر في غارة جوية إسرائيلية مماثلة.
ويأتي مقتل شادماني في إطار ما تسميه إسرائيل "عملية الأسد الصاعد"، وهي حملة عسكرية واستخباراتية تستهدف تفكيك البنية القيادية والعسكرية العليا للنظام الإيراني، عبر ضربات مباشرة طالت أكبر قادة الجيش والحرس الثوري، بل ومواقع نووية حساسة داخل إيران.
من هو علي شادماني؟
كان شادماني يشغل سابقاً منصب نائب قائد قيادة الطوارئ في هيئة الأركان العامة، ويُعتبر من أبرز العقول العسكرية في إيران، إذ كُلّف مؤخراً من المرشد الإيراني علي خامنئي بمهام "التخطيط والتوجيه الاستراتيجي لمواجهة التهديدات". وقد وصفه الجيش الإسرائيلي بأنه "المسؤول عن تنسيق هجمات صاروخية وطائرات مسيّرة ضد أهداف إسرائيلية"، مما يبرر - بحسب الرواية الإسرائيلية - وضعه على رأس قائمة الأهداف.
اغتياله في غارة جوية نفذها سلاح الجو الإسرائيلي وسط طهران، يمثل تحولاً خطيراً في قواعد الاشتباك، حيث لم تعد إسرائيل تكتفي بضربات على أطراف إيران أو عبر وكلاء، بل باتت تستهدف العاصمة مباشرة وبصورة علنية.
نهج جديد في الاستهداف: من القيادات العسكرية إلى الدائرة المقربة من خامنئي
من اللافت أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة لا تفرّق بين مستويات القيادة العسكرية. فإلى جانب شادماني، طالت الغارات أسماء بارزة مثل:
محمد باقري (رئيس الأركان)
حسين سلامي (قائد الحرس الثوري)
أمير علي حاجي زاده (قائد القوات الجوية والفضائية)
محمد كاظمي (رئيس استخبارات الحرس الثوري)
علي شمخاني (مستشار المرشد الأعلى)
ما يشير إلى محاولة إسرائيلية ممنهجة لإفراغ القيادة الإيرانية من كوادرها المؤثرة، وربما إضعاف قدرة طهران على التنسيق العسكري إقليمياً، خاصة في سوريا ولبنان واليمن.
التوقيت والرسائل
جاء تعيين شادماني يوم الجمعة الماضية، ولم يمضِ على تسلّمه للمنصب سوى أيام قليلة، ما يشي بوجود اختراق استخباراتي إسرائيلي عميق داخل منظومة صنع القرار الإيراني. كما أن توقيت الاغتيال يعكس رسائل مزدوجة:
لإيران: بأن الرد على أي تصعيد سيكون مزلزلاً، ولن يُستثنى أحد.
للمجتمع الدولي: أن إسرائيل ماضية في منع طهران من الوصول إلى العتبة النووية، حتى ولو أدى ذلك إلى المواجهة الشاملة.
الموقف الأميركي: دعم ضمني مع تحفظ على التصعيد؟
رغم أن واشنطن لم تصدر موقفاً رسمياً شاملاً، فإن تسريبات صحفية ذكرت أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الذي عاد إلى الواجهة السياسية، عارض خطة إسرائيلية لاغتيال المرشد علي خامنئي، ما يبرز التباين بين الحليفين حول حدود التصعيد المقبولة.
في المقابل، تدعم مجموعة السبع وإدارة ترمب تعزيز الردع ضد إيران، لكن دون الوصول إلى حرب مباشرة قد تجر المنطقة والعالم إلى دوامة عنف مفتوحة.
إلى أين تتجه الأزمة؟
تصريحات إسرائيلية عديدة تحدثت عن أن "قائمة الأهداف لا تزال طويلة"، ما يشير إلى استمرار العمليات في المستقبل القريب. لكن يبقى السؤال: إلى متى يمكن لإسرائيل أن تواصل هذه السياسة دون رد إيراني حاسم؟ وهل تكون الضربة القادمة ضد شخصية سياسية رفيعة، أم أن استهداف خامنئي قد يصبح ورقة تُستخدم لاحقًا؟
في ظل هذا الغموض والتصعيد المتسارع، تبدو المنطقة على شفير هاوية، حيث يُعاد رسم قواعد الاشتباك والمعادلات الإقليمية، بأسلوب أكثر جرأة وأقل حساباً للعواقب.