اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

بوتين يأمر بإنشاء منطقة أمنية عازلة.. والجيش الروسي يتقدم في الشمال الأوكراني

الحرب الروسية الأوكرانية
الحرب الروسية الأوكرانية

شهدت الأزمة الروسية الأوكرانية تطورًا نوعيًا جديدًا في الأيام الأخيرة، تمثل في تزامن مسارين متوازيين، أحدهما ميداني يتمثل في تصعيد عسكري متبادل بالطائرات المسيّرة، والآخر إنساني يرتبط بعملية تبادل واسعة للأسرى. في ظل هذه الأحداث المتسارعة، تواصل موسكو تعزيز قبضتها على الحدود، عبر إنشاء "منطقة أمنية عازلة"، مما يفتح باب التساؤلات حول نوايا روسيا طويلة المدى في المناطق الحدودية المتنازع عليها، وقدرتها على فرض وقائع جيوسياسية جديدة.

رسائل سياسية خلف الطابع الإنساني


في مشهد يحمل طابعاً إنسانياً لكنه لا يخلو من دلالات سياسية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن نجاح تبادل للأسرى تم خلال ثلاثة أيام، وشمل 303 أسرى من كل جانب، ليصل مجموع ما تم تبادله منذ 23 حتى 25 مايو إلى 1000 أسير مقابل 1000 أسير، بناءً على اتفاق أُبرم في إسطنبول في 16 مايو.
هذه العملية، رغم رمزيتها، تشير إلى أن قنوات التفاوض ما زالت قائمة بين الطرفين، وربما تحظى برعاية تركية أو دولية غير معلنة، لكنّها لم تتوسع لتشمل ملفات أخرى أكثر تعقيداً، مثل وقف إطلاق النار أو مستقبل المناطق المتنازع عليها.

روسيا ترسم حدود النار


بالتوازي مع تبادل الأسرى، تتحرك روسيا على الأرض لبناء "منطقة أمنية عازلة" على طول الحدود، في خطوة تعكس تحولاً من الدفاع إلى المبادرة العسكرية الميدانية.
وفقاً لتصريحات ياروسلاف ياكيمكين، المتحدث باسم قوات "الشمال" الروسية، فإن هذه الإجراءات تأتي عقب "تحرير" بلدات في مقاطعتي كورسك وسومي، بما في ذلك مارينو، لوكنيا، وغورنال. روسيا تصف هذه العمليات بأنها ضرورية لإبعاد "العدو" عن حدودها وتأمين المدنيين الروس، فيما تراها كييف وأوروبا بوادر اجتياح أوسع ومحاولة لتغيير الخريطة السياسية شرق أوكرانيا.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد هذه التوجهات خلال اجتماع حكومي، قائلاً إن "القوات تعمل على تنفيذ قرار إنشاء المنطقة الأمنية العازلة"، مما يدل على أن الأمر يتعدى كونه رد فعل مؤقت ليأخذ صبغة استراتيجية طويلة الأمد.

هجوم المسيّرات.. حرب التكنولوجيا والتوقيت السياسي


ليل الأحد، سجّل أكبر هجوم جوي منذ اندلاع الحرب، إذ أطلقت القوات الروسية 367 صاروخاً وطائرة مسيرة على كييف ومدن أوكرانية أخرى، خلفت ضحايا ومصابين، وتسببت في حالة هلع واسعة، خاصة أنها ترافقت مع انقطاعات في التيار الكهربائي وشلل مؤقت للبنية التحتية.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استغل هذا الهجوم لتوجيه انتقاد مباشر للولايات المتحدة، متهماً واشنطن بـ"الصمت"، ومطالباً بعقوبات جديدة على موسكو، ملمحاً إلى أن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض ساهمت في تخفيف اللهجة الغربية تجاه بوتين.
في المقابل، جاء هذا الهجوم الروسي كردّ على وابل من الطائرات المسيرة الأوكرانية (نحو 110) استهدفت روسيا فجراً، بما في ذلك موسكو ومناطق في تولا وتفير، مما اضطر السلطات الروسية إلى إغلاق ثلاثة مطارات لفترة مؤقتة.

هدنة مؤقتة أم تسوية نهائية؟


في خلفية التصعيد العسكري، تتحرك قنوات دبلوماسية أوروبية في محاولة لدفع موسكو إلى قبول وقف إطلاق نار لمدة 30 يوماً كخطوة أولى نحو التفاوض. لكن روسيا تصرّ على أن أي اتفاق لا بد أن يتضمن خطة دائمة لإنهاء الحرب، لا مجرد هدنة، بينما ترفض كييف تقديم تنازلات قبل استعادة أراضيها.
الآمال المحدودة بهذه المبادرات تعرّضت لانتكاسة حين رفض الرئيس ترمب فرض عقوبات إضافية على روسيا، مما فُهم كإشارة إلى أن الولايات المتحدة لم تعد مستعدة لدعم كييف بالشدة ذاتها، على الأقل في الوقت الراهن.

موضوعات متعلقة