اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

9 بؤر استعمارية جديدة خلال أبريل.. الاحتلال يتمدد على أراضي الفلسطينيين

بؤر استيطانية
بؤر استيطانية

تشهد الأراضي الفلسطينية تصعيدًا خطيرًا من جانب الاحتلال الإسرائيلي يتخذ أشكالًا متعددة، تمتد من محاولات التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية إلى المجازر المتواصلة وجرائم الحرب في قطاع غزة، ضمن سياسة ممنهجة تستهدف تفريغ الأرض من أهلها وتكريس واقع استعماري جديد.


استيطان متسارع وحصار ميداني خانق


رصدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أربع محاولات لإقامة بؤر استيطانية جديدة خلال 24 ساعة فقط، ثلاث منها في محافظة رام الله والبيرة (بلدات دير جرير، المغير، وعين عريك)، والرابعة في منطقة شلال العوجا بأريحا. هذه المحاولات تأتي ضمن موجة استيطانية أشمل شهدها شهر أبريل، تضمنت تسع محاولات لإقامة بؤر استيطانية ذات طابع رعوي وزراعي، موزعة على مختلف المحافظات، مما يعكس نمطًا استعماريًا مدروسًا يستهدف السيطرة على الأراضي الزراعية والرعوية.
في الوقت نفسه، تتواصل عمليات العدوان العسكري على مدينة طولكرم ومخيم نور شمس لليوم الـ119 و106 على التوالي على الترتيب، وسط حصار خانق وتحركات عسكرية مستمرة. ما يجري هناك يتجاوز الطابع الأمني ليأخذ أبعادًا تطهيرية، مع عمليات هدم واسعة لمباني المخيمين (أكثر من 20 مبنى في نور شمس خلال الأيام الأخيرة وحدها)، في إطار مخطط أوسع يهدف إلى إزالة 106 مبانٍ بالكامل لتغيير المعالم الجغرافية للمنطقة.
وفي دلالة على ممارسة الاحتلال لسياسة العقاب الجماعي، أقدمت قواته فجر اليوم على اعتقال المواطن عصام عودة، أمين سر التجمع الوطني لأسر الشهداء، بعد مداهمة منزله للمرة المتكررة، واحتجزت ابنته الشابة للضغط على ابنها لتسليم نفسه. عائلة عودة تمثل نموذجًا حيًا لعشرات العائلات التي تعاني من الاعتقال الإداري والتنكيل المتكرر دون محاكمة أو تهم.
إلى جانب الاعتقالات، تنتشر الآليات العسكرية في أحياء المدينة وشوارعها، وتعيق حركة المواطنين بشكل يومي، من خلال إقامة الحواجز والسير بعكس اتجاه الشوارع وإطلاق الأبواق بشكل استفزازي. وتمتد سياسة التضييق إلى الاستيلاء على منازل وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، مما يخلق حالة من الرعب اليومي لدى السكان.
النتائج على الأرض كارثية: تهجير أكثر من 25 ألف مواطن من المخيمين، تدمير 400 منزل بالكامل، وتضرر آلاف المنازل الأخرى، إلى جانب تدهور الوضع الإنساني والمعيشي في ظل العزلة المفروضة.

جثث تحت الركام والعدوان بلا توقف


في قطاع غزة، يستمر العدوان الإسرائيلي في حصد الأرواح وتدمير الحياة، حيث بلغ عدد الشهداء منذ 7 أكتوبر 2023 أكثر من 53,939 شهيدًا، و122,797 جريحًا، مع تزايد مأساوي في الضحايا خلال الأسابيع الأخيرة. ففي الـ24 ساعة الماضية فقط، ارتكبت قوات الاحتلال مجازر جديدة أسفرت عن استشهاد 38 مدنيًا وإصابة 204 آخرين، وسط عجز فرق الإنقاذ عن الوصول إلى الضحايا العالقين تحت الأنقاض، خاصة في المناطق الشمالية المعزولة.


في مشهد يعكس المأساة الإنسانية، استشهدت ظهر اليوم عائلة نازحة بالكامل، بينهم طفلان، نتيجة قصف خيمة تؤويهم في دير البلح. هذا الهجوم يأتي في سياق ممنهج يستهدف النازحين والمراكز التي من المفترض أن تكون “مناطق آمنة”، ليرتفع عدد الشهداء في المجازر الأخيرة منذ 18 مارس وحده إلى 3,785، والإصابات إلى 10,756.


الوضع الطبي في غزة على شفا الانهيار، فمعظم المستشفيات خارجة عن الخدمة أو غير قادرة على استقبال الجرحى، في ظل الحصار ونفاد المعدات الطبية، بينما تتحول كل ساعة إلى سباق مع الموت لإنقاذ من يمكن إنقاذه من تحت الركام.

الاحتلال يفرض مشروعه بالقوة، والمجتمع الدولي يلتزم الصمت


ما يحدث في طولكرم ونور شمس هو فصل من خطة إسرائيلية واضحة لتفكيك المخيمات، وتجريف الذاكرة الجمعية الفلسطينية المرتبطة بها، في موازاة توسيع رقعة الاستيطان. أما في غزة، فإن قتل النازحين في خيامهم بعد تهجيرهم من ديارهم، وتدمير المستشفيات، ليس إلا ترجمة لسياسة الإبادة الجماعية البطيئة.


السكوت الدولي، والعجز العربي، يمنحان الاحتلال ضوءًا أخضر للاستمرار. وبينما ينشغل العالم بوقف إطلاق نار مؤقت أو ممرات إنسانية محدودة، يواصل الاحتلال فرض وقائع على الأرض يصعب التراجع عنها لاحقًا.

موضوعات متعلقة