شباب صينيون يلجأون إلى «الذكاء الاصطناعي» طلباً للدعم النفسي

خلال الساعات التي سبقت بزوغ الفجر، كانت آن لي (30 عاماً) تعاني القلق، بعد أن تم تشخيصها بمشكلات صحية خطرة.
ومع غياب الأصدقاء واستبعاد إخبار العائلة، وجدت نفسها تبحث عمن يُصغي إليها، فلجأت إلى الذكاء الاصطناعي.
ونقلت صحيفة «الغارديان» اللندنية عن لي قولها: «من الأسهل التحدث مع الذكاء الاصطناعي في الليل».
وفي وقت سابق من العام الجاري، بدأت فتاة صينية عرّفت عن نفسها باسمها الأول فقط «يانغ» (25 عاماً)، باللجوء إلى «روبوتات» الذكاء الاصطناعي بدلاً من زيارة طبيب نفسي.
وقالت إن الوصول إلى خدمات الصحة النفسية كان صعباً، وشعرت بأن الحديث مع العائلة أو الأصدقاء مستحيل، وسرعان ما أصبحت تتحدث إلى «روبوتات» المحادثة ليلاً ونهاراً.
وتُعد آن ويانغ، من بين أعداد متزايدة من السكان الناطقين باللغة الصينية الذين يلجأون إلى «روبوتات» الذكاء الاصطناعي بدلاً من المعالجين المحترفين من البشر.
ويقول الخبراء إنه ثمة إمكانات هائلة للذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة النفسية، لكنهم قلقون بشأن مخاطر لجوء الأشخاص الذين يعانون مشكلات نفسية إلى التكنولوجيا، بدلاً من الأطباء المتخصصين، للحصول على المساعدة الطبية.
وليس هناك الكثير من الإحصاءات الرسمية، لكن أخصائيي الصحة النفسية في الصين وتايوان تحدثوا عن تزايد معدلات المرضى الذين يستعينون بالذكاء الاصطناعي قبل اللجوء إليهم، أو حتى بدلاً من استشارتهم.
دراسة: المساعدة النفسية سبب رئيسي لاستخدام «روبوتات» الذكاء الاصطناعي
وتظهر الإحصاءات بما فيها التحليلات العالمية التي نشرتها مجلة «هارفرد بزنس ريفيو»، أن المساعدة النفسية باتت الآن سبباً رئيساً يدفع البالغين إلى استخدام «روبوتات» الذكاء الاصطناعي. وتنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مئات الآلاف من المنشورات التي تثني على الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم.
يأتي ذلك في خضم ارتفاع معدلات الأمراض النفسية في الصين، خصوصاً بين الشباب. ولا يتواكب الوصول إلى الخدمات مع تسارع وتيرة التقدم، إذ يصعب الحصول على المواعيد، كما أن المعالجة مرتفعة السعر.
وقال مستخدمو «روبوتات» الدردشة، إن الذكاء الاصطناعي يوفر لهم الوقت والمال، ويقدّم إجابات حقيقية، وهو أكثر تحفظاً في مجتمع لايزال يعاني وصمة العار المرتبطة بالصحة النفسية.
وقالت الدكتورة يي هسين سو، من عيادة نفسية في تايوان، التي تعمل أيضاً في مدارس ومستشفيات للترويج لرعاية الصحة الذهنية في تايوان: «يساعدنا الذكاء الاصطناعي بطريقة ما»، وأضافت «تحدثت مع الجيل (زد) وكانوا أكثر استعداداً للحديث عن مشكلاتهم، والصعوبات، لكن لايزال هناك الكثير الذي يجب القيام به».
وفي تايوان يُعد أكثر «روبوتات» الدردشة انتشاراً هو «شات جي بي تي»، أمّا في الصين حيث يتم حظر التطبيقات الأوروبية مثل «شات جي بي تي»، فيلجأ الناس إلى ما هو متوافر محلياً مثل «بيدو إيرني بوت» أو الموقع الذي تم إطلاقه أخيراً «ديب سيك»، وكليهما يتطوّران بسرعة كبيرة.
وتتنوّع تجارب المستخدمين، حيث ذكرت آن لي، أن «شات جي بي تي» يعطيها ما تريد سماعه، لكن ذلك يمكن أن يكون متوقعاً أيضاً، ويفتقر إلى الفهم العميق، مشيرة إلى أنها تفتقد عملية اكتشاف الذات في الاستشارة النفسية.
وأضافت: «أعتقد أن الذكاء الاصطناعي يعطيك الإجابة، والاستنتاج الذي قد تتوصل إليه بعد الانتهاء من جلستين أو ثلاث جلسات علاجية».
التجربة مرضية للغاية
لكن نابي ليو (27 عاماً)، التي تعيش في لندن، اكتشفت أن التجربة مُرضية للغاية، وقالت: «عندما تقول شيئاً لأحد أصدقائك، قد لا يتفاعل فوراً معك، لكن (شات جي بي تي) يستجيب بجدية وفورية»، مضيفة: «أشعر بأنه يستجيب لي بصدق في كل مرة».
أما «يانغ»، فتقول إنها لم تكن متأكدة إن كانت حالتها تستدعي تدخلاً مهنياً أم لا، مضيفة: «لم أدرك إلا أخيراً أنني قد أحتاج إلى تشخيص طبي حقيقي في المستشفى».