اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

خرائط الدم والاستيطان.. جرائم الاحتلال الإسرائيلي واستراتيجيات تفتيت الجغرافيا الفلسطينية

الاحتلال
الاحتلال

في تقرير شهري مفصل، سلط رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، الوزير مؤيد شعبان، الضوء على التصعيد المستمر في انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني خلال شهر مايو 2025، كاشفاً عن حجم العنف المنظم والاستراتيجيات الاستعمارية الممنهجة التي تسعى إلى تغيير الواقع الجغرافي والسياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء.


1. 1691 اعتداءً: التوسع الاستعماري كسلوك منظم للدولة


بلغ عدد الانتهاكات المسجلة 1691 اعتداء، توزعت بين 1276 نفذها جيش الاحتلال، و415 نفذها المستوطنون. هذه الأرقام لا تعكس مجرد حوادث متفرقة، بل تُظهر بنية متكاملة من "إرهاب دولة" تعمل وفق استراتيجية ثابتة: تفتيت الجغرافيا الفلسطينية، وخلق بيئة طاردة للمواطنين الأصليين، وتحقيق وقائع جديدة على الأرض تجهض أي إمكانية مستقبلية لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة.


2. من الهدم إلى الإعدامات: خارطة الانتهاكات


الاعتداءات تراوحت بين إعدامات ميدانية، تجريف أراضٍ، اقتلاع أشجار، فرض إغلاقات، وخلق حواجز تعزل المناطق عن بعضها. وقد تركّزت في محافظات رام الله (283 اعتداء)، الخليل (271)، ونابلس (265)، ما يعكس استهدافاً ممنهجاً لمراكز الكثافة السكانية والبنية المجتمعية الفلسطينية.
خلال هذا الشهر وحده، تم هدم 121 منشأة فلسطينية، وتسليم 48 إخطاراً بهدم منشآت أخرى، أبرزها في رام الله وسلفيت. كما تضررت 1068 شجرة، منها 695 شجرة زيتون، ما يؤشر إلى محاولة ضرب أحد أعمدة الاقتصاد الفلسطيني المرتبط بالأرض والهوية.


3. الاستيطان كأداة استعمار إحلالي


أشار التقرير إلى قرارات حكومة الاحتلال ببناء 22 بؤرة استيطانية جديدة وتحويلها إلى مستعمرات قائمة، إضافة إلى المصادقة على 26 مخططًا هيكليًا لبناء أكثر من 3000 وحدة استعمارية على 1700 دونم. من أبرز تلك المخططات:
توسعة "عيتس أفرايم" بـ252 وحدة جديدة.

بناء 730 وحدة في "أرائيل غرب".

إقامة 627 وحدة في كفر عقب شمال القدس.

كل ذلك يأتي ضمن خطة توسعية هدفها خنق التجمعات الفلسطينية ومحاصرة التمدد العمراني الطبيعي، عبر منع التراخيص وهدم ما يُبنى دونها، في حين يُمنح المستوطنون مساحات شاسعة بتسهيلات قانونية وإدارية.


4. إعادة تفعيل "التسوية": تشريع للضم أم خدعة قانونية؟


وصف شعبان قرار الاحتلال بإعادة تفعيل ملف التسوية العقارية بعد خمسين عاماً من تجميده، بأنه محاولة لشرعنة الضم تحت غطاء قانوني زائف. وقال إن الهدف من هذه التسوية ليس حماية الحقوق بل تجريد المواطن الفلسطيني من أرضه، وتحويل كل شبر منها إلى هدف مشروع للمصادرة.


5. التهجير القسري: الأغوار نموذجاً


نحو 90% من أراضي الأغوار باتت فعلياً تحت سيطرة الاحتلال، بذريعة التدريبات العسكرية أو إقامة محميات طبيعية. في المقابل، يُحرم الفلسطينيون من الوصول إليها، بينما تُقدَّم أراضيهم للمستوطنين. وقد أدى هذا إلى ترحيل 30 تجمعاً بدوياً منذ السابع من أكتوبر 2023، تضم 323 عائلة، آخرها كان تجمع مغاير الدير شرقي رام الله.
كما رُصدت سابقة لافتة تمثلت في استخدام طائرات مسيرة لمطاردة رعاة الأغنام في شرق بيت لحم، في سلوك يوازي من حيث طبيعته عمليات الطرد العسكري، لكن بأدوات تكنولوجية ترهيبية.


6. غزة: القتل من الجو وخرق القانون الدولي


في موازاة انتهاكات الضفة، واصلت طائرات الاحتلال شن غاراتها على قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد مواطنين بينهم نساء وأطفال، في قصف على شرق غزة وجباليا والنصيرات وخان يونس. وأفادت مصادر طبية بأن الحصيلة العامة للعدوان منذ السابع من أكتوبر 2023 وصلت إلى أكثر من 54,470 شهيداً، معظمهم من الأطفال والنساء، وإصابة أكثر من 124,693، في جرائم ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.


7. مواجهة المخطط: من التوثيق إلى الصمود


شدد شعبان على أن المقاومة لا تقتصر على العمل المسلح، بل تتطلب استراتيجية وطنية شاملة تتضمن:
التوثيق القانوني والدبلوماسي لتقديم ملفات للمحاكم الدولية.


دعم صمود الفلسطينيين في القرى والتجمعات المستهدفة.
فضح تواطؤ القضاء الإسرائيلي مع السلطة السياسية، لا سيما في ملفات مثل جبل صبيح.

التحرك الدولي للضغط باتجاه توفير حماية عاجلة للفلسطينيين ووقف إرهاب المستوطنين.