اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

خيال ديكتاتوري أم ضرورة أمنية؟ أزمة نشر المارينز في لوس انجلوس تفتح جبهة خلاف دستوري في أمريكا

قوات أمريكية
قوات أمريكية

في تصعيد غير مسبوق، فجّرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب جدلاً حاداً حول صلاحيات الرئيس الاتحادي في التعامل مع الاحتجاجات الداخلية، بعد أن أمرت بنشر 500 عنصر من قوات مشاة البحرية (المارينز) في مدينة لوس أنجلوس، في خطوة أثارت غضب الحكومة المحلية في ولاية كاليفورنيا، وعلى رأسها الحاكم الديمقراطي غافين نيوسوم.

تشهد مدينة لوس أنجليس احتجاجات واسعة النطاق، يبدو أنها جاءت على خلفية توترات اجتماعية وسياسية، مما دفع إدارة ترمب إلى اتخاذ خطوة استثنائية بتعبئة وحدات قتالية من الجيش داخل الأراضي الأميركية، وهو ما اعتبره معارضوه تجاوزًا للدستور وسابقة خطيرة في العلاقة بين الحكومة الفدرالية والولايات.

موقف ولاية كاليفورنيا

سارعت السلطات المحلية في كاليفورنيا إلى التعبير عن رفضها القاطع لقرار ترمب، معتبرة إياه "تعديًا صارخًا على سيادة الولاية". حاكم الولاية نيوسوم وصف القرار بأنه تحقيق لـ"الخيال المضطرب لرئيس ديكتاتوري"، وذكّر بأن قوات المارينز خُلقت للدفاع عن البلاد في الحروب، لا لتُستخدم ضد المواطنين الأميركيين في شوارع مدنهم.

التصعيد القانوني

المدعي العام للولاية روب بونتا أعلن أنه بصدد تقديم دعوى قضائية ضد إدارة ترمب، للطعن في قانونية هذا النشر. وأشار إلى أن استخدام الحرس الوطني دون تنسيق مع الولاية يشكل انتهاكًا صريحًا لمبدأ الفدرالية. كما طلب إصدار أمر قضائي عاجل لوقف عملية النشر، واعتبر أن تحرك الرئيس لم يكن ضرورياً أو حتمياً، بل كان بمثابة صب الزيت على نار التوترات.

البُعد السياسي والدستوري

هذا النزاع لا يعكس فقط خلافًا آنيًا بين واشنطن وساكرامنتو (عاصمة كاليفورنيا)، بل يُعيد إلى الواجهة نقاشًا دستوريًا عميقًا حول حدود سلطة الرئيس الأميركي في استخدام القوة العسكرية داخليًا، وخاصة استخدام القوات النظامية بدلًا من قوات الحرس الوطني أو الشرطة.

كما يعكس هذا التوتر الانقسام السياسي الحاد بين الولايات ذات التوجه الليبرالي، والحكومة الفيدرالية المحافظة. ويخشى العديد من المراقبين من أن هذه الخطوات قد تؤسس لممارسات سلطوية تقوّض التوازن بين السلطات، خصوصاً في ظل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة.

أبعاد إعلامية وشعبية

وسائل الإعلام، وعلى رأسها شبكة "سي إن إن"، كانت أول من نقل خبر نشر القوات، ما ساهم في تضخيم الغضب الشعبي. وتُظهر مقاطع الفيديو والصور التي تم تداولها اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين، وسط أجواء من الاستقطاب السياسي والإعلام.

أزمة نشر المارينز في لوس أنجليس ليست مجرد رد فعل أمني على اضطرابات مدنية، بل هي مرآة تعكس صراعاً دستورياً وسياسياً عميقاً حول طبيعة الحكم في الولايات المتحدة. وبينما يرى البيت الأبيض أنه يمارس سلطاته لضمان النظام، ترى كاليفورنيا أن ما يحدث هو انزلاق نحو عسكرة السياسة الداخلية. وقد يكون مآل هذا الصراع أمام المحاكم الدستورية، لكنه بالتأكيد يشكل تحولاً مفصلياً في العلاقة بين المركز والولايات في أميركا الحديثة.