اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
السويد تُدين تجويع المدنيين في غزة: استخدام الغذاء كسلاح ”جريمة حرب” وتحدٍ صارخ للقانون الإنساني الدولي طبول الحرب تُقرع من تل أبيب.. إسرائيل تتهيأ لضرب إيران وسط غموض نووي وتصدعات دبلوماسية استطلاع مركز بيو: ترامب متغطرس وخطر على المجتمع الدولي بين الوعود الدبلوماسية والمصالح المتشابكة.. واشنطن وموسكو على مفترق طرق جديد بين الفيتو والمأساة.. الأمم المتحدة تتحرك لوقف نزيف غزة وسط تجاهل أميركي سيناريو الضربة الاستباقية.. بين التصعيد الأميركي والهواجس الإيرانية محادثات مسقط النووية.. مفاوضات على شفير التصعيد العسكري بين واشنطن وطهران تصعيد استراتيجي.. الاتحاد الأوروبي يلوّح بعقوبات مالية على بنوك صينية وسط اشتباك دبلوماسي متعدد الجبهات السباق النووي الجديد.. أميركا تُراهن على المستقبل في مواجهة التفوق الصيني «هدنة غزة»... هل تعزز الضغوط على حكومة نتنياهو جهود التهدئة؟ مسئول أمريكي: لن نسمح لإيران بتطوير قدرات نووية ”مهما كان الثمن” الأمم المتحدة تصوت اليوم على قرار إنهاء الحرب في غزة

رغم العلاقات الوثيقة بين البلدين.. الجواسيس الصينيون يثيرون قلق الاستخبارات الروسية

الرئيسان الروسي والصيني
الرئيسان الروسي والصيني

في العلن، يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن صداقة بلاده المتنامية مع الصين لا تتزعزع، وهي صداقة استراتيجية عسكرية واقتصادية دخلت عصرها الذهبي.

ولكن في أروقة «لوبيانكا»، مقر وكالة الأمن الداخلي الروسية، المعروفة باسم جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، تشير وحدة استخبارات سرية إلى الصينيين على أنهم «العدو».

وقد حذرت هذه الوحدة، التي لم يتم الكشف عنها من قبل، من أن الصين تشكل تهديداً خطيراً للأمن الروسي. ويقول ضباطها إن بكين تحاول بشكل متزايد تجنيد جواسيس روس ووضع يدها على التكنولوجيا العسكرية الحساسة، وأحياناً عن طريق إغراء العلماء الروس الساخطين.

ويقول ضباط المخابرات إن الصين تتجسس على عمليات الجيش الروسي في أوكرانيا للتعرف على الأسلحة والحرب الغربية. وهم يخشون من أن الأكاديميين الصينيين يمهدون الطريق لتقديم مطالبات تتعلق بالأراضي الروسية. وقد حذروا من أن عملاء الاستخبارات الصينية يقومون بالتجسس في القطب الشمالي مستخدمين شركات التعدين ومراكز الأبحاث الجامعية كغطاء.

وقد وردت هذه التهديدات في وثيقة تخطيط داخلية لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي من ثماني صفحات، حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز، والتي تحدد أولويات صد التجسس الصيني. الوثيقة غير مؤرخة، مما يثير احتمال أن تكون مسودة، على الرغم من أنه يبدو من سياقها أنها كُتبت في أواخر عام 2023 أو أوائل عام 2024.

وقد حصلت مجموعة آريس ليكس، وهي مجموعة قرصنة إلكترونية، على الوثيقة لكنها لم تذكر كيف فعلت ذلك. وهذا يجعل المصادقة النهائية على صحتها مستحيلة، لكن نيويورك تايمز شاركت التقرير مع ست وكالات استخبارات غربية أجمعت في تقويمها على أنها أصلية. تقدم الوثيقة أكثر عرض تفصيلي من وراء الكواليس حتى الآن لتفكير الاستخبارات الروسية في ما يتعلق بالصين. فمنذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، أدى ارتباط موسكو الجديد مع بكين إلى تغيير ميزان القوى العالمي. وتعد هذه الشراكة سريعة التوسع واحدة من أكثر العلاقات أهمية وغموضاً في الجغرافيا السياسية الحديثة.

لقد نجت روسيا من سنوات من العقوبات المالية الغربية التي أعقبت الغزو، وأثبتت خطأ العديد من السياسيين والخبراء الذين توقعوا انهيار اقتصاد البلاد. ويعود الفضل في هذا الصمود إلى حد كبير إلى الصين.

فالصين هي أكبر زبون للنفط الروسي وتوفر رقائق الكمبيوتر الأساسية والبرمجيات والمكونات العسكرية. وعندما هربت الشركات الغربية من روسيا، تدخلت العلامات التجارية الصينية لتحل محلها. ويقول البلدان إنهما يريدان التعاون في عدد كبير من المجالات، بما في ذلك صناعة الأفلام وبناء قاعدة على سطح القمر.

ويسعى الرئيس فلاديمير بوتين والزعيم الصيني شي جينبينغ بإصرار إلى ما يسمونه شراكة «بلا حدود». لكن المذكرة السرية للغاية الصادرة عن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي تُظهر أن هناك في الواقع حدوداً.

قال أندريه سولداتوف، الخبير في أجهزة الاستخبارات الروسية الذي يعيش في المنفى في بريطانيا والذي راجع الوثيقة بناءً على طلب نيويورك تايمز: «لديك القيادة السياسية، وهؤلاء الرجال جميعهم مع التقارب مع الصين». لكنه أضاف: «(في المقابل) لديك أجهزة الاستخبارات والأجهزة الأمنية، وهي جميعها متشككة للغاية (في ما يخص الصين)».

ورفض المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، التعليق. ولم ترد وزارة الخارجية الصينية على طلبات التعليق على الوثيقة.

وتصف الوثيقة الروسية معركة استخباراتية «متوترة ومتطورة بشكل ديناميكي» في الظل بين البلدين الصديقين ظاهرياً.

وتكشف الوثيقة أنه قبل ثلاثة أيام من غزو أوكرانيا في عام 2022، وافق جهاز الأمن الفيدرالي الروسي على برنامج جديد لمكافحة التجسس يسمى «Entente-4». هذا الإسم الرمزي، وهو إشارة ساخرة على ما يبدو إلى صداقة موسكو المتنامية مع بكين، يكذّب الهدف الحقيقي للمبادرة: منع الجواسيس الصينيين من تقويض المصالح الروسية.

ومن شبه المؤكد أن التوقيت لم يكن من قبيل الصدفة. كانت روسيا تحوّل جميع مواردها العسكرية والتجسسية تقريباً إلى أوكرانيا، على بعد أكثر من 4000 ميل من حدودها مع الصين، وعلى الأرجح أنها كانت قلقة من أن بكين قد تحاول الاستفادة من هذا الإلهاء.

ومنذ ذلك الحين، وفقاً للوثيقة، لاحظ جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أن الصين تفعل ذلك بالضبط. وتقول الوثيقة إن عملاء الاستخبارات الصينية كثّفوا جهودهم لتجنيد مسؤولين وخبراء وصحافيين ورجال أعمال روس مقربين من السلطة في موسكو.

ولمواجهة ذلك، أصدر جهاز الأمن الفيدرالي الروسي تعليمات لضباطه باعتراض «التهديد» و«منع نقل المعلومات الاستراتيجية المهمة إلى الصينيين». وأُمر الضباط بإجراء لقاءات شخصية مع المواطنين الروس الذين يعملون بشكل وثيق مع الصين وتحذيرهم من أن بكين تحاول الاستفادة من روسيا والحصول على أبحاث علمية متقدمة، وفق ما جاء في الوثيقة.

أمر جهاز الأمن الفيدرالي الروسي بـ «التجميع المستمر للمعلومات عن المستخدمين» على تطبيق المراسلة الصيني وي تشات WeChat. وشمل ذلك اختراق هواتف أهداف التجسس وتحليل البيانات في أداة برمجية خاصة تحتفظ بها وحدة تابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، كما تقول الوثيقة.

وقد أثار التوافق المحتمل على المدى الطويل بين حكومتين يبلغ عدد سكانهما مجتمعين حوالي 1.6 مليار نسمة ومسلحتين بحوالي 6000 رأس نووي، قلقاً عميقاً في واشنطن.

ويعتقد بعض أعضاء إدارة ترمب أنه من خلال التواصل مع بوتين، يمكن لواشنطن أن تبدأ في إبعاد روسيا عن الصين وتجنب ما أسماه وزير الخارجية ماركو روبيو «قوتين نوويتين مصطفتين ضد الولايات المتحدة».

قال دونالد ترمب قبل فترة وجيزة من انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني): «عليّ أن أفكّ تحالفهما، وأعتقد أنني أستطيع فعل ذلك أيضاً». أضاف: «يجب أن أقوم بفك وحدتهما».

اختبارات لكشف الجواسيس والعملاء

عند قراءة وثيقة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي من ناحية، تضفي الوثيقة مصداقية على النظرية القائلة بأنه يمكن، مع اتباع النهج الصحيح، شق روسيا بعيداً عن الصين. تصف الوثيقة انعدام الثقة والشكوك على جانبي العلاقة بين الجانبين. تقول الوثيقة إن الصين تجري اختبارات كشف الكذب على عملائها بمجرد عودتهم إلى الوطن، وتشدد التدقيق على الطلاب الروس في الصين البالغ عددهم 20 ألف طالب روسي، وتحاول تجنيد الروس الذين لديهم أزواج صينيين كجواسيس محتملين.

ولكن قراءة أخرى للوثيقة تؤدي إلى استنتاج معاكس. فحقيقة أن بوتين يدرك جيداً على ما يبدو مخاطر توثيق العلاقة مع الصين وقرر المضي قدماً على أي حال، قد تشير إلى أن فرصة الولايات المتحدة في حمل روسيا على تغيير مسارها ضئيلة.

وقال ألكسندر جابويف، مدير مركز كارنيغي روسيا أوراسيا، الذي راجع الوثيقة بناء على طلب من صحيفة نيويورك تايمز: «يعتقد بوتين أنه يستطيع التعمق أكثر في هذا الاحتضان الصيني، وهذا ليس بلا مخاطر، لكنه يستحق ذلك». أضاف: «لكننا نرى أيضاً أن هناك أشخاصاً داخل النظام يشككون في هذا النهج».

روسيا تتجنب ذكر الاستخبارات الصينية كعدو محتمل

لقد تودد بوتين إلى شي لسنوات، في أكثر من 40 اجتماعاً شخصياً، وعزز شراكة أعمق بكثير مع الصين منذ غزو أوكرانيا. فبين البلدين تآزر اقتصادي طبيعي، فروسيا هي أحد أكبر منتجي الطاقة في العالم والصين أكبر مستهلك للطاقة في العالم.

وهذا يشكل تحدياً دقيقاً لعملاء مكافحة التجسس الروس. وتظهر الوثيقة أنهم يحاولون احتواء المخاطر التي تشكلها الاستخبارات الصينية دون التسبب في «عواقب سلبية على العلاقات الثنائية«. وتم تحذير الضباط بتجنب أي «ذكر علني لأجهزة الاستخبارات الصينية كعدو محتمل».

يقدم التوجيه الذي كُتب على الأرجح لتعميمه على المكاتب الميدانية لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، لمحة نادرة عن العالم الداخلي لأحد أقوى أجزاء مؤسسة الاستخبارات الروسية: إدارة عمليات مكافحة التجسس التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، والمعروفة باسم DKRO. كُتبت الوثيقة من قبل الدائرة السابعة في إدارة عمليات مكافحة التجسس التابعة لجهاز الاستخبارات الروسية، وهي المسؤولة عن مكافحة التجسس من الصين وأجزاء أخرى من آسيا.

ويهيمن على المذكرة القلق بشأن قابلية روسيا للتأثر ببكين المتزايدة القوة. ولكن من غير الواضح مدى شيوع هذه المخاوف في المؤسسة الروسية، بما يتجاوز وحدة مكافحة التجسس. حتى الدول الحليفة تتجسس بانتظام على بعضها البعض.

يقول بول كولبي، وهو زميل بارز في مركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفارد، والذي عمل لمدة 25 عاماً في إدارة العمليات في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، بما في ذلك في روسيا: «بالعودة إلى القول المأثور القديم، لا يوجد شيء اسمه خدمات استخبارات صديقة». تابع: «ليس عليك أن تنبش بعمق في أي مسؤول عسكري أو استخباراتي روسي لتحصل على شكوك عميقة تجاه الصين. وعلى المدى الطويل، فإن الصين، على الرغم من الشراكة غير المحدودة ومدى فائدتها، تشكل تهديداً محتملاً أيضاً».

الصين تستهدف أسرار روسيا الحربية وعلماءها

بعد فترة وجيزة من اندفاع القوات الروسية عبر الحدود إلى أوكرانيا، بدأ مسؤولون من شركات الدفاع الصينية والمعاهد المرتبطة بالمخابرات الصينية بالتدفق إلى روسيا. وكان هدفهم، وفقاً لوثيقة جهاز الأمن الفيدرالي، هو فهم الحرب بشكل أفضل.

تمتلك الصين علماء على مستوى عالمي، لكن جيشها لم يخض حرباً منذ صراع دام شهراً مع فيتنام عام 1979. والنتيجة هي القلق في الصين حول كيفية أداء جيشها في مواجهة الأسلحة الغربية في صراع على تايوان أو بحر الصين الجنوبي. يتوق مسؤولو الاستخبارات الصينية إلى فهم قتال روسيا ضد جيش مدعوم من الغرب.

وتقول وثيقة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي: «من الأمور التي تهم بكين بشكل خاص المعلومات حول أساليب القتال باستخدام الطائرات بدون طيار، وتحديث برمجياتها وأساليب مواجهة الأنواع الجديدة من الأسلحة الغربية». وتعتقد بكين أن الحرب في أوكرانيا ستصبح طويلة الأمد. لقد أحدث الصراع ثورة في تكنولوجيا وتكتيكات الحرب.

تخلفت الصين منذ فترة طويلة عن روسيا في خبرتها في مجال الطيران، وتقول الوثيقة إن بكين جعلت ذلك هدفاً ذا أولوية. وتستهدف الصين الطيارين العسكريين والباحثين في مجال الديناميكا الهوائية (aerohydrodynamics) وأنظمة التحكم والمرونة الهوائية. كما يجري البحث أيضاً، وفقاً للوثيقة، عن المتخصصين الروس الذين عملوا على طائرة إيكرانوبلان التي توقفت عن العمل، وهي سفينة حربية من نوع الحوامات التي نشرها الاتحاد السوفياتي للمرة الأولى.

يقول التقرير: «تعطى الأولوية في التوظيف للموظفين السابقين في مصانع الطائرات ومعاهد البحوث، وكذلك الموظفين الحاليين غير الراضين عن إغلاق برنامج تطوير إيكرانوبلان من قبل وزارة الدفاع الروسية أو الذين يعانون من صعوبات مالية».

ولا يتضح من الوثيقة ما إذا كانت جهود التجنيد هذه تقتصر على توظيف المتخصصين الروس في المشاريع الصينية أم أنها تمتد أيضاً إلى تجنيدهم كجواسيس.

وتظهر الوثيقة أيضاً أن روسيا قلقة للغاية بشأن نظرة الصين للحرب في أوكرانيا وتحاول تغذية جواسيس بكين بمعلومات إيجابية عن العمليات الروسية. وهي تأمر عملاء مكافحة التجسس الروس بإعداد تقرير للكرملين حول أي تغييرات محتملة في سياسة بكين.

وقد اتهم القادة الغربيون الصين بتزويد روسيا بمكونات أسلحة أساسية والعمل على إخفائها. وتؤيد وثيقة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي هذا الادعاء، حيث تشير إلى أن بكين اقترحت إنشاء سلاسل توريد لموسكو تتحايل على العقوبات الغربية وعرضت المشاركة في إنتاج طائرات بدون طيار وغيرها من المعدات العسكرية عالية التقنية غير المحددة. ولا تذكر الوثيقة ما إذا كانت هذه المقترحات قد تم تنفيذها، على الرغم من أن الصين زودت روسيا بطائرات بدون طيار.

اهتمام صيني بمجموعة فاجنر

وتلمح مذكرة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أيضاً إلى اهتمام الصين بمجموعة مرتزقة فاجنر، وهي مجموعة شبه عسكرية مدعومة من روسيا دعمت الحكومات في أفريقيا لسنوات وقاتلت إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا.

وتقول المذكرة: «يخطط الصينيون لاستخدام خبرة مقاتلي فاجنر في قواتهم المسلحة والشركات العسكرية الخاصة العاملة في دول جنوب شرق آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية».

ولا تشير صياغة التقرير إلى ما إذا كان جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يعتقد أن الصين تريد تجنيد مقاتلين سابقين من فاجنر في تشكيلاتها الخاصة أو أنها تريد ببساطة التعلم من خبراتهم.

روسيا قلقة من توسع الصين نحو أراضيها

تشعر موسكو بالقلق من أن بكين تحاول التعدي على أراضيها.

لطالما خشيت روسيا من تعدي الصين على طول حدودهما المشتركة التي يبلغ طولها 2615 ميلاً. وقد اعترض القوميون الصينيون لسنوات على معاهدات القرن التاسع عشر التي ضمت فيها روسيا أجزاء كبيرة من الأراضي، بما في ذلك فلاديفوستوك الحالية.

وتشكل هذه القضية الآن مصدر قلق رئيسيا، حيث أضعفت روسيا بسبب الحرب والعقوبات الاقتصادية وأصبحت أقل قدرة من أي وقت مضى على التصدي لبكين. ويثير تقرير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي مخاوف من أن بعض الأكاديميين في الصين يروجون لمطالبات إقليمية ضد روسيا.

وتقول الوثيقة إن الصين تبحث عن آثار «الشعوب الصينية القديمة» في الشرق الأقصى الروسي، ربما للتأثير على الرأي العام المحلي المؤيد للمطالبات الصينية. في عام 2023، نشرت الصين خريطة رسمية تضمنت أسماء صينية تاريخية لمدن ومناطق داخل روسيا.

وأمر جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ضباطه بفضح مثل هذه الأنشطة «الإحيائية»، بالإضافة إلى محاولات الصين استخدام العلماء الروس وأموال الأرشيف الروسي في أبحاث تهدف إلى ربط الانتماء التاريخي بالأراضي الحدودية.

وأمرت المذكرة بـ«القيام بأعمال وقائية فيما يتعلق بالمواطنين الروس المتورطين في الأنشطة المذكورة».

الصين تثير قلق روسيا في آسيا الوسطى والقطب الشمالي

لا تقتصر المخاوف بشأن توسيع الصين لنطاق نفوذها على المناطق الحدودية الروسية في الشرق الأقصى.

فقد استجابت دول آسيا الوسطى لموسكو خلال الحقبة السوفياتية. واليوم، وفقاً لتقارير جهاز الأمن الفيدرالي، طورت بكين «استراتيجية جديدة» لتعزيز القوة الناعمة الصينية في المنطقة.

وقد بدأت الصين في تطبيق هذه الاستراتيجية في أوزبكستان، وفقاً للوثيقة. ولا تتضمن الوثيقة تفاصيل الاستراتيجية سوى القول إنها تنطوي على التبادل الإنساني. وتعتبر أوزبكستان والدول المجاورة مهمة بالنسبة لبوتين، الذي يرى أن استعادة منطقة النفوذ السوفياتي جزء من إرثه.

كما يسلط التقرير الضوء على اهتمام الصين بالأراضي الروسية الشاسعة في القطب الشمالي والطريق البحري الشمالي الذي يعانق الساحل الشمالي لروسيا. ومن الناحية التاريخية، كانت تلك المياه جليدية للغاية بالنسبة للشحن البحري الموثوق به، ولكن من المتوقع أن تصبح مشغولة بشكل متزايد بسبب تغير المناخ.

يقلل الطريق من وقت الشحن بين آسيا وأوروبا. ومن شأن تطوير هذا الطريق أن يسهل على الصين بيع بضائعها.

حاولت روسيا تاريخياً فرض رقابة صارمة على النشاط الصيني في القطب الشمالي. لكن بكين تعتقد أن العقوبات الغربية ستجبر روسيا على اللجوء إلى الصين للحفاظ على «بنيتها التحتية المتقادمة في القطب الشمالي»، وفق وثيقة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي. وبالفعل، اعتمدت شركة الغاز الروسية العملاقة نوفاتيك على الصين لإنقاذ مشروعها للغاز الطبيعي المسال في القطب الشمالي، بعد أن كانت تستعين في السابق بشركة بيكر هيوز الأميركية للخدمات النفطية.

ويؤكد جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أن الجواسيس الصينيين ينشطون في القطب الشمالي أيضاً. ويقول التقرير إن الاستخبارات الصينية تحاول الحصول على معلومات حول تطوير روسيا للقطب الشمالي، مستخدمةً مؤسسات التعليم العالي وشركات التعدين على وجه الخصوص.

ولكن على الرغم من كل هذه الثغرات، يوضح تقرير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أن تعريض دعم الصين للخطر سيكون أسوأ. وتحذر الوثيقة الضباط بشكل مباشر من ضرورة حصولهم على موافقة من أعلى المستويات في المؤسسة الأمنية الروسية قبل اتخاذ أي إجراء حساس على الإطلاق.