بوتين يتمسك بـ«الأهداف الاستراتيجية» للعملية العسكرية في أوكرانيا

في تطور جديد يُسلّط الضوء على استمرار التباينات الجذرية بين أطراف الصراع في أوكرانيا، جدّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد، تمسّكه بالأهداف التي وضعتها موسكو لعمليتها العسكرية في أوكرانيا، مشدداً على أن هذه الخطوة ليست مجرد حملة عسكرية، بل «محاولة لإنهاء الأسباب الجوهرية للأزمة» التي تشهدها المنطقة منذ عام 2014.
وفي تصريح نقلته وكالة «سبوتنيك» الروسية، قال بوتين إن الهدف المركزي من هذه العملية هو «خلق الظروف لسلام دائم» وضمان «أمن الدولة الروسية»، في إشارة واضحة إلى تصاعد مخاوف موسكو من تمدد حلف شمال الأطلسي (الناتو) و«استغلال الأراضي الأوكرانية لتهديد الأمن القومي الروسي»، كما تروّج موسكو. وأضاف أن أحد المبررات الرئيسية للعملية هو «حماية مصالح السكان» في المناطق التي يعتبر قاطنوها روسيا وطنهم، في إشارة إلى شرق أوكرانيا والمناطق التي ضمتها روسيا مثل دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون.
مبادرة دبلوماسية
وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه الجبهات تصعيداً ميدانياً، وسط تقارير عن خسائر بشرية فادحة على الطرفين، وهو ما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى إعلان مبادرة دبلوماسية خاصة به.
وقال ترمب، في منشور عبر منصته «تروث سوشيال»، إنه سيُجري اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الروسي صباح الإثنين، لمناقشة «الحرب الدموية» في أوكرانيا، والتي أشار إلى أنها تحصد أرواح ما يقرب من 5000 جندي روسي وأوكراني أسبوعياً. وأكد أن الاتصال سيتناول أيضاً قضايا تجارية بين البلدين، قبل أن يُجري مكالمة لاحقة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تليها مشاورات مع قادة حلف الناتو.
ويُعدّ هذا التحرك محاولة من ترمب لتقديم نفسه كـ«وسيط سلام» قادر على إنهاء الحرب المستعصية، مستنداً إلى علاقاته السابقة مع قادة البلدين خلال فترة رئاسته، لكنه في الوقت ذاته يثير جدلاً داخلياً في واشنطن حول مدى شرعية تدخله في السياسات الخارجية الرسمية في ظل عدم توليه منصباً حكومياً حالياً.
عمق المأزق
التصريحات المتزامنة من بوتين وترمب تعكس عمق المأزق الذي وصلت إليه الأزمة الأوكرانية، من حيث التوازنات الاستراتيجية والعسكرية والإنسانية. فمن جهة، تؤكد موسكو على رؤيتها للصراع كمعركة وجودية تهدف لحماية أمنها القومي وإعادة رسم خرائط النفوذ في أوروبا الشرقية، فيما تستمر كييف، مدعومة من الغرب، في مقاومة التمدد الروسي بمزيج من الدعم العسكري والتمسك بالسيادة الوطنية.
أما على الجانب الأميركي، فيُبرز دخول ترمب على خط الأزمة تطلع بعض القوى السياسية إلى انتهاج مقاربة أكثر عملية – وربما أقل تصعيداً – من سياسات إدارة بايدن، التي واصلت تقديم دعم عسكري واسع لكييف، مقابل تعثر مسار التفاوض.
في ظل هذا المشهد المعقّد، يبقى مستقبل الأزمة مفتوحاً على كافة الاحتمالات، من التصعيد العسكري إلى فرص التهدئة المشروطة، مع ترقّب عالمي لأي بوادر تحرك فعلي نحو وقف الحرب.